بعدما لوحت موسكو بالقبضة العسكرية وهددت بقصف أفغانستان، أخذت تتراجع تدريجاً. وقال وزير الخارجية ايغور ايفانوف أمس إن بلاده لا تريد أن "تمضي شوطاً أبعد". وأكدت واشنطن أ ف ب، ان ايفانوف أبلغ وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت أن موسكو لا تعتزم شن غارات جوية على "طالبان". وحذر الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف من تكرار "المغامرة الأفغانية". وقال إن الشعب دفع ثمناً باهظاً بسبب ذلك الخطأ. ولوحظ ان الرئيس فلاديمير بوتين التزم الصمت المطبق، على رغم أنه تحدث إلى الصحافيين غير مرة بعد إعلان مساعده سيرغي ياسترجيمبسكي احتمال انزال "ضربات وقائية" بقواعد في أفغانستان، تقول موسكو إنها تستخدم لتدريب شيشانيين ومعارضين من أوزباكستان وطاجيكستان. وأكد هذا الاحتمال وزيرا الخارجية والدفاع وسكرتير مجلس الأمن القومي. وكان أعلن ان تدريبات "الدرع الجنوبي 2000" كانت شملت مناورات لقصف خصم محتمل في أفغانستان. إلا أن ايفانوف "خفف" من لهجته بعد اجتماعه إلى نظيرته الأميركية مادلين أولبرايت في فلورنسا على هامش اجتماعات المجلس الوزاري بين روسيا وحلف الأطلسي. وطلب من الصحافيين "ألا يفسروا التصريحات في شأن أفغانستان على كيفهم، بل ينبغي ابقاؤها ضمن السياق الذي وردت فيه". وتابع ان موسكو قلقة من الوضع في أفغانستان حيث يجري "التحضير لعمليات ارهابية" يمكن ان تمس مصالح روسيا وشركائها في آسيا الوسطى. وزاد: "طبيعي ان تكون هناك سيناريوهات مختلفة وسنتصرف وفق تطورات الوضع". إلا أنه شدد على أن "من غير المجدي المضي شوطاً أبعد". وهو تصريح عده المراقبون تراجعاً وتأكيداً بأن الكلمات النارية لن تتحول إلى نار فعلية. وعلى رغم ان ايفانوف نفى ان يكون بحث الموضوع مع أولبرايت، فإن وكالة "انترفاكس" نقلت عن مصدر أميركي رفيع المستوى قوله إن الجانب الروسي تعهد خلال لقاء الوزيرين بأن موسكو "لا تناقش ولا تخطط" لإنزال ضربات احترازية. ومن جانبه، انتقد غورباتشوف التهديد بالعمل العسكري، وقال إذا كانت موسكو "تريد استنساخ ما قامت به واشنطن، فعليها ان تتذكر أنها روسيا اتخذت موقفاً سلبياً" من قرار ضرب أفغانستان ومن ثم يوغوسلافيا. وقال الرجل الذي قاد عملية سحب القوات السوفياتية من أفغانستان: "إننا دفعنا ثمن المغامرة الأفغانية باهظاً وخرجنا منها بصعوبة هائلة وبخسائر كبيرة". وردّ زعيم "طالبان" الملا محمد عمر على التهديدات الروسية داعياً العالم كله للقدوم الى افغانستان والتحقق من وجود "مراكز تدريب" في المناطق الخاضعة لسيطرة حركته. وقال الملا محمد عمر في تصريحات صحافية في قندهار بأنه "إذا ثبت وجودها سنقوم بتدميرها، مشدداً على عزم حكومته على الدفاع عن أفغانستان في حال تعرضت لهجوم روسي أو من أي من الدول المجاورة".