انتقدت مؤسسات ثقافية مصرية بشدة الحملة التي بدأتها اخيراً صحيفة "الشعب" لسان حال حزب العمل المتحالف مع جماعة "الاخوان المسلمين" المتشددة ضد رواية "وليمة لأعشاب البحر" التي صدرت في طبعة شعبية في أواخر العام الماضي عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة "آفاق الكتابة" التي يرأس تحريرها الروائي المصري إبراهيم اصلان. وفي هذا الاطار أصدر اتحاد الكتاب المصريين بياناً في ما يلي نصه: "تابع اتحاد الكتاب، بقلق، ما أثير حول رواية وليمة لأعشاب البحر للكاتب السوري الكبير حيدر حيدر، والتي نشرت اخيراً ضمن مطبوعات الهيئة العامة لقصور الثقافة. إن أخطر ما اقدم عليه اصحاب هذه الحملة قراءتهم غير السليمة التي انتزعت العبارات من سياقها بما يعطي معنى مغايراً تماماً لما تريده الرواية. واتحاد الكتاب، من منطلق حرصه على حرية الكاتب يعلن رفضه للحملات التي تثار بين حين وآخر بهدف النيل من حرية المبدع العربي، ويُدين هذه الحملة الاخيرة، التي لا مبرر لها إزاء عمل روائي لمبدع سوري كبير، صدرت طبعته الاولى منذ سنوات، واعيد طبعه في العديد من الدول العربية وتم توزيعه في كل أرجاء العالم العربي، بما فيها مصر". وجاء في ختام البيان أن الاتحاد إذ يجدد دعمه لحرية الابداع والفكر والخيال الفني، يدعو الهيئات والمؤسسات المعنية بالثقافة أن تؤكد تأييدها لهذه الحرية والحفاظ عليها من كل عوامل الهدم والتقييد. وتناول الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الموضوع نفسه في مقاله الاسبوعي في صحيفة "الأهرام" يوم الاربعاء الماضي، تحت عنوان "ضجة مفتعلة جداً"، معتبراً أن تلك الحملة التي هاجمت بعنف المسؤولين في هيئة قصور الثقافة لنشرهم رواية "وليمة لأعشاب البحر"، تأتي في إطار "حملات متواصلة يبدو أن المقصود منها هو تدمير الثقافة المصرية وإرهاب المثقفين المصريين وإسكاتهم حتى يصبح طريق المتطرفين ممهداً الى سلطة لا ينازعهم فيها أحد". ووصف الناقد علي أبو شادي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة مقال الكاتب محمد عباس الذي بدأت به "الشعب" حملتها بأنه "دليل على طبيعة المنهج الإقصائي والانتقائي الذي يقوم به البعض في محاولة لتصوير أنفسهم بأنهم هم وحدهم حماة الاديان والمتحدثون باسم الله جل جلاله على الارض". وأضاف، في بيان اصدره رداً على حملة صحيفة "الشعب"، أن الكاتب الروائي في العمل الإبداعي ليس ملزماً بتقديم عظات جمالية او خطب منبرية، إنما هو يصور جميع طبقات المجتمع في أوج سموقها او انحطاطها، وهو في ذلك إنما يعبر عن واقع الشخصيات نفسها، لا عن رأيه الخاص. وأصدرت "اللجنة التحضيرية لتجمع المثقفين المستقلين في مصر"، بياناً وصفت فيه حملة صحيفة "الشعب" بأنها ظالمة ومتورطة في التحريض على العنف ضد المشرفين على إعادة طبع رواية حيدر حيدر. وجاء في البيان انه "إذا كنت تطالب بحرية التعبير لنفسك فلا بد أن تطالب بحرية من يخالفونك الرأي"، في إشارة إلى اعتبار "الشعب" إحالة عدد من محرريها على القضاء بسبب انتقاداتهم لسياسة نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة يوسف والي "أمراً مناقضاً لحرية الرأي". وأضاف بيان "اللجنة التحضيرية" أن حملات التحريض على العنف لا تهدد شخصاً بمفرده ولا جسم المثقفين فحسب، إنما هي تهديد حقيقي للوطن كله وتبديد للجهد باستدراجنا الى معارك مفتعلة بدلاً من العمل من أجل ترسيخ تقاليد ديموقراطية ومواجهة ما يتهددنا من مخاطر داخلية وخارجية. وتضم هذه "اللجنة" عدداً كبيراً من أبرز الأدباء والفنانين والصحافيين المصريين. ويذكر أن صحيفة "الشعب" اتهمت كاتب "وليمة لأعشاب البحر" والمشرفين على إعادة طبعها في مصر بأنهم أساءوا الى الدين الإسلامي وطالبت النائب العام المصري التحقيق معهم، استناداً الى عبارات مجتزأة من الرواية.