تواصلت امس ردود الفعل العربية والاسلامية على تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان الذي وصف نشاطات "حزب الله" ب"الارهابية". وفيما استدعت وزارة الخارجية السورية امس السفير الفرنسي في دمشق شارل هنري دراغون لابلاغه "استياء سورية واستغرابها"، مطالبة بتوضيحات رسمية، اعرب وزير الخارجية المصري عمرو موسى عن امله في الا تكون تصريحات جوسبان مؤشرا الى اي تغيير في السياسة الفرنسية حيال المنطقة. كذلك انتقدت وزارة الخارجية الايرانية مواقف جوسبان، معتبرة انها تدعو الى "الاسف". وقالت مصادر سورية رسمية ان السفيرة صبا ناصر معاونة وزير الخارجية السيد فاروق الشرع ابلغت السفير الفرنسي ان تصريحات جوسبان "تعتبر انحيازاً لاسرائىل وتشجيعاً لها على مواصلة اعتداءاتها وانتهاكاتها لاتفاق تفاهم نيسان الذي تتناوب فرنسا على رئاسة المجموعة المنبثقة عنه". وزادت ان التصريحات "تتناقض ايضا مع مواقف فرنسا الرسمية ومع روح الصداقة التي تميز العلاقات العربية - الفرنسية". وفي القاهرة، علق وزير الخارجية المصري على تصريحات جوسبان قائلا: "نحن نقدر بشكل كبير السياسة والديبلوماسية الفرنسية إزاء عملية السلام في الشرق الأوسط، والمواقف الفرنسية الموضوعية كانت على الدوام عاملاً مهماً في الحركة بالنسبة الى عملية السلام لحمايتها من العناصر السلبية التي تؤثر فيها وتعوق التوصل الى تحقيق السلام". إلا أنه اضاف "أن هذه التصريحات لا تتفق مع السياسة الفرنسية التي لاقت قبولاً واسعاً في هذه المنطقة"، مؤكداً أن مصر "تظل تقدر الديبلوماسية الفرنسية وترجو ألا تكون هذه التصريحات مؤشراً الى أي تغيير يدخل السلبية على الديبلوماسية الفرنسية الايجابية التي نرتبط بها ونتعاون معها". الى ذلك، انتقدت وزارة الخارجية الايرانية مواقف جوسبان، وقال الناطق باسم الخارجية حميد رضا آصفي "انه في الوقت الذي يرزح فيه الشعب اللبناني المظلوم تحت ضغط الضربات القاسية البرية والجوية الاسرائيلية التي استهدفت المراكز الاقتصادية والبنى التحتية، فإن رئيس الوزراء الفرنسي يتخذ موقفاً غير منطقي ويبعث على الأسف، يعتبر فيه ان الرد على المعتدين الصهاينة عمل ارهابي". وأضاف آصفي ان ايران تنتظر في فرنسا، كونها عضواً في لجنة تفاهم نيسان ابريل، ان "تدين الارهاب الحكومي للكيان الصهيوني، وتبذل جهودها لوقف الاعتداء ورفع الاحتلال الصهيوني عن لبنان، وان تعلن تأييدها للعمليات التي ينفذها ابطال الشعب اللبناني في الدفاع بحق عن اراضيه المحتلة ومواجهة العدوان". وذكر مصدر إيراني مطلع مقرب من وزارة الخارجية ان فرنسا كانت اعلنت تأييدها الصريح للمقاومة الاسلامية في لبنان اثر لقاء جمع سفير فرنسا في لبنان مع الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله وذلك بعيد التوصل الى تفاهم نيسان ابريل العام 1996. وأضاف المصدر ل"الحياة" انه يستبعد ان تكون مواقف جوسبان الاخيرة، معبرة عن مواقف الحكومة الفرنسية، وتوقع ان تكون هذه المواقف شخصية يغلب عليها طابع المجاملة اثر لقاء جوسبان - باراك. لكنه لم يستبعد ان يكون الاسرائيليون اوقعوا ضيفهم "الفرنسي" في مكيدة كي يستفيدوا من إثارة هذه الاجواء في الوقت الراهن. واوضح المصدر انه اذا كانت هذه المواقف لا تعبر فعلاً عن مواقف فرنسا بشأن المقاومة، فإن العلاقات الفرنسية - الايرانية لن تتأثر. ويبدو ان الأوساط الايرانية الرسمية كانت بانتظار موقف الرئيس جاك شيراك حيال الازمة التي اثارتها تصريحات جوسبان، وهي مواقف وصفتها صحيفة "جمهوري اسلامي" بأنها "صلفة" فيما دعت صحيفة "طهران تايمز" رئيس الوزراء الفرنسي الى الاعتذار من "حزب الله"، وأشادت بالمقاومة الاسلامية ضد الاحتلال الاسرائيلي. وانتقدت اذاعة طهران بشدة "اصرار جوسبان على مواقفه، ورأت انه هدف من ورائها الى ارضاء الصهاينة". ويرى بعض المراقبين ان طهران فوجئت بتصريحات جوسبان التي اطلقت من اسرائيل، وقد ترى فيها استهدافاً مباشراً لها نظراً لعلاقاتها الأكثر من مميزة مع حزب الله. وكان موضوع حزب الله قد أثير في القمة الفرنسية - الايرانية بين الرئيسين شيراك وخاتمي العام الماضي في باريس.