عكست نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات المصرية ازدياداً في الشقوق التي أصابت جدار الحزب الوطني الحاكم وهزيمة كبيرة لحزب الوفد الليبرالي، مقابل رسوخ قواعد جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة وتنامي القبول الشعبي لمناهضي العلاقات مع إسرائيل واميركا من الناصريين واليساريين. خرجت قوى المعارضة السياسية باستثناء حزب الوفد، من الجولة الأولي للمرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية المصرية راضية بعدما حققت نتائج ايجابية في الوقت الذي خسر فيه الحزب الحاكم نحو 45 في المئة من مرشحيه قبل جولة الاعادة التي ستجرى يوم السبت المقبل. وتسبب العدد الكبير للمرشحين في تشتيت أصوات الناخبين الأمر الذي سيجعل المرشحين الذين اتوا في المرتبتين الأولى والثانية في نحو 95 في المئة من الدوائر التي جرى فيها الاقتراع أمس، يخوضون جولة الإعادة اذ لم يفز في الجولة الأولى سوى 18 مرشحاً فقط 11 منهم من الحزب الوطني، بينهم وزير الري الدكتور محمود أبو زيد، وسبعة مستقلين. وسيخوض 75 مرشحاً من الحزب الوطني جولة الإعادة من بين 134 رشحهم الحزب لتلك المرحلة. وصدمت أوساط الحزب الحاكم لسقوط رموز بارزة على رأسها وزير الاقتصاد السابق الدكتور مصطفى السعيد ورئيس لجنة الصحة في البرلمان الدكتور شريف عمر ورئيس اتحاد الكرة السابق السيد سمير زاهر وأمين الحزب الوطني في محافظة الشرقية السيد طارق الجندي وزميله رئيس المجلس المحلي في المحافظة الدكتور محمود متولى. وفشل الحزب في تعويض الخسارة الفادحة التي مني بها في المرحلة الأولى وبات عليه اللجوء مجدداً إلى ضم المنشقين عنه ممن اصروا على ترشيح أنفسهم في مواجهة مرشحيه. وتوقع مراقبون أن يحقق الحزب الحاكم في نهاية الانتخابات البرلمانية غالبية تصل الى 80 في المئة من عدد مقاعد البرلمان معتمدا على المنشقين الذين مثلوا له طوق الانقاذ من فقدان ثلثي المقاعد وهو الحد الأدنى المطلوب للهيمنة على البرلمان. وبدت جماعة "الإخوان" أكثر القوى قدرة على التعاطي مع الانتخابات في ظل الإشراف القضائي والأكثر استفادة من نتائجها. وبعدما نالت ستة مقاعد في المرحلة الاولى اضافة الى مقعدين محتملين بحصول مرشحيها في دائرة الرمل على أعلى الأصوات قبل أن يتم وقف الانتخابات في الدائرة لتجرى في موعد لاحق، عاد التنظيم ليحقق نتائج ايجابية في المرحلة الثانية التي كان رشح فيها 25 من رموزه تمكن 14 منهم من نيل أعلى الاصوات في دوائرهم ما سيمكنهم من خوض جولة الإعادة. وتحدثت اوساط "الجماعة" عن تدخلات امنية وإدارية تسببت في عدم فوز أربعة من مرشحيها من الجولة الاولى، واتهمت أجهزة الأمن بالتسبب في الصدامات التي وقعت مساء أول من أمس في قرية سندوب في الدقهلية. وحافظ حزب التجمع اليساري على صعوده بدفع ثلاثة مرشحين الى جولة الإعادة وهم مختار جمعة من اسوان وعلي زهران من دمياط وعاطف المغاوري من الشرقية ليزداد أمله في رفع عدد مقاعده في البرلمان. وكان الحزب رشح 14 من اعضائه لهذه المرحلة، فيما خسر مقعدين للنائبين محمد الضهيري ورأفت سيف. وحصل الحزب على ثلاثة مقاعد في المرحلة الأولى. وعوّض الحزب الناصري خسائر المرحلة الاولى التي لم يحقق فيها أي نجاح بعدما تمكن أمينه العام السيد ضياء الدين داود من التفوق على منافسيه في محافظة دمياط ليترشح لجولة الإعادة بفارق كبير من الاصوات، ومعه عضو المكتب السياسي السيد عبدالعظيم المغربي في محافظة كفر الشيخ الذي حصل على نسبة من الاصوات تجعل من الصعب على منافسيه هزيمته في جولة السبت المقبل. وعلى رغم أن حزب الوفد نجح في الدفع بثلاثة مرشحين الى جولة الإعادة، ما يمثل تقدماً على المرحلة الاولى التي فاز فيها بمقعد واحد، إلا أن نتائجه ما زالت هزيلة مقارنة بعدد مرشحيه الذي بلغ في المرحلتين 125 مرشحاً، ويمكن القول ان تركيبة البرلمان حتى نتائج أمس تشير الى تنوع واسع يشمل كل ألوان الطيف السياسي، حيث تتصدر جماعة "الاخوان" كتلة المعارضة، فيما جاء معسكر اليسار التجمع والناصريين في المرتبة الثانية وأخيراً حزب الوفد. ويتوقع أن يواجه الحزب الحاكم بغالبيته التقليدية كتلة معارضة قوية قوامها المستقلون وجماعة "الاخوان" واليساريين، ولن يقل عددها وفقاً لتقديرات المراقبين عن 70 نائباً من بين 444 عضوا في البرلمان.