فيما يدور الحديث عن اقتراحات والافكار تنسب الى الرئيس حسني مبارك لحل عقدة القدس التي تمنع الوصول الى اتفاق شامل بين الفلسطينيين والاسرائيليين، يحرص مسؤولو السلطة الفلسطينية على الاشادة بالعلاقة التاريخية مع القاهرة ودورها في انجاز اتفاقات اشتقت من الاتفاق الام، اعلان المبادئ في اوسلو عام 1993. ولكن هذه العلاقة بالتحديد هي التي دفعت ادارة الرئيس بيل كلينتون الى ممارسة الضغط على القاهرة للتدخل بحل وسط يضمن قبولا فلسطينيا وعربيا وحتى اسلاميا ويأخذ في الاعتبار ما تراه واشنطن اجماعا اسرائيليا ويهوديا حول اهمية الحرم القدسي في الايديولوجيا الدينية اليهودية الى جانب 320 موقعا اخر في المدينة هي في صميم الايمان الديني. وحاولت مصر التي اطلعت تفصيليا من اطراف كامب ديفيد الثلاثة على ما دار في المداولات، كسب السبق في ما اسماه الاسرائيليون وتبناه كلينتون ، وهو الحل الخلاق لعقدة القدس. وتقدمت بصيغ مختلفة كان آخرها ما بحثه الرئيسان كلينتون ومبارك في مطار القاهرة. وكانت صورة كلينتون وهو ينظر الى ساعته تشير الى حجم الاستعجال الاميركي وهي ايضا رسالة نقلت الى مصر بان الادارة الحالية ربما تكون الوحيدة او الاخيرة التي اوصلت عملية السلام الى ذروتها وان الايام المتبقية لها ليست طويلة كما ان الايام المتبقية لباراك قبل انتهاء العطلة الصيفية للكنيست هي ايضا قليلة. ولا يستبعد احد عودة اليمين الى حكم تل ابيب ما يعني اقفال ملف السلام او تجميده لسنوات. تحت هذا الالحاح المقرون بالتلويح الضمني بوقف المساعدات الاقتصادية الاميركية عملت مصر على جمع لجان فلسطينية - اسرائيلية مشتركة للعمل معها من اجل بلورة اقتراحات "عملية". واشار احد المشاركين الفلسطينيين اشار ل"الحياة" الى ان الافكار المصرية لم تتبلور تماما ولكنها قطعت شوطا كبيرا. وقال: "ان آخر المقترحات يتألف من عدة نقاط اهمها : - ابقاء القدس بحدودها البلدية الحالية مدينة مفتوحة وعاصمة لدولتين فلسطينية واسرائيلية يتمتع سكانها بحرية الحركة والتنقل وتحت سلطتين بلديتين تمثلان العرب واليهود. وبامكان كل دولة الحديث عن ان القدس هي عاصمتها وانها تتمتع بسيادة عليها. - السيادة الوظيفية في القدسالشرقيةللفلسطينيين وفي القدس الغربية للاسرائيليين في حين ان الشرطة المشتركة سترابط في خطوط التماس لضمان عدم الاحتكاك. - في البلدة القديمة تمنح السلطة الفلسطينية اشرافا على الاحياء العربية فيما تمنح اسرائيل سيطرة على الحي اليهودي. ويمكن للاسرائيليين الوصول الى حائط البراق المبكى من باب المغاربة او باب الخليل. - تفتح مختلف دول العالم سفارات لها في العاصمتين. -تعقد اجتماعات دورية بين الجانبين لتقييم سير الحل ومراجعة المشكلات الميدانية التي قد تطرأ". وتابع المصدر نفسه ان تعثر الحل سيؤدي الى تجميد الوضع الحالي في القدس مدة خمس الى عشر سنوات على ان يصار الى تفاوض مكثف بين دولتي فلسطين واسرائيل. ولكن الجانب الاسرائيلي اشترط لموافقته على ذلك اقرار الفلسطينيين بانهاء حالة الحرب مع اسرائيل، وهو ما رفضه الفلسطينيون. وعندها تقدم الاميركيون مجددا بحل ياخذ بالنقاط المصرية ولكنه يقسم الحرم القدسي الى اربعة اجزاء: المسجد الاقصى ومسجد الصخرة تحت السيادة الفلسطينية وحائط البراق تحت السيادة الاسرائيلية والانفاق تحت سيادة اسرائيلية مرفقة بوجود فلسطيني رمزي، وباحة الحرم تحت سيادة فلسطينية مرفقة بوجود اسرائيلي رمزي. وفي الاقتراح الاميركي ايضا ان تجميد قضية القدس للفترة المذكورة يمكن ان يرفق ببند ينص على انهاء النزاع ولكنه يبقي على الادعاءات، أي يسجل كل طرف مطالبه غير الملباة. وفيما اعتبر وزير شؤون القدس ، زياد ابو زياد ان مسألة تقسيم السيادة في الاقصى غير واردة فانه شدد على رفض ما يشاع من ان مصر تمارس ضغطا على الجانب الفلسطيني، مؤكدا وحدة الموقف العربي الرافض لاي سيادة اسرائيلية مهما كانت على الاقصى اوالقدسالشرقية. وفي الجانب الاسرائيلي، راى الوزير حاييم رامون ان الفلسطينيين مخطئون اذا اعتقدوا ان الحل يتأتى عن طريق تقديم الاسرائيليين وحدهم تنازلات. وتابع قائلا ان ضياع الفرصة الحالية لصنع الاتفاق سيجعل الصراع يمتد سنوات طويلة . وجاء حديثه خلال لقاء مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيتر هين الذي اعتبر الفرصة الحالية نادرة لتحقيق السلام ويجب اغتنامها لانها قد لا تعود مطلقا. من جانبه تحدث رئيس البلدية الاسرائيلية للقدس ايهود اولمرت فاشار الى عدم معارضته للمبدأ الغامض القائل بسيادة الله على القدس ولكنه قال ان المدينة يجب ان تظل تحت السيادة الاسرائيلية ودعا رئيس الوزراء باراك الى منح الجنسية الاسرائيلية لاهالي القدسالفلسطينيين باعتبار ذلك حلا للسيادة الادارية. واكد اولمرت ان منطقة الحرم القدسي يجب ان تظل بيد اسرائيل من حيث السيادة الامنية مما يحفظ حقوق اليهود، على حد قوله. ويذكر ان جدلا دينيا يدور في اسرائيل حول هذه القضية اذ ان الحاخامية الكبرى في اسرائيل كانت اصدرت امرا دينيا بمنع اليهود من دخول الاقصى خوفا من الدوس على الوصايا العشر التي يعتقدون انها متناثرة في باحاته وان دخولهم وصلاتهم هناك مرتبطة بقدوم السيد المسيح. لكن حركة متنامية في اوساط المتدينين اليهود تطالب بالعودة عن هذا الامر الديني والسماح بالصلاة في باحات الاقصى بل وبناء كنيس فيها.