في واحدة من الأيام الدراسية خلال فصل الشتاء، وبسبب تقلبات الجو، وصلتُ متأخراً إلى الصف الدراسي بالجامعة، وهناك وجدت المحاضر منهمكاً في النقاش مع الزملاء في أحد الموضوعات، لم أستطع متابعتهم أو التركيز بسبب صوت تلفاز مزعج من الصف المجاور. وعليه، بهدوء ذهبت إلى هناك وبلطف سألت خفض الصوت لأنه يؤثر علينا، لحسن الحظ تجاوب الطلاب هناك وتم حل المشكلة بسرعة. وحين عودتي إلى صفّي الدراسي، وجدت المحاضر يرمقني بشكل مطول وكذلك بقية الزملاء، بما جعلني أتوجس خيفة، إلى أن سألني المحاضر: ماذا فعلتَ لتحلّ مشكلة الإزعاج من الصف المجاور؟ وحين أخبرته بما حصل، ابتسم ثم خاطب الزملاء: كنت أناقشكم عن طريقة لحل هذه المشكلة، وتفاوتت الإجابات بين تقديم شكوى رسمية إلى إدارة الجامعة، أو أن نرفع صوت التلفاز في صفنا لنرد لهم الإزعاج. لكن نسينا أن أفضل طريقة لحل المشاكل قد تكون التواصل المباشر والنقاش بشكل موضوعي، والأهم هو أخذ المبادرة دون تأخير وبدء الحوار حتى لا يتفاقم الوضع بسبب سوء فهم غير مقصود. وهذا ينطبق على أمور كثيرة في الحياة، بدءاً من المشاكل البسيطة داخل البيت والصفّ، ووُصولاً إلى المفاهمات الكبرى بين الشركات في عالم الأعمال. آخر ما حصل في هذه القصة، رغم ابتهاجي بكوني صاحب الحل الأمثل، إلا أن المحاضر خصم من درجات الحضور والمواظبة في ذلك اليوم لأنني وصلت متأخراً إلى الصف الدراسي! وبهذا أضفت أهمية احترام وتطبيق النظام كدرس مستفاد بجانب الأثر الكبير لأخذ المبادرة في الحياة. د. وائل أمان الله بخاري