توقع الرئيس الاميركي بيل كلينتون ان يمنح الديمقراطيون الرئيس الجمهوري المنتخب جورج بوش "شهر عسل" يمرر خلاله جزءاً من برنامجه الانتخابي على رغم التنافس الحزبي الشديد الذي شهده السباق الرئاسي. وجاء ذلك في وقت اكد معاونون لبوش انه يسعى الى اشراك ديموقراطيين في الادارة التي تسارعت الخطوات لتشكيلها. واشنطن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - قال الرئيس بيل كلينتون للصحافيين الذين رافقوه في رحلة العودة من بريطانيا وهي آخر رحلة خارجية يقوم بها قبل انتهاء فترة رئاسته الشهر المقبل، انه يتوقع "مرحلة انتقالية طيبة" تتكيف فيها البلاد سريعاً، مع المتغيرات. وأشار كلينتون الى ان الكونغرس تعب من الصراع الانتخابي، لذا فان بوش سيلقى بداية جيدة. وأضاف: "اعتقد انه يريد بناء الثقة مع الكونغرس وهو شيء مهم، اذ ربما تكون السنوات القليلة الماضية قد شهدت امتصاص كميات كافية من السم من النظام". وقال: "اعتقد ان الديموقراطيين سيمنحونه شهر عسل وفرصة للوقوف بثبات على الارض وتمرير بعض برامجه لكي يفعل شيئاً. بل اعتقد ان عليهم ان يفعلوا ذلك". وبدأ بوش اتصالاته مع زعماء الديموقراطيين من اجل المصالحة، مبدياً عزمه على اشراك بعضهم في ادارته التي تسارعت الخطوات لتشكيلها. واستدعى الرئيس المنتخب السناتور الديموقراطي عن لويزيانا جون برو لاجراء مشاورات معه حول امكان انضمامه الى فريق العمل الرئاسي. وفي الوقت نفسه، تلقى اتصالاً هاتفياً من القس الاسود جيسي جاكسون المدافع عن الحقوق المدنية والذي كان من اشد منتقدي مواقف الجمهوريين خلال المعركة الرئاسية في فلوريدا. وقالت كارين هيوز الناطقة باسم بوش انه على رغم ان القس جاكسون اعتبر منع الفرز اليدوي للبطاقات المختلف عليها في فلوريدا "جريمة" فان اتصاله ببوش كان "لبقاً جداً". وأضافت: "تحدثا على ما يبدو عن موضوعين: كيفية توحيد البلاد ومصالحها". وطلب جاكسون موعداً من بوش للبحث في اصلاحات انتخابية محتملة. ورد بوش ايجاباً، من دون تحديد موعد. وسيضطر الرئيس المنتخب الى التنسيق مع الكونغرس الاميركي حيث لا يشكل حلفاؤه سوى غالبية بسيطة، وسيكون عليه ايضاً ان يداري خصومه الديموقراطيين في مجلس الشيوخ اذا اراد تمرير مشاريع قوانين. واكد النائب الديموقراطي المعتدل وليام ديلاهونت من ولاية ماساتشوسيتس ان ذلك سيتطلب جهداً شخصياً خارقاً لاقناع عدد كبير من اعضاء مجلسي النواب والشيوخ. وقال الناطق السابق باسم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترينت لوت ان "ضآلة هامش الانتخابات الرئاسية وضآلته في الكونغرس، تجعلان من الصعب على اي كان ان يحصل على ما يريد". وبفوز جورج بوش في الانتخابات، يتساوى لاول مرة في تاريخ اميركا، عدد النواب الجمهوريين والديموقراطيين في مجلس الشيوخ خمسون في مقابل خمسين بينما يحظى الديموقراطيون في مجلس النواب بغالبية ضئيلة 220 مقعداً في مقابل 211 للجمهوريين. وعلى رغم ان في امكان الجمهوري ديك تشيني المنتخب في منصب نائب الرئيس والذي سيكون بذلك ايضاً رئيس مجلس الشيوخ، ان يرجح الكفة لمصلحة الجمهوريين في حال تعادلت الاصوات خلال عمليات التصويت على مشاريع القوانين، فان ذلك لن يكون كافياً. وقال البروفيسور روبيت شابيرو من جامعة كولومبيا ان "تشكيل قطبين والانقسام الايديولوجي متزايدان"، معتبراً ان "الكونغرس سيبقى تحت سيطرة الجمهوريين ولكنه سيكون منقسماً. وان اسم اللعبة سيكون المشاكسة". وبالتالي فان على جورج بوش اذا اراد تجنب السقوط في مازق سياسي، ان ينتهج خطاً معتدلاً وسطاً، على رغم ان ذلك قد يؤدي الى معارضة الجناح المحافظ في حزبه الجمهوري. وقال زعيم الاقلية الديموقراطية الحالية في مجلس الشيوخ توماس داشل ان "فكرة القطبين ليست خيارية بل اجبارية"، مضيفاً: "سيكون مفروض علينا ان نحكم بسياسة الوسط او لن نكون قادرين على الحكم". وكان ذلك واضحاً في ذهن الرئيس المنتخب بوش عندما دعا مساء الاربعاء في خطاب للامة الى المصالحة الوطنية وأطلق نداءات ضمنية الى الديموقراطيين. وقال كوارتاتشي ان تشكيلة هذا الكونغرس لن تسمح باعتماد الكثير من القوانين. واضاف ان القوانين الوحيدة التي ستتم المصادقة عليها هي التي ستحصل على ستين في مقابل اربعين في المئة من الاصوات، في مجلس الشيوخ بدعم كبير من القطبين. ومن بين هذه القوانين اصلاح تمويل الحملات الانتخابية وميثاق حقوق المرضى او زيادة الحد الادنى للاجور. واعتبر الديموقراطي وليام ديلاهنوت ان الناس سواء كانوا من اليسار او اليمين، لا يريدون تغييرات جذرية، هذه هي الرسالة التي عبر عنها الشعب الاميركي في الانتخابات. وقد يؤدي ذلك الى دفن مشروع خفض كبير للضرائب بقيمة 1300 بليون دولار، كان اقترحه بوش، ولكن في المقابل، قد يزيد من فرص اعتماد اصلاحات في الضمان والحماية الاجتماعية التي تعتبر اولوية في المعسكرين.