بلفاست - رويترز - بدت آفاق عملية السلام في ايرلندا الشمالية قاتمة امس، على رغم مساعٍ مكثفة بذلتها لندن ودبلن لانقاذها. وتضمنت مساعي اللحظة الاخيرة هذه خطة لخفض الوجود العسكري البريطاني في ايرلندا الشمالية بهدف اقناع "الجيش الجمهوري الايرلندي" بأن يحدد موقفاً واضحاً ويعلن التزامه نزع السلاح. واجرى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير اتصالات هاتفية مع نظيره الايرلندي برتي اهيرن حول احتمال تعليق حكومة ايرلندا الشمالية التي يتقاسم السلطة فيها البروتستانت والكاثوليك، والتي لم يمض علىها سوى 72 يوماً. كما تحادث اهيرن هاتفياً مع الرئيس الاميركي بيل كلينتون بشأن الضغوط التي يمكن ان يمارسها. لكن الناطق باسم بلير ابلغ مراسلين امس بأن تجنب اعادة الحكم المباشر الى الاقليم "يقتضي حدوث تطور مثير جداً في هذا الوقت المتأخر". ونقلت محطة الاذاعة الايرلندية "آر تي آي" عن مصادر لم تكشف النقاب عنها قولها ان الخطة المؤلفة من اربع نقاط تتصور ايضاً قيام ثوار "الجيش الجمهوري الايرلندي" بلفتة قبل ايار مايو المقبل لنزع سلاحهم. وتعرضت بريطانيا لضغوط من الغالبية البروتستانتية في ايرلندا الشمالية لفرض تطبيق موعد نهائي. وهدد ديفيد تريمبل زعيم حزب اولستر الوحدوي البروتستانتي بالاستقالة من منصبه كرئىس مشارك لحكومة الاقليم اذا لم يبدأ "الجيش الجمهوري" نزع سلاحه. وكان يتوقع ان ينفذ تهديده في اجتماع يعقده المجلس القيادي لحزبه اليوم. ووافقت بريطانيا الاربعاء الماضي على قانون بإعادة الحكم المباشر لايرلندا الشمالية اذا لم يفِ "الجيش الجمهوري" بالتزامه نزع السلاح. لكن الاخير يقول انه يرفض الاذعان لإملاءات بريطانيا او السياسيين البروتستانت. وهدد جيري آدامز زعيم "شين فين" بالانسحاب من اتفاق السلام اذا جرى تعليق حكومة الاقليم، معتبراً ان هذه الخطوة ستمثل انحيازاً لصالح الوحدويين البروتستانت. وتعد مشكلة نزع سلاح الجيش الجمهوري اكبر تحدّ واجهه حتى الآن اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه في 1998 والذي انهى 30 عاماً من الصراع في ايرلندا الشمالية وراح ضحيته اكثر من ثلاثة آلاف شخص. وتخشى كل الاطراف ان يؤدي تجميد الاتفاق الى إنهاء وقف النار المستمر منذ سنتين بين مقاتلي الوحدويين البروتستانت، الذين يريدون ان يبقوا جزءً من بريطانيا، والجمهوريين الكاثوليك الذين يطالبون بالاتحاد مع جمهورية ايرلندا. ومثلما يدعو اتفاق السلام الاصلي الى الانتهاء من نزع السلاح بحلول ايار مايو، تشير الخطة الجديدة على ما يبدو الى استعداد بريطانيا وجمهورية ايرلندا لإعطاء الثوار مزيداً من الوقت. وافادت مصادر ايرلندية ان الخطة تتضمن ايضاً بقاء رئيس الجهاز المستقل المكلف نزع السلاح في ايرلندا الشمالية، الجنرال الكندي المتقاعد جون دو تشاستلان، في منصبه سنة اخرى. كما تجعل الخطة "الجيش الجمهوري" مسؤولاً عن نزع سلاحه فيما تجري هذه العملية تحت مراقبة تشاستلان، وذلك في مسعى لمراعاة حساسية المقاتلين وضمان الاّ يبدو تسليم الاسلحة اشبه بالاستسلام. ويبلغ حجم القوات البريطانية في ايرلندا الشمالية حالياً 15 الف جندي، بالمقارنة مع 17 الف جندي قبل ان يبدأ "الجيش الجمهوري" تنفيذ وقف النار في 1997، و30 الفاً في أوج النزاع في مطلع السبعينات. ويُتوقع وفقاً للخطة التي وضعتها لندن ودبلن ان يجري التسريع بسحب بعض القوات البريطانية من الاقليم.