أكد مسؤول سوري رفيع المستوى ل"الحياة" ان سورية تريد "ضمانات عربية" بأن الرئيس ياسر عرفات "لن يقدم تنازلات" بعد زيارة دمشق التي قال إنها صارت "من حيث المبدأ اقل اعتراضاً على استقباله". وبدا ان هذه "الضمانات" ستأتي عبر اتصالات بين سورية وكل من مصر والسعودية من جهة، و"التأكد من صموده" في مفاوضات الوضع النهائي مع اسرائىل، ليس في شأن موضوعي القدس واللاجئين فحسب، بل في قضايا السيادة والمستوطنات. وقال مسؤول فلسطيني ل"الحياة" ان "الصورة ستتضح تماماً" في الاسبوعين المقبلين في ضوء انعقاد لجنة القدس على مستوى وزراء الخارجية في المغرب في 28 الشهر الجاري ثم انعقاد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في 2 الشهر المقبل برئاسة فلسطين، الامر الذي يعني حضور عرفات. واشار المسؤول الى احتمال لقاء الرئيس الفلسطيني مع وزير الخارجية السيد فاروق الشرع في المغرب والقاهرة، والى ان "صمود" عرفات في اللقاء الذي سيجمعه مع الرئيس بيل كلينتون في السابع من الشهر المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، والمواقف التي سيتخذها المجلس المركزي بعد يومين من ذلك "سيمهدان الطريق امام استقبال دمشقلعرفات في حال صموده الكامل". ولاحظ المسؤول الفلسطيني ان الشرع "ترك الاحتمالات مفتوحة" خلال مقابلته مع قناة "الجزيرة" القطرية مساء اول امس، وانه "كان ايجابياً" خصوصاً عندما اشار الى ان الرئيس بشار الاسد لم يستقبل الى الآن مسؤولاً عربياً او غير عربي لاجراء محادثات سياسية. وكان وزير الخارجية السوري نفى وجود "فجوة" مع عرفات نفسه، مشيرا الى وجود "فجوة في المواقف السياسية. استقبلناه مرات كثيرة قبل اوسلو وبعدها وكنا نجري نوعا من التشاور وتبادل الرأي، لكن للاسف لم يكن هناك اي هدف ممكن ان يتبلور او يتحقق جراء هذه الزيارات ولم نشعر بامكان الالتزام حتى بعشرة في المئة مما نتحدث عنه". ويعتب السوريون على عرفات بسبب توقيعه اتفاق اوسلو العام 1993 من دون تنسيق مع دمشق، لأنه زار سورية قبل ايام من ذلك من دون ان يخبر المسؤولين السوريين بالمفاوضات السرية في النروج. ويعزز هذا قناعة بعض المسؤولين من ان عرفات "ربما" يفعل الامر ذاته، ويشيرون الى "احتمال ان تكون جولته الى عدد من الدول الاسلامية والعربية تمهيدا للتنازل عن القدس وموضوع اللاجئين". في المقابل، يشير مسؤولون آخرون الى "صعوبة ان يتنازل عرفات عن ذلك لأن الموضوع اكبر من ان يتنازل عنه اي مسلم او عربي، لأن فعل ذلك سيكون نهاية سياسية وشخصية وتاريخية. اي ان عرفات لايستطيع التنازل حتى لو اراد". وقال الشرع أول من امس: "لا نريد ان نستقبل انسانا وندفع ثمن هذا الاستقبال وعندما نستقبل اي سياسي فانه يجب ان يكون هناك اخذ وعطاء بين الزائر والمضيف. ولو كنا ندرك انه سيتحقق من هذه الزيارة أي موقف مشترك لما كان لدينا اي مشكلة حتى لو ان الوقت لم يكن مناسباً"، لافتاً الى وجود "تخوف" سوري من ان يكون "صمود" عرفات في كامب ديفيد "عابراً". وبعدما لمّح الشرع الى معرفة دمشق ب"امور خطيرة جرت في كامب ديفيد تؤدي الى شكوك كثيرة" مثل طلب باراك السيادة الاسرائىلية تحت المسجد الاقصى وبقاء السيادة الاسرائيلية على القدسالشرقية، تساءل: "هل اصبح العرب فئرانا حتى يزوروا القدس عبر الانفاق؟"، مؤكدا دعم بلاده "اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعلى الارض الفلسطينية". وعن العلاقة بين المسارين السوري والفلسطيني، اكد المسؤول السوري ل"الحياة" ان دمشق "رفضت بقوة" بعد توقف محادثات شيبردزتاون بين الشرع وباراك مطلع العام الحالي "الدخول في لعبة السباق بين المسارات". وأوضح: "رفضنا قبول هذا المبدأ. ورفضنا الذهاب الى شيبردزتاون ثانية من دون تقديم ضمانات واضحة بأان باراك سيوافق على ترسيم خط 4 حزيران يونيو 1967". وقال المسؤول ذاته: "حتى لو تم توقيع اتفاق سوري - اسرائىلي فاننا لن نتنازل عن حقنا في المطالبة بالقدس وحقوق الشعب الفلسطيني"، قال الشرع: "لا يمكن التفكير بحل سوري - اسرائيلي من دون حل لقضية فلسطين". وكرر تمسك بلاده بعملية السلام، مشيرا الى ان بلاده "جاهزة للسلام عندما تكون اسرائىل جاهرة لترسيم خط 4 حزيران"، واضاف: "اذا كانت المرونة تعني ان نعطي جزءاً من ارضنا لاسرائيل فهذا مستحيل".