انها أول امرأة في العالم تقوم بمثل هذه المغامرة، وتجتاز مفازات بادية الشام الممتدة بين محافظاتدمشق وحمص والسويداء ودير الزور، وحدها على جمل، لتضع دراسة شاملة عن البيئة والحياة في هذه البادية المترامية الأطراف، وعن البراكين الخامدة في جنوب محافظة السويداء. الصحافية الشابة نهى عبدالنبي، التي سبق أن أنجزت تحقيقات عدة، منها انها غامرت باختراف ممرات وسراديب المدينة الأثرية التي اكتشفت قبل سنوات تحت مدينة السويداء في محافظة جبل العرب. وهي تستخدم في مهماتها جميع أنواع المركبات: الدراجة العادية، والدراجة النارية، والجرار الزراعي، والزورق العادي، والزورق البخاري، والخيول، والجمال، ناهيك عن سيارتها ال"بيك آب" وتقوم بإصلاحها بنفسها في حال حدوث أي عطل. بعد عودتها من رحلتها المثيرة التقيناها في مدينة تدمر التي سبق ان انطلقت منها وسألناها عن هدف رحلتها؟ - لأدرس بادية الشام التي تعتبر من أهم البوادي العربية وسأطبع دراسة شاملة عن انسانها وبيئتها ونباتاتها وحيواناتها. هناك دراسات نظرية كثيرة عن هذه البادية وغيرها؟ - التحقيق الميداني غير الدراسة النظرية، لا بدَّ من الاستطلاع في مثل هذه المناطق والمواقع التي لا يزال قسم كبير منها مجهولاً. والمخاطر؟ - المخاطر موجودة في كل مكان. لماذا اخترت بادية الشام بالذات؟ - هناك خطط ودراسات جديدة لاستثمارها والإفادة من مساحات كبيرة منها الى جانب الرعي. علمنا ان مرشداً من البادية رافقك، ما دور هذا المرشد؟ - رافقني هو وزوجته. وكانت صحبتهما ممتعة. وكانت زوجته تعد لنا الطعام، أما المبيت فكان في خيمتين، لي واحدة ولهما واحدة. وقد ملأت الملاحظات التي وضعتها عن هذه الرحلة أكثر من عشرة دفاتر الى جانب الصور؟ هل جابهتم مصاعب ومفاجآت؟ - باستثناء التعب والتوجس والقلق، وبخاصة في الليل، لم نصادف متاعب تذكر. ولا من الحيوانات؟ - لم نصادف من الحيوانات إلا بعض الغزلان البرية. والناس؟ - عندما كنا على تخوم البادية كنا نصادف أحياناً بيوت الشعر للبدو الرحل وكانوا يرحبون بنا ويقدمون لنا ما نحتاج، وعلقت احدى البدويات على مهمتي في الرحلة وقالت بلهجتها البدوية المحببة "يا أختي... هاي شغلة زلمة مو شغلة حرمة". هل من صفاتك روح المغامرة؟ - المغامرة المدروسة لا المتهورة. ومع هذا فأنا أحب الاقتحام، دخلت سراديب وممرات المدينة الأثرية التي اكتشفت تحت مدينة السويداء وكانت مهددة بانهيارات، وحذرني خبراء الآثار من الدخول الى أعماقها خوفاً على حياتي، ولكنني أتممت جولتي مستعينة ببطاريات يدوية للإضاءة. ورافقني المصور أيوب سعدية الذي أشهد له بالشجاعة في حين أحجم الصحافيون الرجال عن هذه المهمة وظلوا في الخارج. وكانت سعادتي كبيرة عندما انفردت بنشر تحقيق شامل ومصور عن هذا الاكتشاف الأثري الكبير الذي نقلته عني أكثر الصحف. هل حاولت أن تقومي بمهمات مماثلة خارج سورية؟ - لم تتح لي خارج سورية إلا فرصة واحدة عند زيارتي هولندا حيث وصلت الى أخطر مواقع بناء السد البحري الذي أقاموه لدرء المياه عن الأرض المنخفضة في منطقة روتردام، وقد كتبت سلسلة تحقيقات حول تلك الرحلة، علماً ان مهمتي الأساسية هناك كانت لحضور مهرجان الشعر العربي الذي أقيم في روتردام. وماذا عن مشاريعك الجديدة؟ - أخطط للقيام برحلة، وحيدة في زورق، يعمل بالمجاذيف، أقطع به نهر الفرات من منبعه في أعالي تركيا الى مصبه في شط العرب. وما الهدف من هذه الرحلة؟ - نهر الفرات من أعظم أنهار المنطقة. قامت عليه منذ القديم حضارات مزدهرة، وفي هذه الرحلة سأرصد من خلال محطات التوقف الحياة القائمة على ضفتي النهر في تركيا وسورية والعراق، وبخاصة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وسأضع بإذن الله كتاباً شاملاً عن هذا النهر بدءاً من تاريخه القديم، ومروراً بالمشاريع والسدود القائمة عليه، وصولاً الى أنظمة اقتسام المياه التي تحكمه، كما سأحاول أن أجمع تراث وفولكلور الناس الذين يعيشون على ضفتيه.