تسبب قرار قادة الأحزاب المصرية خوض الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، في زيادة حدة المعركة في دوائر عدة في محافظات مختلفة، لا سيما أن التوقعات بالتنسيق بين معسكري المعارضة اليسار واليمين أصبحت بعيدة المنال وغير منتظرة. وتعد الانتخابات خارج العاصمة أكثر سخونة، لأن التكتلات العائلية في الريف المصري تلعب دوراً حاسماً وراء المرشحين، وتعطي للانتخابات درجة حرارة أعلى، خصوصاً أن غالبية قادة الأحزاب يخوضون الانتخابات فيها. ففي وسط القاهرة، حيث دائرة قصر النيل، والتي اعتاد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد الليبرالي السيد ياسين سراج الدين تمثيلها، قرر "حزب التجمع" اليساري طرح منافس بارز هو السيدة أمينة شفيق عضو المجلس القومي للمرأة، الامينة العامة السابقة لنقابة الصحافيين. ويشار إلى أن المقر المركزي ل"التجمع" يقع في قلب هذه الدائرة. في المقابل، اعتاد رئيس حزب التجمع السيد خالد محيي الدين تمثيل دائرة كفر شكر في محافظة القليوبية، شمال العاصمة، وينوي حزب "الوفد" الذي مثل مرشحه منافساً قوياً لزعيم اليسار في الانتخابات الماضية، إعادة تكرار التجربة على أمل اقصائه عن دائرته التي احتكرها لعشرات السنين. ولا تختلف الصورة في دائرة شربين محافظة الدقهلية حيث يواجه زعيم حزب العمل المهندس ابراهيم شكري منافسة قوية متوقعة، وإن لم تكن مع المعارضة، وإنما مع الحزب الوطني الحاكم الذي يعتزم ترشيح وزير التعليم العالي الدكتور مفيد شهاب لشغل المقعد، وهو صاحب سمعة طيبة وتاريخ سياسي قديم شعبي ورسمي. وفي محاولة لاستعادة مقعده المفقود، يخوض الامين العام للحزب الناصري السيد ضياء الدين داود الانتخابات في دائرة الروضة في محافظة دمياط، في مواجهة النائب الحالي عن الحزب الحاكم خليل قويطة الذي استطاع إقصاء الزعيم الناصري بفارق لا يزيد على مئة صوت قبل خمسة أعوام. إلا أن داود نجح في الحصول على حكم قضائي بأحقيته في المقعد، لكن البرلمان لم يعترف بذلك. وتعد دائرة الدقي وسط محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة، أكثر الدوائر سخونة وإثارة، إذ سيتكرر ثانية سيناريو المواجهة بين النائبة البارزة وكيلة البرلمان الدكتورة آمال عثمان، ونائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" المستشار مأمون الهضيبي الذي أدى فشله في الانتخابات قبل خمسة أعوام الى ردود فعل واسعة، واتهامات بالتزوير لمصلحة الوزيرة السابقة. واللافت انصراف المعارضة عن الترشيح في هذه الدائرة والتي دائماً ما تجري المواجهات فيها بين مرشحي الحزب الحاكم و"الإخوان". وفي المقابل لا يتوقع قادة الحزب الحاكم صعوبة في دوائرهم، خصوصاً الأمين العام الدكتور يوسف والي الذي يعتمد على قوة نفوذ عائلته في دائرته في محافظة الفيوم، وأمينه المساعد لشؤون التنظيم السيد كمال الشاذلي الذي يعد أقدم نائب، اذ احتكر دائرته الباجور في محافظة المنوفية لأكثر من ثلاثين عاماً متواصلة. ويظل النائب البارز الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجهورية مطمئناً للاحتفاظ بمقعده، نظراً الى الدور المهم الذي لعبه في البرلمان على مدار عشر سنوات، ونفوذه الجماهيري القوي في دائرة الزيتون شرق القاهرة.