عاشت قرية الكُشح في محافظة سوهاج المصرية أجواءً احتفالية بعدما انتهت أجهزة الأمن بعد ظهر أمس من إنهاء اجراءات اطلاق جميع المتهمين في القضية المتهم فيها 96 من ابناء القرية، بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً منهم 7 فارين تنفيذاً لقرار اصدرته محكمة جنايات محافظة سوهاج التي تقع في نطاقها القرية بإطلاقهم وتأجيل النطق بالأحكام في القضية إلى جلسة تعقد يوم 9 كانون الثاني يناير المقبل. الصدامات العنيفة التي وقعت بداية العام الجاري بين المسلمين والاقباط في قرية الكشح، وامتدت إلى مدينة دار السلام المجاورة لها واسفرت عن مقتل 20 قبطياً ومسلماً واحداً، تحولت امس الى احتفالات مع اطلاق المتهمين فيها بقرار من المحكمة اول من امس. واعتبر الاقباط وقتها الاحداث نتيجة لعدم معالجة الاجهزة الحكومية الاوضاع التي ترتبت على الصدامات التي وقعت في القرية في آب اغسطس 1998 على هامش اتهام مواطن قبطي بارتكاب جريمة قتل. وعلى رغم أن رئيس المحكمة المستشار محمود عفيفي أكد أن قرار إطلاق المتهمين استند الى اسباب إنسانية وموضوعية تتعلق بطول الفترة التي قضاها المتهمون قيد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقة وجلسات المحاكمة، وكذلك أجواء شهر رمضان المبارك وقرب حلول عيدي الفطر والميلاد، منبهاً إلى ضرورة عدم تفسير القرار على أنه مؤشر على أحكام محددة على المتهمين، سادت حال من التفاؤل القرية بأن تخرج الأحكام مخففة للغاية كتلك التي صدرت قبل حوالى ثلاثة شهور في قضية أخرى اتهم فيها 39 مواطناً، ثلثهم من المسلمين، بالضلوع في الأحداث التي وقعت خارج قرية الكُشح. ووفقاً للائحة الاتهام في القضية الحالية، يواجه 38 مسلماً تهمة "القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد" وعقوبتها الإعدام، لكن الدفاع شكك في الأدلة التي قدمتها النيابة. وشدد على أن جرائم القتل التي وقعت كانت نتيجة لتفجر الاحداث وليس سبباً لها، مما ينفي عن الجناة تخطيطهم مسبقاً لارتكاب الجرائم. وحاول المحامون أثناء المرافعات تحويل وقائع القتل الى جرائم لم يستدل على مرتكبيها أو وقعت لشيوع الصدامات بين عشرات بل مئات من أبناء القرية. وبدا تأثير قرار المحكمة على الاوضاع في القرية ظاهراً، إذ أقام أهاليها من الاقباط موائد افطار رمضانية للمسلمين، كما شارك أعداد منهم المسلمين في السحور. وكان المجلس المحلي لمحافظة سوهاج أصدر قراراً قبل نحو خمسة شهور بتغيير اسم قرية الكُشح إلى "قرية السلام" بعدما ذكر البعض أن كلمة الكُشح تعني الحقد أو الغل، لكن الاسم القديم ظل الاكثر تداولاً في وسائل الاعلام وكذلك بين ابناء القرية. ورحبت فعاليات سياسية في سوهاج ورموز من المسلمين والاقباط في الكُشح بقرار المحكمة، واعتبروا أن القضاء اعطى درساً للمتهمين وأسرهم في ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد والتصدي لأي محاولة لإثارة الفتنة الطائفية.