السرطان هو أكثر مرض مرعب للعامة لعبئه الجسدي والنفسي، فلذلك رعاية محاربي السرطان تتطلب اهتمامًا خاصًا يتجاوز الجوانب الطبية والأخلاقية والإنسانية المعتادة. الشريعة تقدّم توجيهات لرعاية المرضى تعزز الكرامة الإنسانية وتدعم حقوقهم وهي تشكل الأساس للأخلاقيات الصحية في المملكة العربية السعودية. والمملكة تُعد نموذجًا لتطبيق القانون الطبي وأخلاقيات الطب الإسلامية جنبًا إلى جنب مع القوانين والمبادئ الدولية في هذا المجال. في الإسلام رعاية المرضى واجب ديني وأخلاقي يقول الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ"، وقال النبي: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة". وهذا يحث على إكرام وإعانة الإنسان بشكل عام فلا سيما المريض ومساعدته طبياً ونفسيًا واجتماعيًا. ودعا الإسلام إلى الإحسان في تقديم العلاج وعدم التسبب في معاناة إضافية للمريض. وكلنا نعلم مدى تأثير الحالة النفسية على المريض وعلاقتها المباشرة بنجاح الخطة العلاجية لكن للأسف هناك ممارسات يتعرض لها محاربو السرطان قد تزيدهم هماً ووهناً. مما يزيد معاناة المريض أن يعامل بتعال ولن أنسى دموع وحسرة بعض المرضى وهم يشكون لي ما واجهوه من تعجرف بعض الممارسين -هداهم الله-. فقد يعتقد بعض الممارسين أنهم أفضل من المرضى بسبب شهاداتهم وخبراتهم متناسين أن علمهم وعملهم تكليف لا تشريف، هم مؤتمنون على صحة مرضاهم وقبل ذلك هم مسؤولون أمام الله على أعمالهم وتعاملاتهم البشرية، والمريض فيه من الهم ما يكفيه فلا يحتاج إلا أن يساند ويحترم. ومما يسبب أذى للمريض الضبابية في التشخيص أو الخطة العلاجية خاصة إن كان محارباً للسرطان. فمحارب السرطان يكابد هاجس أن حياته في خطر وأن أيامه قد تكون معدودة كما يعتقد البعض رغم تطور الطب ونجاح الكثير في الشفاء منه كلياً. فمن حق المريض أن يفهم حالته الصحية وخيارات العلاج ويجب على الفريق الطبي التأكد من فهم المريض للتشخيص والخطة العلاجية وأي أعراض جانبية محتملة بوضوح تام وإشراكه في الخطة العلاجية الخاصة به. ويجب عليهم الإجابة عن كل أسئلة المريض بلغة مفهومة سهلة مع مراعاة خلفية المريض الثقافية. هذه نقطة مهمة وللأسف وجدت بعض الممارسين والقانونيين في المنشآت الصحية يعتقدون أنه عبء أن يتم شرح تفاصيل الخطة العلاجية والأعراض المحتملة رغم أن القانون يلزمهم بذلك لتحقيق الموافقة المستنيرة التي لا تتم إلا بالإلمام، ولا يفضلون إشراك المريض في الخطة العلاجية متناسين أنها تخصه ويجب إشراكه لضمان التزامه بها وزيادة نسبة نجاح العلاج كما ثبتت الدراسات، وكل ذلك إلزامي ليس من ناحية إنسانية ودينية فقط بل وحتى بنص دليل أخلاقيات الممارس الصحي الذي يطالب الأطباء بتقديم الرعاية الكاملة للمريض بما يشمل العلاج والدعم النفسي واحترام حقوق المريض في اتخاذ القرارات. لذلك أيها الممارس احرص أن تتعامل برفق واحترام، فالمريض ليس جماداً بل روح لها استقلاليتها وحقها في الاختيار، روح يجب احتواؤها ومساندتها في أكثر فترة صعبة قد تمر بها، فكن عوناً لمرضاك لا فرعوناً عليهم. وهنا أود شكر كل ممارس يتمتع بالإنسانية ويشرك مرضاه ويحترمهم كما يستحقون، أنت قدوة لأقرانك، وكثر الله من أمثالك! *محامية، وأول سعودية مختصة في القانون الطبي وأخلاقيات الطب 1