عيّن السفير جان كلود كوسران على رأس وكالة الاستخبارات الفرنسية الخارجية المعروفة بالإدارة العامة للأمن الخارجي DGSE التي رأسها منذ 1993 جاك دوفاتر الذي عينته حكومة اليمين برئاسة أدوار بالادور في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران. وكان السفير كوسران عيّن برغبته وطلبه قبل نحو سنة سفيراً في تركيا بعدما كان مديراً للشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية. وهو وجه معروف في العالم العربي من المشرق الى المغرب وديبلوماسي بارع ومحنك له خبرة في العالم العربي قلما توافر مثلها لدى المستشرقين الغربيين، حتى ان البعض نقل عن مسؤول اميركي كبير يتعامل مع منطقة الشرق الأوسط وصفه كوسران بأنه "نجم في الديبلوماسية ومعرفة العالم العربي". خدم كوسران سفيراً في دمشق مدة ثلاث سنوات ويعرف النظام السوري معرفة جيدة، كما خدم في لبنان حيث أكمل دراسته الجامعية. وكان حلم كوسران ان ينهي خدمته الديبلوماسية سفيراً في لبنان. يحظى كوسران باحترام الرئيس الفرنسي الديغولي جاك شيراك على رغم انه اشتراكي، وكان تعيينه مديراً للشرق الأوسط في الخارجية عندما كان الوزير اليميني هيرفي دوشاريت وزيراً للخارجية بتوصية من شيراك ورئيس حكومته آنذاك آلان جوبيه، ثم عندما أتت حكومة الاشتراكيين برئاسة ليونيل جوسبان وتولى هوبير فيدرين وزارة الخارجية تعزز موقع كوسران اكثر فأكثر كونه قريباً جداً من الوزير فيدرين الذي كان يعتمد عليه كثيراً في رسم سياسته، والذي أتاح له الذهاب الى سفارة فرنسا في تركيا قبل انتهاء مدة مهمته كمدير في الخارجية، وذلك بدعم وتأييد من الرئيس شيراك الذي كان عبر أمام أحد السفراء العرب عن أسفه لمغادرة كوسران منصبه كمسؤول عن ادارة الشرق الأوسط. تضم وكالة الاستخبارات الخارجية في فرنسا 4050 موظفاً مدنياً وعسكرياً. وهي تهتم بجمع وتقويم المعلومات المرتبطة بأمن فرنسا خارج الأراضي الفرنسية وتخصص لها ميزانية رسمية تبلغ نحو 1.66 بليون فرنك، بالإضافة الى 200 مليون فرنك تتلقاها الوكالة سنوياً عن عملياتها من الاموال السرية المخصصة لرئيس الوزراء في فرنسا. وقالت مصادر فرنسية مطلعة في باريس ان تعيين كوسران على رأس الوكالة التي تعرفه، اذ سبق له ان عمل فيها بين 1989 و1992 عندما كان مسؤولاً عن انشاء إدارة للاستراتيجية فيها، أمر مرحب به في كل الأوساط المسؤولة في فرنسا من الرئاسة الى رئاسة الحكومة. ويعترف الجميع بأنه بعد حرب كوسوفو حيث وقعت اخطاء عديدة في تقويم الوكالة للمعلومات ينبغي ان تشهد إعادة هيكلة، وهذا ما يقع على عاتق مسؤول مثل كوسران، يمكنه القيام بها. وترتبط وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية بوزارة الدفاع، لكن هناك اتجاهاً الى الاعتماد فيها اكثر واكثر على موظفين مدنيين. تجدر الإشارة الى ان كوسران عمل ايضاً قنصلاً عاماً لفرنسا في القدس مسؤولاً عن الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة، كما انه عمل مستشاراً اقتصادياً في السفارة الفرنسية في طهران، وعمل ايضاً في السفارة الفرنسية في بغداد، وكان أمضى فترة من شبابه في الجزائر، وهو في الخامسة والخمسين وشخصيته تلائم تماماً المنصب الجديد، اذ انه معروف بتحركاته ومبادراته السرية.