بدأت دول الخليج اتخاذ اجراءات للسيطرة على العجوزات في موازناتها تحسباً من ان ترتفع بشكل حاد جراء تراجع اسعار النفط السنة الجارية. وتتضمن تلك الاجراءات الالتزام الكامل من قبل المؤسسات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدلات الانفاق وخفض المصاريف في عدد من القطاعات. وأشار مدير الدائرة الاقتصادية في مصرف الامارات الصناعي محمد العسومي الى ان "دول مجلس التعاون لن تسمح بأن يخرج العجز عن سيطرتها بعد الجهود الكبيرة التي قامت بها في الاعوام الماضية لمعالجة هذه المشكلة واعلانها خطط إصدار موازنات متوازنة في المستقبل القريب". وقال: "بدأت دول الخليج تتخذ اجراءات تتضمن ترشيد الانفاق لمواجهة الانخفاض المتوقع في الايرادات النفطية وإبقاء العجز عند معدلاته المتوقعة". واستبعد العسومي تخفيضات كبيرة في المصاريف لأن ذلك سيؤثر على النمو الاقتصادي اذ لا يزال الانفاق الحكومي يشكل المحرك الرئيسي في عملية التنمية في المنطقة". وكان مصرف الامارات الصناعي توقع في دراسة بداية السنة الجارية ان يرتفع العجز الفعلي في موازنات دول المجلس بنسبة 60 في المئة في غياب اي تحسن في اسعار النفط وعدم قيام الحكومات بترشيد الانفاق. ويبلغ العجز المتوقع في الاقطار الستة لسنة 1998 نحو 12.44 بليون دولار في مقابل نحو 7.8 بليون دولار العام الماضي. ويعود ارتفاع العجز الى توقع انخفاض الايرادات وزيادة الانفاق في بعض الدول الاعضاء. وفي السعودية بلغ حجم الانفاق المتوقع نحو 52.2 بليون دولار وهو من أعلى المستويات منذ 10 أعوام وتم افتراض سعر مرتفع للخام السعودي. لكن السعر كان بعكس التوقعات اذ لم يتجاوز 13 دولاراً في الثلث الأول من السنة الجارية، مما قد يؤدي الى زيادة في العجز المتوقع بنحو 4.8 بليون دولار حسب رأي الخبراء. لكن الخبير السعودي إحسان أبو حليقة أكد "ان الحكومة تتخذ اجراءات لاحتواء العجز" مشيراً الى ان معالجة المشكلة تعد من أولويات الحكومة السعودية في الوقت الحاضر. وأوضح مدير الدائرة الاقتصادية في "البنك الاهلي التجاري" السعودي هنري عزام ان العجز قد يتجاوز 10 بلايين دولار اذا احتسب سعر النفط في حدود 14 دولاراً للبرميل وفي غياب اجراءات تقشفية، لكنه أكد بأن ذلك لن يشكل أي مشكلة للحكومة السعودية حيث تمت معالجة العجز بسهولة من خلال الاقتراض الداخلي في الاعوام الماضية حتى عندما كان العجز مرتفعاً. كما أعلنت الكويت أخيراً بأنها ستخفض الانفاق بنحو 25 في المئة للسنة الجارية. وقالت قطر انها ستحذو حذو الكويت على رغم الزيادة الكبيرة في صادراتها من الغاز المسيل. وفي عمان أكد وزير الاقتصاد الوطني محمد مكي الاسبوع الماضي بأن الدوائر الحكومية ستلتزم بشكل تام حجم الانفاق المخصص لها وان هناك اجراءات اضافية لخفض المصاريف في عدد من القطاعات وزيادة الايرادات غير النفطية لاحتواء العجز وتعويض التراجع المتوقع في الدخل النفطي. ولم يتم الاعلان عن أي اجراءات مماثلة في الامارات لكن أبوپظبي درجت على خفض المصاريف خلال السنة في حال هبوط الايرادات النفطية مما أوجد فائضاً في نهاية الاعوام الماضية. ولن تتأثر البحرين كثيراً بتدهور اسعار النفط نظراً الى ان انتاجها ضئيل وتعتمد على الضرائب والتعرفة الجمركية وصادرات الالومنيوم في دخلها الوطني. ويؤكد الخبراء ان اجمالي الناتج المحلي في دول المجلس، التي تستحوذ على نحو 45 في المئة من احتياط النفط الدولي، سيسجل نمواً ايجابياً السنة الجارية على رغم الانحسار في الناتج النفطي وتخفيض الانفاق الحكومي. وتوقعوا ان يكون معدل النمو أقل من عامي 1996 و1997 عندما نمت اقتصادات الدول الست بما يراوح ما بين 7 و15 في المئة نتيجة للارتفاع الحاد بأسعار النفط مما شجع الحكومات على رفع معدلات الانفاق. وتشير دراسة المصرف الصناعي الى ان حجم الانفاق المتوقع في المجلس يصل الى 86.7 بليون دولار والايرادات 74.3 بليون دولار السنة الجارية، مقابل إنفاق فعلي بلغ 88.49 بليون دولار وايرادات قدرت بنحو 80.6 بليون دولار عام 1997.