اتخذت محكمة جنايات محافظة سوهاج قراراً مفاجئاً. واطلقت جميع المتهمين في احداث الكُشح الثانية، في بداية العام وأسفرت عن مقتل 20 قبطياً ومسلم واحد، في سابقة في القضاء المصري باطلاق متهمين بالقتل قبل الحكم عليهم. واعتبر القاضي أن بقاء المتهمين رهن الاحتجاز على ذمة القضية لم يعد لازماً. ويشير القرار الى أن الاحكام في القضية التي حظيت باهتمام بالغ لكونها تتعلق بأحداث فتنة طائفية، ستكون مخففة. قررت محكمة الجنايات في سوهاج أمس تأجيل النطق بالحكم في قضية احداث الكُشح الثانية المتهم فيها 96 شخصا، بينهم 57 مسلماً و39 قبطياً منهم 7 فارين، الى جلسة تعقد في 9 كانون الثاني يناير المقبل. وكان مقرراً أن تصدر الاحكام أمس لكن هيئة المحكمة برئاسة المستشار محمود عفيفي، وعضوية المستشارين عادل أبو المال واحمد عبدالعال، أوضحت أن القضية "مازالت تحتاج الى مداولات من جانب القضاة" وأنه تحدد يوم السادس من الشهر المقبل لجلسة مداولات بين اعضاء هيئة المحكمة على أن تصدر الاحكام بعدها بثلاثة أيام. وأعلن رئيس المحكمة اطلاق جميع المتهمين المحتجزين في القضية بضمان محل اقامتهم أي من دون أي كفالة، بعدما القى كلمة قصيرة أوضح فيها أن أيام شهر رمضان وقدوم عيد الفطر وعيد الميلاد "تستلزم أن يقضي المتهمون تلك الأيام بين أفراد أسرهم"، مشيراً إلى أن هيئة المحكمة "لم تتوصل بعد الى احكام بعينها في القضية"، وأوضح أن القضاء المصري "عادل ويعمل بروح القانون وأن المتهمين امضوا نحو سنة كاملة خلف الأسوار ما يجعل استمرارهم رهن الاحتجاز من دون صدور الاحكام أمراً غير واجب". وكانت هيئة المحكمة نفسها اصدرت قبل ثلاثة أشهر احكاماً مخففة للغاية في قضية أخرى اتهم فيها 79 مسلماً تتعلق وقائعها بالأحداث التي وقعت في قرية الكشح وتحديداً في مدينة دار السلام. ولم يكن بينها احداث قتل أو الشروع فيه وإنما اقتصرت على احراق بعض المنشآت والممتلكات العامة والخاصة في المدينة. واطلق أقارب المتهمين الزغاريد عقب اعلان القرار وتبادلوا التهنئة. وكان ملفتاً أن أعلن اثنان من المتهمين التصالح علناً في قاعة المحكمة وهما من المسنين، احدهما مسلم والآخر قبطي. وكانت النيابة طالبت بأقصى العقوبة في حق جميع المتهمين في القضية، ووفقاً للائحة الاتهام فإن 38 مواطناً مسلماً وجهت لهم تهمة "القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد" وهي تهمة عقوبتها الإعدام. وتعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ القضاء المصري الذي تطلق فيه محكمة هذا العدد من المتهمين بالقتل قبل صدور الاحكام ضدهم. واستند الدفاع اثناء المرافعات الى أن الأدلة لم تثبت بشكل يقيني في خصوص جرائم القتل التي وقعت اثناء الاحداث في حق أي من المتهمين وأن شيوع التهم لابد أن يفسر لمصلحة المتهم وليس ضده". وركز المحامون على أن جرائم القتل وقعت نتيجة التجمهر واحداث الشغب والمشاجرات التي وقعت في القرية وليست سابقة عليها ما يعني أن اركان التعمد وسبق الاصرار والترصد لم تكن متوافرة. ورجح مراقبون أن يسهم قرار المحكمة في إغلاق ملف العداء بين المسلمين والاقباط في الكُشح، إذ لاقى القرار ترحيباً من فعاليات تنتمي إلى الديانتين في القرية.