اعتبرت مصادر كنسية كاثوليكية ردة الفعل الاسرائيلية ازاء الاتفاق بين الفاتيكان و منظمة التحرير الفلسطينية "مبالغا فيه" في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر اسرائيلية عن "الثمن" الذي ستطالب تل أبيب البابا بدفعه خلال زيارته المرتقبة الى الاماكن المقدسة. وقال بطريرك كنيسة اللاتين في القدس ميشيل صباح أن الاتفاق الذي وقعه بابا الفاتيكان يوحنا بولص الثاني والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أول من أمس هو "نتيجة لمسيرة سابقة وقديمة"، مشيراً الى أن موقف الكنيسة "ثابت ومستمر منذ أن نشأت القضية الفلسطينية". ووصف البطريرك الاتفاق بأنه "يضع الاساس القانوني والواقعي وهو أن الواقع الحالي لمدينة القدس ليس واقعا شرعيا". وأوضحت مصادر في الكنيسة ل"الحياة" أن موقف الفاتيكان من مدينة القدسالشرقيةالمحتلة "معروف دوليا وأن الاتفاق لم يضف أي جديد. إذ أن الكنيسة، شأنها شأن المجتمع الدولي، تعارض أي اجراءات احادية الجانب تغير في واقع هذه المدينةالمحتلة". ولم تكتف وزارة الخارجية الاسرائيلية باصدار بيان شديد اللهجة ضد الفاتيكان، فقد استدعى مدير العام للوزارة ايتان بن تسور ممثل الفاتيكان في القدس تونسيو بياترو سامبي لنقل احتجاجها الرسمي على توقيع هذا الاتفاق الذي اعتبرته تل أبيب "تدخلا في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية". واعلن بن تسور بعد الاجتماع مع ممثل الفاتيكان ان "الفقرة المتعلقة بالقدس في الاتفاق غير مقبولة". أما ممثل الفاتيكان فقال ان اسرائيل اساءت تفسير الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والفاتيكان. وفي الوقت الذي أعتبرت فيه مصادر في الكنيسة الاحتجاج الاسرائيلي الشديد "زوبعة ستزول خلال أيام قليلة"، يدور الحديث في اسرائيل عن مطالبة البابا يوحنا بولص بإبداء المزيد من "اللفتات" الايجابية اتجاه الدولة العبرية خلال زيارته في شهر آذار مارس المقبل الى الاراضي المقدسة على حساب زيارته الى الاراضي الفلسطينية، خصوصاً وأنه وافق، خلافاً لجدول الزيارة المحدد، على أن يزور مدينة أريحا الخاضعة للسلطة الفلسطينية بالاضافة الى مدينة بيت لحم مهد المسيح. ومن المقرر أن يزور البابا كذلك مدينة الناصرة وجبلاً مقدساً لدى المسيحيين في طبريا كلاهما داخل الخط الاخضر ومدينة القدسالمحتلة التي تخضع أيضا للسيطرة الاسرائيلية. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" أن حكومة ايهود باراك ستحاول تجنب افتعال ازمة مع الفاتيكان في هذه الظروف بالذات، خصوصاً بعد موجة الاحتجاجات التي شنتها الكنيسة الكاثوليكية ضد اسرائيل على خلفية أحداث الناصرة الاخيرة وموقف الحكومة الاسرائيلية منها. الا أن المصادر ذاتها لم تستبعد أن تسعى تنظيمات ومجموعات يهودية متطرفة لا تعترف أصلا لا بالمسيحية ولا بالبابا ينعتونه "ذلك الرجل" لتحاشي ذكر لقبه الى افتعال مشاكل لعرقلة زيارة الحج التاريخية للبابا الى الاماكن المقدسة. وعلت أصوات من اليهود المتدينين المتطرفين بالفعل أخيراً تنادي برفض قيام البابا بأي نشاط في أيام السبت وهو اليوم المقدس لدى اليهود. وقالت مصادر حكومية اسرائيلية مع ذلك أن التحضيرات والاستعدادات للزيارة تجري على قدم وساق وليس هناك ما يدعو للقلق. وكانت اسرائيل اعتبرت أول من أمس الاتفاق "تدخلاً في المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين". ورد الفاتيكان بالاصرار على أن الاتفاق لا صلة له بعملية السلام في الشرق الأوسط.