تعددت "هدايا" الرئيس العراقي صدام حسين في الفترة الاخيرة، فهو قدم عوائد كميات من النفط للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومجموعة من الخيول العربية لشخصية خليجية تزور العراق حالياً، وثلاث ساعات لمواطن فنزويلي سمّى ابنه "صدام"، واخيراً قدم للعراقيين رواية وعدهم بها قبل شهور قليلة بعنوان "زبيبة والملك". كان صدام أمر وزراءه بإيجاد سبل لاقناع الاممالمتحدة بالموافقة على تخصيص مبالغ من مبيعات النفط العراقي لصالح الفلسطنيين، فيما تتوقع مصادر عراقية مطلعة ان يقوم الرئيس العراقي بمضاعفة المبالغ التي يمنحها لعوائل ضحايا الانتفاضة عبر "جبهة التحرير العربية" التنظيم البعثي العراقي في فلسطين محققاً بذلك هدفين في وقت واحد: الى جانب رفع رصيده في "الشارع الفلسطيني" قصد "الايحاء بأنه صاحب الموقف القومي المتقدم على غيره من القادة العرب" بحسب المصادر ذاتها. ويبدو ان موسم "هدايا" صدام حافل بالكثير، اذ أنعم السبت الماضي على شخصية خليجية بهدية مميزة كانت عبارة عن عشرة رؤوس من الخيول العربية الاصيلة، وخصص سرية من الحرس الجمهوري الخاص لمرافقة هذا الضيف وعائلته في رحلة صيد في منطقة "الجزيرة" غرب العراق. وكان صدام استقبل ضيفه في القصر الجمهوري شاكراً له ما تقوم به عائلته الحاكمة من جهود لتقوية موقف العراق في منطقة الخليج وبحث معه في سبل جعل بلاده "منطقة انطلاق اقليمية نحو العراق اقتصادياً وسياسياً". و"هدايا" الرئيس العراقي عابرة للقارات أيضاً، اذ أمر القائم باعمال سفارته في العاصمة كاراكاس بتسليم المواطن الفنزويلي خورخي ريكاردو ثلاث ساعات، اثنتان منهما "مصنّعتان من اسلحة شهداء العراق" مكافأة لريكاردو الذي اطلق أسم "صدام" على ابنه البكر. وللعراقيين قدم صدام حسين ما وعدهم به اوائل العام الجاري حين اعلن في اجتماع ضمه الى عدد من كتاب القصة والرواية انه سيكتب رواية تضم افكاره التي لا يمكنه ان يعبر عنها في الاحاديث والخطب السياسية. ورواية صدام حسين التي حملت عنوان "زبيبة والملك" 160 صفحة لم تحمل أسم المؤلف فظهرت على الغلاف عبارة "رواية لكاتبها"، إلا ان الدعاية الواسعة لها أفهمت الجميع ان "كاتبها" هو صدام، فيما بدأت الصحف العراقية قراءات موسعة للرواية تسبغ عليها صفات العبقرية والفرادة وعلى اسلوبها براعة الصنعة الادبية. وكتب المؤلف ا ف ب في مقدمة الرواية ان "نجيباً غيوراً من اماجد العراق تلقف هذه الكلمات البديعة فكانت هذه القصة الرواية التي بين يدى القراء الآن"، موضحاً انه "لم يشأ ان يكتب اسمه عليها تواضعاً شأنه شأن ابناء العراق الذين يبذلون النفس والنفيس، ولا يتحدثون حتى عن جليل ما يفعلون". و"زبيبة" امرأة من عامة الشعب يأتي اليها الملك ليتعلم منها الحكمة لكنها،بعد نقاشات مع الملك عن "الوطن والوطنية واطماع الغير بثروات البلاد وانفتاح السلطة على الشعب والوقوف معها لا ضدها"، لا تلبث ان تثير تساؤلات تتشابه مع تساؤلات الملك فتتخلى عن حكمة الشعب لتصبح مأسورة بعبقرية الملك الذي كان يأتيها متخفياً. وتقتل زبيبة في معركة تصاب فيها بسهم في صدرها بعد ان تكون قد وطدت علاقة وطنية وثيقة بين الملك والشعب تجسدت بتصديهما ودحرهما معاً للمتآمرين. وبعد مقتلها، تحولت زبيبة الى "شهيدة كبيرة من شهداء الشعب"، واعلن الملك ليرفع من مكانتها انه "تزوجها قبل المعركة الاخيرة". ولم تخل الرواية من اشارات واضحة الى "دور اليهود في بث روح الفرقة والتآمر والاستحواذ ودس المؤامرات بين صفوف الشعب لصالح مصالحهم الخاصة"، حسبما ذكر النقاد. وخصص ريع بيع الرواية التي حدد سعر النسخة منها ب 1500 دينار عراقي نحوالي 90 سنتاً ل "الفقراء واليتامى والمساكين والمحتاجين والاعمال الخيرية". واذا كان صدام حسين أمر بتدريس رواية "الايام الطويلة" التي كتبها الشاعر الراحل عبدالامير معلّة وتسجل جانباً من حياته السياسية بدءاً مع تنفيذه عملية اغتيال عبدالكريم قاسم عام 1959، في المنهاج التثقيفي لتنظيمات حزب "البعث" فأن استعدادت بد أت في "مكتب الثقافة والاعلام القومي" لجعل رواية صدام التي اعتبرت "رواية لكاتبها" مادة التثقيف لتنظيمات الحزب من درجة "نصير" وصولاً الى "نائب أمين سر القيادة القطرية" وهو المنصب الذي يشغله حالياً السيد عزت الدوري.