ربط الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إحراز تقدم في تسوية نزاع الصحراء بتقديم حكومة الرباط تنازلات من السلطة المركزية لمصلحة سكان الاقليم، يعني ان النزاع تحول من خلاف على السيادة الى السيادة في نطاق الاختلاف او التعدد. وهو تطور اقرب الى استيعاب خلفيات الازمة منه الى التعاطي معها، في نطاق مفهوم تقرير المصير. وكانت الاممالمتحدة اعلنت في القرار 1514 فكرة السيادة والوحدة على تقرير المصير الذي قد يقود الى الانفصال. ولأن وضع الصحراء الغربية يبدو مختلفاً، من منطلق انها لم تكن ارضاً خلاء، بل تابعة للسلطة المركزية المغربية قبل الاحتلال الاسباني، فإن تمثل الحل السياسي، اي منح السكان صلاحيات اوسع في ادارة الشؤون المحلية، يظل اقرب الى منطق الاشياء، بدليل ان كل المساعي التي بذلتها الاممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء آلت الى الفشل، لأن الاتفاق على القوائم النهائية للمقترعين يحسم النتيجة مسبقاً. وما أنجزته الاممالمتحدة الى الآن انها قدمت مقاربات حول الناخبين المؤهلين بأعداد شبه متساوية، بالتالي لم يكن في امكان اي طرف ان يقبل بها، ولن يمكنه ايضاً الذهاب الى الاستفتاء مطمئناً. دعوة أنان الى دعم الحل السياسي يلازمها اصرار على بقاء خطة التسوية التي ترعاها الاممالمتحدة، والارجح انه فعل ذلك لاحتواء الموقف حيال أخطار التصعيد، لا أقل ولا أكثر. وما لم تستطعه المنظمة الدولية خلال عشر سنين، أي منذ اقرار خطة الاستفتاء لايمكن توقع انجازه في اربعة اشهر هي فترة الولاية الجديدة لبعثة "مينورسو". لكن الرهان على حلحلة الوضع يظل قائماً وقد تتحول دعوة المغرب الى فتح حوار مباشر مع جبهة "بوليساريو" الى اختراق حقيقي في حال كسر حواجز نفسية وسياسية. فالملك محمد السادس جرّب الحوار مع قياديين في الجبهة حين كان ولياً للعهد، وقد تتيح التطورات مبادرة جديدة اذا ساد تفاهم اقليمي في منطقة شمال افريقيا. ميزة الحوار ثنائياً بين المغرب و"بوليساريو" انه يعيد بناء الثقة المفقودة ، لكنه لا يستطيع الاحاطة بكل الاشكاليات. وما لم تكن الجزائر في صورة الشريك الاساسي يصعب اختراق مناطق الظل في الازمة الصحراوية. وبمقدار ما يكون ابعاد قضية الصحراء عن محور العلاقات المغربية - الجزائرية انجازاً في حد ذاته، بمقدار ما يتحول الموقف الى عائق امام التسوية. وثمة اشارات تصدر بين الفينة والاخرى محورها النفط والحدود والإصرار على التسلح، الأرجح انها تختزل كل المواقف حيال مستقبل المنطقة.