ارتفعت وتيرة الاتصالات الفرنسية بالدول العربية والشرق اوسطية. ويستقبل الرئيس جاك شيراك، اليوم، العقيد الركن الدكتور بشار الأسد ليكون بذلك أول زعيم غربي يلتقيه رسمياً مكرساً الدور الذي بات يلعبه في ملف عملية السلام. ودفع النشاط الفرنسي عددا من المراقبين الى التساؤل عما اذا كانت باريس تعد مبادرة ما في الشرق الأوسط وهو الأمر الذي خفف منه مسؤولون فرنسيون في حديثهم الى "الحياة" مؤكدين اولوية الرعاية الاميركية للمسار الفلسطيني، كما للمسارين السوري واللبناني اللذين يتولى الرئيس بيل كلينتون شخصياً احياءهما. غير ان العاصمة الفرنسية تحولت محطة شرق أوسطية مهمة. فبعد زيارة الرئيس الايراني محمد خاتمي قبل أيام التقى الرئيس المصري حسني مبارك نظيره الفرنسي أول من أمس. وإذا كان دور الدكتور بشار الأسد اليوم فإن غدا موعد لقاء شيراك مع كل من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك القادمين للمشاركة في اجتماعات الاشتراكية الدولية. ويصل الى فرنسا الثلثاء النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وبعد أيام يزور باريس الملك عبدالله الثاني وزوجته رانيا. الى ذلك يقوم وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين ايام الخميس والجمعة والسبت بجولة تشمل كلا من سورية ولبنان ومصر، علماً ان رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان كان قبل يومين في المغرب والتقى الملك محمد السادس ورئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي الذي سيرد الزيارة فوراً لحضور اجتماع الأممية الاشتراكية. وجدير بالذكر ان وزير الخارجية الفرنسي السابق هيرفيه دوشاريت زار سورية ولبنان والتقى الرئيس الأسد ونجله بشار. ومع انه كان في زيارة خاصة فانه استفاد من علاقاته القوية لعقد لقاءات مهمة في دمشق استمرت في لبنان باجتماع طويل مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وتحرص مصادر فرنسية قريبة من جوسبان على تأكيد الاستعداد لدور على المسارين السوري واللبناني، والمساعدة في ما هو مطلوب على المسار الفلسطيني انما انطلاقاً من الادراك بأن الارجحية هي للولايات المتحدة. ولا تستبعد هذه المصادر تقديم ضمانات امنية على الأراضي اللبنانية في حال حصل انسحاب اسرائيلي باتفاق مع دمشق وبيروت. وتلاحظ ان العلاقات اللبنانية - الفلسطينية ليست على ما يرام. وهي اذ ترفض حلاً لقضية اللاجئين على حساب لبنان فانها تدرك ان هذا الملف يجب ان يكون موضع تشاور اقليمي ودولي. وتتبرع باريس للعب دور الوسيط بين اللبنانيين والفلسطينيين اذا طلب منها المعنيون ذلك. ومن المتوقع ان يثير فيدرين الموضوع مع المسؤولين السوريين بعد ان يكون شيراك فاتح ضيفه السوري اليوم بهذا الأمر. وعن زيارة نجل الرئيس السوري قالت مصادر فرنسية ل"الحياة" ان شيراك رغب بلقائه في اطار مسؤولياته اي بشار الجديدة في سورية ومن اجل تعزيز الروابط بين البلدين وتوسيع معرفة باريس بالأوساط السورية النافذة ونظرتها الى المستقبل. وفي دمشق اعلنت سورية امس ان محادثات الدكتور بشار الأسد مع شيراك تتناول "تطورات عملية السلام ومستقبل مفاوضات المسار السوري - الاسرائيلي"، وذلك في اول اشارة سورية الى ان الدكتور بشار سيبحث في ملف السلام مع زعيم دولة غربية. وبثت اذاعة دمشق أمس: "ان العاصمة الفرنسية تشهد نشاطاً مكثفاً للبحث في تطورات عملية السلام، اذ يلتقي اليوم الرئيس شيراك الدكتور بشار في اطار الاتصالات والمشاورات التي تقوم بها دمشق مع قادة الدول العربية والاجنبية". وأشارت الى دعم دمشق ل"دور اوروبي فاعل في المنطقة يكمل ويواكب الدور الاميركي الذي اخذ على عاتقه رعاية عملية السلام"، مطالبة واشنطن بدور اميركي "تنتظره المنطقة لدفع تحقيق السلام". وكان موضوع ازمة الشرق الأوسط مدار بحث امس بين الرئيس حافظ الأسد ووزير الخارجية الايراني الدكتور كمال خرازي، في حضور نظيره السوري السيد فاروق الشرع. ويلقي خرازي مساء كلمة في مؤتمر سياسي - فكري لمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الامام الخميني. واعتبر مراقبون انعقاد المؤتمر في سورية في حضور "حلفاء" البلدين مثل زعيم "حزب الله" السيد حسن نصرالله و"الجهاد الاسلامي" الدكتور رمضان عبدالله شلح ورئيس المجلس النيابي اللبناني السيد نبيه بري، مؤشراً قوياً الى عمق العلاقات السورية - الايرانية وتراجع الآمال في مفاوضات السلام مع اسرائيل. وقالت مصادر ايرانية ل"الحياة" ان خرازي اكد في لقاء والشرع "تقديره لمقاومة الشعبين السوري واللبناني وصمودهما في وجه الضغوط الاميركية والصهيونية"، مؤكداً "وحدة موقف سورية وإيران في دعم المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وان الضغوط لن تغير مواقف دمشق وبيروت". وكان وزير الخارجية الايراني قال قبل لقائه الأسد، رداً على سؤال: "نظراً للطبيعة العدوانية التي يتسم بها الكيان الصهيوني، لا يمكن نفي امكان حصول وقوع عدوان على لبنان، وبالطبع فان الشعب اللبناني سيقاوم اعتداءات كهذه". وزاد ان حكومة ايهود باراك "تسعى الى بث روح الفرقة بين سورية ولبنان"، آملاً في "استمرار تلازم المسارين الى ان يتمكن البلدان من نيل كامل حقوقهما المشروعة".