} يؤكد وزير المال والاقتصاد البحريني عبدالله حسن سيف ان مساهمة النفط في الانتاج المحلي البحريني انخفضت من 36 في المئة منتصف الستينات الى 14 في المئة خلال العام الماضي 1999، وشهد القطاع نموّاً من حيث مساهمته في هذا الناتج راوح في الفترة نفسها عند 3،3 في المئة. ويقول الوزير أيضاً ان بلاده تعتزم المحافظة على مكانتها كمركز مالي رئيسي في منطقة الخليج. وفي الحديث التالي يوضح الوزير سياسة الحكومة البحرينيةالمالية والاقتصادية الحالية والمستقبلية. خلال اللقاء بين صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد والفاعليات الاقتصادية قدمتم عرضاً للوضعين المالي والاقتصادي في البحرين وقلتم ان النمو الاقتصادي حقق نسبة زادت على 4 في المئة عام 1998 وإنكم تتطلعون الى تحقيق نمو بمقدار 6 في المئة، فكيف ستحققون ذلك وما هي عناوين الخطة التي وضعتموها لبلوغ هذا الهدف؟ - تبذل الدولة في الوقت الراهن جهوداً كبيرة من أجل تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي وتصحيح مساره وتهيئته للانطلاق بمعدلات نمو مستقرة وممكنة، وذلك من خلال التوجهات الاقتصادية المستقبلية التي تتضمن بناء هيكل اقتصادي متنوع يتميز بالديناميكية وسرعة التكيف مع التطورات الاقليمية والدولية كوسيلة لضمان تحقيق التنمية الذاتية والاندماج في الاقتصاد العالمي وفقاً لأسس مدروسة. وكذلك دعم النشاط الاقتصادي الحر القائم على المنافسة وتكافؤ الفرص من خلال اعادة هيكلة قطاع الأعمال لمصلحة القطاع الخاص وتعزيز دوره في أخذ المبادرة وارتياد آفاق جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية وتوجيهه نحو الأنشطة المولدة للدخل والتي توفر فرص العمل للعمالة الوطنية. كما تشمل التوجيهات الاقتصادية المقبلة التركيز على الاستثمار في العنصر البشري وزيادة برامج التدريب للعمالة الوطنية، كما ان هناك توجهاً نحو تشجيع الاستثمار الأجنبي وخلق بيئة استثمارية ملائمة، فضلاً عن التغييرات الأساسية في مجال الادارة والأنظمة لتكون أكثر مرونة وتفي بالمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية للفترة المقبلة وتؤدي في الوقت ذاته الى توسيع الطاقات الاستيعابية للوظائف وتنشيط الحركة التجارية والمشروعات الصناعية الأمر الذي سوف يسهم في دعم الاقتصاد الوطني واستقراره. قام الاقتصاد البحريني على ركيزتين اساسيتين هما النفط وصناعة الألمنيوم. وهذان القطاعان تملكهما الدولة. هل لديكم خطط لتنمية هذين القطاعين وزيادة انتاجهما؟ وما هي؟ - تأتي صناعة تكرير النفط في طليعة الصناعات التحويلية الحديثة في البحرين والتي بدأ التشغيل فيها عام 1936، ومنذ مطلع الستينات تبنت الحكومة استراتيجية لتنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية لتقليل الاعتماد على النفط حيث تم تأسيس شركة المنيوم البحرين في عام 1968 وقد بدأ الانتاج في أيار مايو 1971. ويعد قطاع النفط وصناعة الألمنيوم من الأنشطة الاستراتيجية التي لا يزال بها طاقات كامنة للتنمية والتطوير بالاضافة الى ميزات تنافسية عالية. ففي صناعة التكرير ما زال في الامكان زيادة توليد طاقة التكرير والتكامل مع الصناعات التابعة في الدول التي تعاني محدودية طاقة التكرير. وفي قطاع الألمنيوم يمكن انشاء شركات محلية صغيرة بواسطة مستثمرين وطنيين كما يمكن انشاء شركات لتصنيع قطع الغيار المستخدمة في صناعة النقل بالاشتراك مع شركاء أجانب. وهذا ما تسعى اليه استراتيجية التنمية المعدّة للعقد المقبل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي في عدد من أنشطة الخدمات وهي: الرعاية الصحية، والخدمات ذات الأساس التقني، وخدمات قطاع الأعمال، والخدمات المالية، وتنمية قطاع السياحة والمؤتمرات والمعارض. على رغم النمو في الاقتصاد هناك عجز مستمر في الموازنة. ما هي الأسباب وما هي الوسائل لوقف هذا العجز ثم الوصول الى تحقيق التوازن فيها؟ - تختلف خصائص عجز الموازنة في الدول التي تعتمد على النفط كمصدر للايرادات عن خصائص عجز الموازنة في الدول التي تعتمد على جباية الضرائب. وحيث انه لا توجد ضرائب مباشرة أو غير مباشرة في الدولة فإن الاعتماد على الايرادات النفطية يعد المصدر الأساسي لإيرادات الميزانية حيث تشكل الايرادات من النفط ما نسبته 60 في المئة من ايرادات الميزانية. ونظراً الى ان تحديد أسعار النفط تتحكم فيه عوامل خارجية عدة فإن تذبذب اسعاره هبوطاً وصعوداً يجعل عملية السيطرة على العجز أكثر صعوبة. وقد اعتمد مجلس الوزراء الموقر استراتيجية المصروفات العامة في آذار مارس 1996 التي تهدف الى احتواء عجز الميزانية وتحقيق التوازن بين الايرادات والمصروفات بنهاية عام 2006. وتعتمد الاستراتيجية على محاور عدة هي: - منح عقود امتياز للقطاع الخاص لإدارة بعض الخدمات والأنشطة الحكومية. - استئجار المركبات. - بيع الأصول الحكومية التي لا جدوى من وراء احتفاظ الحكومة بملكيتها. - تطبيق مبدأ السوق في المعاملات الحكومية. - مراجعة مصروفات البرامج الحكومية. - الحد من تضخم الجهاز الاداري للدولة. - مراجعة الرسوم المفروضة على بعض الخدمات التي تقدمها الدولة. - مراجعة أنشطة الوزارات المختلفة لإزالة ازدواجية الاختصاصات بينها. - منح الاستقلال المالي والاداري لمؤسسات القطاع العام والسماح لها بممارسة نشاطها وفق قوانين السوق. - نقل ملكية بعض شركات القطاع العام الى القطاع الخاص. المعروف ان البحرين تتبع سياسة توسيع القاعدة الاقتصادية، وجانب من هذه السياسة يتمثل في جذب الاستثمارات الخارجية. هل نجحتم في ذلك وكم هو حجم الاستثمارات الخارجية في البحرين الآن؟ - تسعى استراتيجية التنمية المعدّة للعقد المقبل الى تنويع القاعدة الانتاجية للاقتصاد الوطني. والمرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية تمثلت في إنشاء المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية والذي من اختصاصه تحديد الأساليب والوسائل المناسبة التي تساعد دولة البحرين على جذب الاستثمارات الاقليمية والأجنبية ووضع القواعد والاجراءات التي تمكن المستثمر من انجاز معاملاته في أسرع وقت ممكن بالتنسيق مع الوزارات ذات الصلة، والإشراف على عملية الترويج للبحرين في الداخل والخارج واقتراح مجالات الأنشطة والخدمات والقطاعات التي يمكن تطويرها والتي تشمل القطاعات الانتاجية الحالية وخصوصاً صناعة النفط، والألمنيوم وقطاع السياحة الذي سيتم التركيز عليه لتطويره ليتمكن من جذب المستثمرين بإنشاء مراكز سياحية على غرار مشروع منتجع الدانة السياحي الذي تنفذه شركة الجزيرة للسياحة بحوالى 5،8 مليون دينار، ومشروع شركة درة خليج البحرين الذي تم الاتفاق عليه بين حكومة البحرين ومجموعة دلة البركة حيث يبلغ رأس مال الشركة المصرح به 200 مليون دينار ويقع على السواحل الجنوبية للبلاد على مساحة عشرين كيلومتراً مربعاً وسيشتمل على مركز كبير للانتاج الاعلامي والاقليمي وسلسلة من الفنادق الفخمة من فئة خمس نجوم وبنى تحتية ومراكز تسلية وترفيه. ومن أجل تهيئة المناخ الملائم للاستثمار تمنح الحكومة عدداً من الحوافز للمستثمر الأجنبي منها على سبيل المثال توفير أراضٍ للمستثمرين في المناطق الصناعية بأسعار رمزية، وإعفاء الآلات والمعدات والمواد الخام من الرسوم الجمركية. يقدر بعض الخبراء حجم موارد القطاع المالي في البحرين بمئة بليون دولار. هل هذا رقم واقعي، وكيف يتم توظيفه أو توزيعه على القطاعات الانتاجية؟ - بلغت الميزانية الموحدة لجميع المصارف في الدولة في نهاية عام 1999 ما يعادل 2،102 بليون دولار اميركي، منها 10 بلايين دولار ميزانية المصارف التجارية العاملة و2،88 بليون دولار ميزانية الوحدات المصرفية الخارجية و4 بلايين دولار ميزانية مصارف الاستثمار. ويحدد قانون المصارف في الدولة وظائف كل من المصارف التجارية والوحدات المصرفية الخارجية ومصارف الاستثمار. فالمصارف التجارية تختص باستلام ودائع المقيمين في الدولة وتقديم القروض لجميع القطاعات الاقتصادية فيها والاستثمار محلياً ودولياً. أما الوحدات المصرفية الخارجية فهي في أغلبها فروع لمصارف أجنبية ويقتصر نشاطها على التعامل مع غير المقيمين ومؤسسات القطاع العام. ويشمل عمل مصارف الوحدات المصرفية الخارجية استلام الودائع وإعطاء القروض لغير المقيمين بالدولة وتمويل المشاريع الاستثمارية. ويحق للحكومة السماح لمصارف الأفشور بتقديم تسهيلات ائتمانية لأي مشروع محلي متى رأت ان ذلك المشروع يخدم أغراض التنمية ويحتاج الى تسهيلات ائتمانية كبيرة لا تستطيع المصارف التجارية تقديمها. وقد ساهمت الوحدات المصرفية الخارجية منذ انشائها في عام 1975 في تدوير الفوائض المالية في ما بين الدول العربية حيث بلغت الودائع لدى هذه البنوك في نهاية عام 1999 ما مقداره 33 بليون دولار اميركي قامت بإقراض ما مجموعه 8،31 بليون دولار الى البلدان العربية. وتجدر الاشارة الى أن المصروفات الاجمالية للوحدات المصرفية في الاقتصاد المحلي تبلغ اكثر من 300 مليون دولار سنوياً. تبنت الدولة منهج الخصخصة لكن بعض الخبراء الاقتصاديين والماليين يقول ان الاسلوب المتبع في الخصخصة غير منظم ويحتاج الى اعادة نظر. هل توافق على ذلك؟ وما هي القطاعات المرشحة للخصخصة قبل غيرها؟ - الذي يتتبع الخطوات التي اتخذتها الحكومة باتجاه تبني استراتيجية الخصخصة منذ البداية وحتى المراحل التنفيذية والسياسات التي اعتمدتها لتنظيم العملية يرى بشكل واضح انها ماضية بجدية وبشكل منتظم ومدروس في تنفيذ استراتيجية الخصخصة. ففي عام 1989 وبناء على دراسة الخيارات الاستراتيجية للاقتصاد الوطني تم إعداد برنامج شامل للتخصيص أقره مجلس الوزراء ويجري الآن تنفيذه. وتم وفق هذا البرنامج تخصيص 14 شركة ومؤسسة حكومية. كما قامت وزارة المالية والاقتصاد الوطني باعداد برنامج جديد للمرحلة المقبلة ضمن الميزانية العامة للدولة اعتمده مجلس الوزراء ضمن ميزانية الدولة لعامي 1999 - 2000. وتقوم وزارة المالية والاقتصاد الوطني بمراجعة دورية للبرنامج المعتمد للتأكد من تحقيقه الأهداف المرجوة منه ومواكبته المستجدات الاقتصادية المحلية والدولية. كما انه يتم ضمن المراجعة السنوية لبرنامج الميزانية العامة للدولة من قبل مجلس الوزراء الاطلاع على ما تم انجازه في برنامج التخصيص. فالبرنامج موجود وواضح المعالم، وشاركت في وضعه ومراجعته جهات دولية. وتقوم الحكومة بعملية تقويم دورية مستمرة له بغية تطويره من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي الى الأمام. ومن بين المرافق والمشاريع التي تضعها الدولة حالياً في أولويات برنامجها للخصخصة مرفق النقل العام وبعض المرافق الحكومية، الى جانب بعض الشركات المساهمة الحكومية. من المعروف أن البحرين هي مركز مهم للمصارف في المنطقة، ولا سيما في ما يخص مصارف الأفشور، وقد اكتسبت خبرة طويلة في هذا المجال. كيف تقيمون دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني؟ وهل هو شريك في عملية الخصخصة التي تنفذونها؟ - يشكل النظام المصرفي في الدولة عنصراً أساسياً في استراتيجية التنمية الاقتصادية وفي مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وقد تمكنت المصارف من استخدام العنصر البشري بفاعلية عالية من حيث التدريب والتأهيل والقيمة المضافة. وتبلغ مساهمة قطاع الخدمات المالية والتأمين في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 1999 ما يعادل 22 في المئة منها 12 في المئة مساهمة مصارف الأفشور. وعلى رغم أن أغلب عمليات الوحدات المصرفية الخارجية تتم بين البنوك وغير المقيمين إلا أنها تقوم بإقراض المؤسسات المالية الكبيرة التي تسهم في عمليات الخصخصة. وتجدر الإشارة الى أنه سبق لمصارف الأفشور المساهمة في قروض توسعة شركة المنيوم البحرين وعدد من مشروعات التنمية الاقتصادية المحلية.