رشاد فؤاد طبيب شاب يعمل في جراحات الليزر، وهو مدرس مساعد في كلية طب جامعة الأزهر، حصل على المركز الأول في مسابقة رابطة الأدب الإسلامي العالمية للقصة القصيرة، وشارك في عدد من المؤتمرات الأدبية. يقول: كنت صبياً يعبث بالكتب القديمة، فاستغرقتني بعد ذلك لتأخدني إلى عوالمها، وكان الولع بالقراءة والوقوف فترات طويلة على رصيف سيدي جابر في الاسكندرية لتصفح كل ما يعرضه بائع الصحف والمجلات. إنها التراكيب الأولى التي تتكون في صمت كما يتكون الجنين في رحم أمه من مضغة قوامها بليون خلية في صمت رهيب، وحين يؤذن له يصرخ معلناً وجوده، كذلك الأدب تتكون إرهاصاته في ركن بعيد داخل النفس حتى يصرخ بها الأديب فتخرج زفراته إبداعاً، سواء كان نثراً أو شعراً. سألناه: يعتقد الكثيرون بأن قلب الجراح من دون مشاعر فكيف يكون الجراح أديباً؟ فأجاب: هذه المقولة ظالمة بكل المقاييس، فقلب الجراح ليس جامداً، أو "ميتاً" لكنه قلب عاقل يجتهد ليحكم على الأشياء ويتوخى الحذر والصواب، والجراح شأن أي طبيب يشعر بمعاناة المريض، ويقدم له الحل ليخفف عنه وطأة الألم، وهو الذي يتقدم بحله عندما يتراجع الآخرون، وهو أكثر الأطباء سهراً إلى جوار مرضاه، وهو الذي يهرع إلى مريضه في أي لحظة لينقذ نازفاً أو يطبب مجروحاً، فكيف يتهم بجمود القلب؟ إنه اتهام يفضح نفسه ولا صحة له، إلا إذا كان العطاء والمساعدة سُبّة في جبين صاحبهما. وهل ينوي اعتزال الطب والتفرغ للأدب؟ قال: هذا السؤال صعب جداً، ومرده أن الطب ليس مهنة يرتزق منها، لكنه ممارسة في آلام الناس وأفراحهم، هناك علاقة غريبة ومعقدة بين الطب والأدب، فالأديب إنسان يبحث فكرة، والطبيب إنسان لديه كنز من الأفكار، فإذا اجتمع الأدب والطب معاً اجتمعت الفكرة للباحث. لكن القضية أن الطب يحتاج إلى استغراق الطبيب في عمله بكل حواسه، والأدب يحتاج إلى إبعاد الحواس لحظة وإعمال الخيال، والخيال يضر الطب. وهكذا يدور الطبيب الأديب في فلك هذا الإشكال، وقد يتغلب أحد الطرفين على الآخر فيه، لكنني شخصياً لا أعتقد أنني أنوي ترك حرفة الجراحة إلى عالم الأدب، كما لا أظنني قادراً على البعد عن رياض الأدب! وهل يمكن أن يوازن الطبيب بين عمله الأكاديمي وهواية الأدب؟ يقول رشاد فؤاد: ينتهي الصراع دائماً لمصلحة أحد الطرفين، فهناك من ينتزعه الأدب انتزاعاً فيستغرق في عالمه، فلا يكون له ذكر كطبيب، والأسماء في هذا المجال كثيرة. ففي عالمنا العربي يوجد يوسف إدريس ومصطفى محمود وعبدالسلام العجيلي، وأولئك خطفهم الأدب من عالم الطب تماماً، وهناك من حققوا ما يشبه المعجزة فأبدعوا في عالم الطب، واشتهروا فيه، وأبدعوا في المجال الأدبي كذلك، ويحفل بهم تاريخنا الطويل، بدءاً بابن سينا، ذلك الطبيب الأديب الفيلسوف، وابن رشد مروراً بأحمد زكي أبو شادي الشاعر الذي قتله الحب والطبيب الذي عاش بالألم، وإبراهيم ناجي الشاعر الذي صنعه الحب والألم، وحسن ابراهيم باشا الشاعر الذي عاش في "مجمع الخالدين"، وانتهاء بيحىى الرخاوي طبيب النفس والشاعر، والطبيب الشاعر أحمد تيمور وغيرهم. وعن نتاجه يقول ان له تحت الطبع كتاب "أخطر أوبئة القرن"، وهو دراسة كاملة عن وباء التدخين ومضاره الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والصحية، لا سيما بعد صدور قرار منظمة الصحة العالمية باعتبار التدخين مرضاً. وهناك كتاب آخر عنوانه "الليزر.. الأشعة الساحرة واستخدامها في المجال الطبي"، وهو نوع من الكتابة العلمية لتبسيط العلوم للشباب للتعرف الى تكنولوجيا القرن المقبل والتي يحتل الليزر فيها مكانة مرموقة، اضافة إلى عدد من المقالات العلمية المنشورة في الدوريات العربية والمصرية. وفي مجال الابداع رواية "بلا جذور" الفائزة في مسابقة رابطة "الأدب الإسلامي العالمية"، اضافة الى مجموعة قصصية بعنوان "الوجه الآخر" التي ضمنها مجموعة من أشكال القصة القصيرة والأقصوصة وهي قيد النشر.