أخيراً... هذا هو الرئيس. فتحت محكمة الولاياتالمتحدة العليا الطريق للمرشح الجمهوري جورج بوش لدخول البيت الابيض بعد انتخابات رئاسية تاريخية تمخضت عن انقسام حاد في المؤسسات الفيديرالية والقضائية، بعد انقسام آخر في صفوف الناخبين الاميركيين. وبقي له ان يقرّ منافسه بانتهاء المعركة، وهو ما استعد آل غور لاعلانه ليل امس. سجّلت انتخابات عام 2000 الرئاسية العديد من السوابق التاريخية والمفاجآت. فهذه المرة الاولى التي يحدد فيها القضاء، وليس الشعب، من الفائز في انتخابات الرئاسة، لكنها المرة الاولى منذ العام 1889 والرابعة في تاريخ الولاياتالمتحدة التي يفوز فيها المرشح الذي لم يحصل على اعلى نسبة من الاصوات على المستوى الوطني. ويكون بوش ايضا الرئيس السابع عشر الذي يفوز بأقلية من الاصوات، اذ حصل على 48.56 في المئة من الاصوات مقابل 48.77 لغور وهي نسبة اقل من 50 في المئة. وبدل ان تؤدي انتخابات هذا السنة الى وصول اول نائب رئيس يهودي الى البيت الابيض نجم عنها اول رئيس لابن رئيس سابق وهو لا يزال على قيد الحياة. يوم الثلثاء الحاسم، اول من امس، بدأ خالياً من الاحداث الا انه انتهى بقرار للمحكمة العليا وضع حداً للدراما الهوليوودية لانتخابات الرئاسة. وابطلت المحكمة، قبل ساعتين من انتهاء الموعد الدستوري للمصادقة على الناخبين الرئاسيين في الولايات، بشكل واضح قراراً لمحكمة فلوريدا أمر بالفرز اليدوي للأصوات التي لم تحتسب لأي من المرشحين في الولاية، بحجة ان ان اعادة الفرز يتعارض مع الدستور لأنه لم يعط معايير موحدة لاحتساب الاصوات لكل مقاطعات الولاية. المنقسمة بشكل حاد على نفسها وجاء في بيان المحكمة، التي انقسمت على نفسها بغالبية 5 قضاة مقابل 4: "لأنه من الواضح ان اي اعادة العد تسعى الى ملاقاة موعد 12 كانون الاول ديسمبر ستكون غير دستورية... نقضنا قرار محكمة فلوريدا العليا الذي أمر بإطلاق عملية اعادة العد". وقد صوتت المحكمة بغالبية 7 مقابل 2 لاعتبار ان محكمة فلوريدا خالفت الدستور حين امرت باعادة العد. وبعد صدور قرار المحكمة في العاشرة ليل الثلثاء بدا معسكر غور منقسماً حول تفسير القرار. ورأى رئيس الحملة الانتخابية ويليام ديلي ان القرار "معقد وطويل ويتطلب بعض الوقت قبل الانتهاء من تحليل رأي" المحكمة. وقد اعلن غور انه سيخاطب البلاد مساء الاربعاء في اول اشارة الى انه سيقرّ بالهزيمة بعدما جمّد عمل فريق الديموقراطيين في فلوريدا واغلق عمليات التحضير للعد. واجمع المراقبون على ان خطاب غور سيحدد مستقبله السياسي وحظوظه لخوض الانتخابات سنة 2004 عن الحزب الديموقراطي، خصوصاً ان بعض الديموقراطيين كان عبر عن خيبة الامل من الطريقة التي ادار بها غور حملته وفشله بالفوز في وقت تعيش البلاد حال ازدهار لا مثيل لها في عهد ادارة ديموقراطية. وطلب الزعيم الاسود القس جيسي جاكسون من غور ألا يقرّ بالهزيمة لأنه لم يتم احتساب كل الاصوات. وفي المقابل رحب الجمهوريون بقرار المحكمة لكن بشكل مقتضب ومتواضع على لسان جيمس بيكر الذي اعلن عن "رضا" بوش وتشيني، عاكساً رغبة بوش في احترام مشاعر الديموقراطيين. ومن المتوقع ان يجري غور اتصالاً ببوش قبل القاء الخطاب. كما كان متوقعاً ان يلتقي بوش الرئيس كلينتون فور عودته من ايرلندا. قرار المحكمة صدر من دون توقيع لكن القضاة ويليام رنكويست وانطونين سكاليا وكلارنس توماس اعطوا آراء منفصلة ذكرت بشكل واضح ان محكمة فلوريدا العليا خرقت الدستور والقانون الفيديرالي حين امرت بإعادة العد. اما القاضيان اوكونور وكينيدي اللذان لم يصوتا الى جانب الغالبية فلم يصرحا برأييهما. في المقابل وصف القاضي جون بول ستيفنز استئناف بوش لقرار محكمة فلوريدا العليا ب "الاعتداء الفيديرالي"، وكتب: "هناك شيء وحيد مؤكد. على رغم اننا لن نعرف بشكل مؤكد هوية الفائز في انتخابات هذه السنة الرئاسية، الا ان هوية الخاسر واضحة تماماً. انها ثقة الأمة بالقاضي كحارس مجرد لتعليمات القانون". ومع قرار المحكمة يكون الجمهوريون قد سيطروا على الحكومة الفيديرالية بكل مؤسساتها: البيت الابيض ومجلسي النواب والشيوخ. وهذا يحصل للمرة الاولى منذ انتخاب دوايت ايزنهاور عام 1952.