لقد أصبحت المملكة الإلكترونية واقعًا ملموسًا في العديد من المؤسسات والجهات الإدارية، حيث باتت التقنية الحديثة هي المحرك الأساسي لبيئات العمل، مما يسهم في تعزيز الكفاءة وتحقيق الأهداف بأساليب أكثر فاعلية وسرعة. ومن بين التجارب المتميزة التي تجسد هذا التوجه، تجربة جمعية كبدك، التي أتشرف بعضويتها، والتي تعمل تحت قيادة رئيس مجلس الإدارة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، أمير منطقة القصيم. هذه الجمعية استطاعت أن تطبق مفهوم الإدارة الإلكترونية بطرق تعكس مدى قدرتها على التكيف مع العصر الرقمي وتقديم نموذج يُحتذى به في المجال الخيري والتطوعي، ولا يمكن أن نغفل عن دور مدير عام الإدارة الأستاذ مطلق الخمعلي، الذي سعى لتحقيق ذلك واقعاً من خلال العمل الإلكتروني تمكنت الجمعية من توسيع نطاق عملها، وربط مكاتبها التنسيقية المنتشرة بين مناطق المملكة، مثل جازان، والمدينة المنورة، والباحة، والقصيم، في شبكة متكاملة تتيح سرعة التواصل، وسهولة تبادل المعلومات، وتقديم الخدمات بكفاءة عالية، لم يعد العامل الجغرافي يشكل عائقًا أمام تحقيق الأهداف، بل أصبح بإمكان الفرق الإدارية والموظفين التعاون والعمل بمرونة، حديثي أعلاه نموذج غير أن ما يعكس الأثر الإيجابي لهذا النمط الإداري الحديث، إحدى أبرز مزايا التحول الإلكتروني أنه يتيح للقائد الإداري إمكانية متابعة الأداء بدقة وموضوعية، حيث يمكنه قياس نجاح الموظفين بناءً على تفاعلهم الإلكتروني، وجودة إنتاجهم، وسرعة إنجازهم للمهام، بعيدًا عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على الملاحظة الشخصية والتقييم المباشر. فالأنظمة الإلكترونية توفر بيانات موثوقة تعكس الأداء الحقيقي، مما يسهم في تعزيز نقاط القوة ومعالجة أي جوانب ضعف بشكل أسرع وأكثر كفاءة، علاوة على ذلك، يتيح العمل الإلكتروني بيئة أكثر شفافية، حيث يسهل تتبع سير العمل، والتأكد من تحقيق الأهداف المخططة، وتقييم مدى فاعلية السياسات الإدارية المتبعة. كما أنه يعزز من العدالة بين الموظفين، حيث يتم التقييم بناءً على معايير واضحة ومحددة، بعيدًا عن الاجتهادات الشخصية أو المحسوبيات، وهو ما يسهم في رفع الروح المعنوية وتعزيز الولاء المؤسسي. ولا يقتصر تأثير المملكة الإلكترونية على بيئة العمل الداخلي فحسب، بل يمتد ليشمل تفاعل المؤسسات مع المجتمع والفئات المستفيدة من خدماتها. في حالة جمعية كبدك، كان للتحول الإلكتروني دور بارز في تسهيل الوصول إلى المرضى والمحتاجين، وتمكينهم من تقديم طلبات المساعدة، والحصول على الاستشارات الطبية، والتواصل مع فرق الدعم بسهولة. كما أن استخدام التطبيقات والمنصات الرقمية ساعد في نشر الوعي الصحي، وتنظيم الحملات التوعوية، وتحقيق انتشار أوسع للرسائل التثقيفية. وبالرغم من كل هذه المزايا، إلا أن تطبيق العمل الإلكتروني يواجه بعض التحديات، مثل الحاجة إلى تدريب الموظفين على استخدام الأنظمة الحديثة، وضمان حماية البيانات والمعلومات من الاختراقات، ومقاومة بعض العقول التقليدية التي قد تجد صعوبة في التكيف مع التحول الرقمي. ومع ذلك، فإن هذه العقبات يمكن تجاوزها من خلال تبني استراتيجيات مناسبة، تشمل التدريب المستمر، وتعزيز ثقافة التغيير، واستخدام أحدث وسائل الأمن السيبراني، المملكة الإلكترونية ليست مجرد مفهوم نظري، بل أصبحت حقيقة تفرض نفسها بقوة، وهي تمثل الطريق نحو المستقبل الذي يعتمد على التقنية في جميع مجالات الحياة. إن المؤسسات التي تسعى إلى النجاح والاستمرارية يجب أن تتبنى هذا النهج، وتعمل على تطوير آلياتها باستمرار لتواكب التطورات المتسارعة. تجربة جمعية كبدك ما هي إلا نموذج واحد ضمن العديد من النماذج التي تثبت أن التحول الرقمي ليس خيارًا، بل ضرورة لتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والإبداع. * رئيس اللجنة الإعلامية في جمعية كبدك د. عمر بن سليمان العجاجي