قرى صغيرة من الطين تتعاقب على السهول الخضراء والصفراء. رذاذ وأقنية صاخبة وبحيرات ضخمة وأكوام من التراب تشير الى ميلاد اراض خضر جديدة تولدها مشاريع استصلاح الأراضي. قطعان الاغنام تنتشر على طول الطرق المؤدية الى المدينة. الرجال والنساء خرجوا الى الحصاد والجو يميل الى الجفاف. على المرء ان يرتدي ثياباً صيفية خفيفة على رغم ان الصيف في بدايته. افواج السياح التي تتجه الى الشمال والشرق تبدو وكأنها تتبع خط سير البدو الرحل والغجر نحو حقول الحصاد. وفي المدخل الجنوبي لمدينة الرقة لوحات ارشادية تأمر السياح بأن "زوروا متحف الرقة، زوروا باب بغداد، قصر البنات، قلعة جعبر الأثرية". كل الدروب تؤدي الى مواقع الشمال والشرق، حيث التنقيبات الاثرية تعلن كل يوم اكتشاف حضارة جديدة تكشف النقاب عن الاسهامات الحضارية المبكرة التي سطرها الشرق القديم. من هنا، في موقع تل مريبط شرقي نهر الفرات، غادر الانسان الكهف الى العراء الطلق، تاركاً حضارة الصيادين ليبني اول بيت عرفه الانسان المتحضر منتصف الألف التاسع قبل الميلاد. ومن هنا، في ابو هريرة، بدأت قصة الزراعة في الألف السابع قبل الميلاد وظهرت اول قرية زراعية في العالم. ويقول البروفيسور آندرو مور متحدثاً عن هذا التحول اللافت: "في هذا الموقع عرف انسان الأرض السورية كيف يزاوج بين القمح والماء ويستنبت من السنبلة الواحدة آلاف السنابل، في لحظة الابداع هذه بدأت المدنية والاستقرار". الأصالة والمعاصرة تقع الرقة في الجهة الشمالية الشرقية من سورية وتبعد عن مدينة حلب 188 كم باتجاه الشرق، وعن دير الزور 100 كم. بنى الاسكندر الكبير مدينة في القرن الرابع قبل الميلاد في الموقع الحالي لمدينة الرقة، سرى هذا الاعتقاد حتى عام 1980 عندما عثرت البعثة السورية - الألمانية المشتركة على مجموعة رُقم فخارية تروي تاريخ الرقة القديمة الذي يعود الى الألف الثالث قبل الميلاد. وكانت القصة بدأت منذ اكتشاف رُقم ماري التي تحدثت عن علاقات تجارية كانت تربطها مع مدينة "توتول" الواقعة عند نقطة التقاء نهري دجلة والفرات. ولم يحدد الموقع تماماً حتى اكتشاف هذه اللقى الأثرية في موقع تل البيعة او الرقة القديمة، وبذلك اقيم البرهان على ان الجزيرة السورية حَوَت حضارات معاصرة لحضارة بلاد الرافدين ولا تقل اهمية عنها. وكانت الرقة محط اطماع الغزاة الذين احتلوا سورية من رومان وفرس وبيزنطيين. وبعد استقرار الحكم الاسلامي أقام الخليفة العباسي المنصور مدينة على غرار مدينة بغداد سنة 772م وأطلق عليها اسم الرافقة. شكلها يشبه حدوة الفرس ولها ثلاث بوابات وهي: بغداد وحران وحلب، وسوران: اول ورئيسي بينهما فصيل. ويسبق السور الأول خندق يحيط بالمدينة في حين يبلغ طول الرئيسي خمسة كيلومترات بقي منه حتى الآن كيلومتران تقوم مديرية الآثار بترميمهما. شغلت الرقة مكانة هامة زمن العباسيين لموقعها الهام ولصناعاتها الزجاجية المشهورة التي يعرض منها الكثير من المتاحف الأوروبية والاميركية، لكن المغول عمدوا بعد احتلالها، في القرن الثاني عشر الميلادي، الى تدميرها عقب سقوط الدولة العباسية. وفي الوقت الراهن تواكب الرقة التطور الحضاري المتسارع كما هي المدن السورية الاخرى، وشهدت الخدمات المقدمة في المدينة والريف تحسناً لافتاً لا سيما في مجال شبكات الطرق الحديثة والهاتف والكهرباء والماء. ويشتهر الرقاوي بحسن الاستقبال والضيافة و"المناسف العربية" وبملامحه العربية التي تميل الى السمرة. وهو يستقبل زواره بتحية طيبة اقرب ما تكون للكنة البدوية التي تميز سكان الجزيرة السورية. ويمكن ان يعرض المساعدة من دون ان يطلبها منه عندما يعرف بأن زائره غريب. وفي المساء يستقبل الفرات، الذي يحتضن الرافقة الرقة من الجهة الجنوبية الشرقية، زوار المساء الذين يقبلون الى ضفتيه هرباً من الحرّ وأعباء العمل. السياحة صناعة نامية يؤكد ابراهيم الخلف مدير سياحة الرقة اهمية الاكتشافات الاثرية الهامة كعامل جذب للسياح بالاضافة الى المقومات الكثيرة لصناعة السياحة ومنها "بحيرة الأسد على سد الفرات التي يمكن استغلالها لجذب سياح الاستجمام". ويشير الى ان المديرية تقدم جميع التسهيلات للقطاع الخاص للاستثمار السياحي من خلال التشريعات والتسهيلات والضمانات التي امنتها الحكومة معتبراً ان محافظة الرقة تشكل مناخاً جيداً للاستثمار. وبين المشاريع القائمة "مشروع القرية السياحية" على الضفة اليمنى لبحيرة الأسد الذي أوشكت دراسته على الانتهاء والذي سيدخل مرحلة التنفيذ في حال حاز على ترخيص وزارة السياحة، وهو يشمل مرافق سياحية كاملة ومسابح ونادياً لليخوت ورياضة التزلج على الماء وجميع الخدمات السياحية، وتصل قيمته التقديرية الى 150 مليون ليرة سورية ثلاثة ملايين دولار، ويعود للمستثمر الشيخ ناصر صباح الاحمد الصباح ابن وزير الخارجية الكويتي بالاضافة الى مشروعي "موتيل ومطعم من الدرجة الممتازة في موقع عين عيسى على طريق حلب - الرقة - الحسكة، واستراحة من فئة النجمتين على الطريق نفسها". ونتيجة ضعف امكانات "دائرة سياحة الرقة" تندرج عمليات الترويج لها ضمن خطة الترويج التي تقوم بها "مديرية العلاقات السياحية" في الوزارة، كذلك الامر مع "عمل مكاتب السياحة في الرقة التي تعاني من منافسة مكاتب دمشق وحلب والتي ترجح كفتها لامتلاكها المقومات المادية" كما يقول مدير السياحة. في حين تقتصر مشاركة المديرية على "المعارض الداخلية للسبب نفسه". وتحتوي الرقة على ثمانية مكاتب سياحية، وثلاث كافتيريات وثلاثة فنادق وهي: "الكرنك" ثلاثة نجوم الذي تعود ملكيته الى "شركة الكرنك السياحية" و"فندق السياحة"، نجمة واحدة و"فندق عمار" وهو عبارة عن دار مفروشة "فئة ألف". كما تحتوي على 13 مطعماً معظمها من فئة النجمتين تقدم جميع المأكولات والحلويات لا سيما التي تميز المطبخ الفراتي، وفيها مسبحان وداران للسينما يدخلهما نحو عشرة آلاف شخص سنوياً كما تضم ثانوية فندقية. وبلغ مجموع الزوار السوريين للعام الماضي 9.9 ألف زائر امضوا 15.2 الف ليلة سياحية بمعدل 1.5 ليلة مبيت، اما الزوار الاجانب فبلغ عددهم 1.2 الف زائر امضوا 1.7 الف ليلة سياحية بمعدل 1.4 ليلة مبيت، وبلغ عدد الزوار العرب 1.2 الف زائر قضوا 2.1 الف ليلة سياحية بمعدل 1.9 ليلة مبيت. وبلغ مجموع الزوار السوريين في الربع الأول من السنة الجارية نحو 2.6 الف زائر بتراجع قدره 15.6 في المئة عن الفترة نفسها من العام السابق، وزاد مجموع السياح العرب من 232 سائحاً الى 280 سائحاً، وتناقص عدد السياح الاجانب بمقدار عشرة سياح خلال الفترة نفسها. كما زاد معدل المبيت للاجنبي من 1.6 ليلة الى 2 ليلة بينما حافظ على المعدل نفسه بالنسبة الى السوريين والعرب خلال الفترة نفسها. مناطق أثرية تنتظر السياح خارج المدينة 1- الرصافة: ينعطف اليها طريق حلب - الرقة قبل الوصول الى الاخيرة بپ30 كم. وهي تبعد عن حلب 170 كم باتجاه الجنوب الشرقي، اقيمت في موقع كنيسة الشهيد "سيرج" الروماني الاصل الذي اشتهر ببطولاته في الدفاع عن المسيحية بداية القرن الرابع الميلادي فأقيمت الكنيسة تخليداً لذكراه، وهو يحظى بمكانة هامة لدى المسيحيين. يحيط بها سور مستطيل الشكل له اربعة ابواب من كل جهة، وتعتبر انموذجاً للمدن البيزنطية مع وجود لمسات واضحة لفن العمارة الاسلامية بعدما حررها المسلمون من الفرس، حيث أشاد فيها الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك قصرين مقراً لإقامته الصيفية لموقعها المتميز شمال بادية الشام قبل ان تتبع للدولة العباسية. 2- قلعة جعبر: وهي احدى القلاع الهامة في سورية، تطل على نهر الفرات على شكل قرص فطر عملاق وتحيط بها مياه النهر من كل الجهات بعد بناء السد وكانت تبعد عن النهر كيلومترات عدة، وهي تقع الآن على الضفة اليسرى لبحيرة الأسد، تعلو هضبة كلسية ارتفاعها 347م عن سطح البحر ويفصلها عن الرقة 50 كم، بنيت في القرن الخامس الهجري على يد جعبر بن سابق القشيري، تتميز بكبر حجمها اذ يبلغ طولها 347م وعرضها 320م وينيف عدد ابراجها عن 35 برجاً دفاعياً لعبت دوراً هاماً في صد الغزو في جميع الفترات. 3- التلال الأثرية: تحتوي الرقة على الكثير من التلال الاثرية الهامة التي تسود معالمها خريطة المنطقة، ومنها: 1- تل البيعة: يبعد عن سور المدينة 2 كم باتجاه الشرق، وهو مدينة توتول التي ذكرتها رقم ماري، ويعني الكنيسة التي بنيت في القرن العاشر الميلادي، عثر فيه على لقى اثرية تعود الى عصور مختلفة، اقدمها يعود الى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد مثل دمى بشرية وحلى للمباركة وأدوات عبادة تمثل حالة من الرقي الاجتماعي التي وصلت اليها المنطقة في هذه الفترة المبكرة من التاريخ، وعثر على مقابض وسكاكين وأوانٍ حجرية وإبر مصنوعة من العاج والكثير من التماثيل وألعاب الاطفال، كما وجدت أوان زجاجية في قمة التل تعود الى عصور بيزنطية متأخرة واسلامية مبكرة، تتميز الحديثة بدقة صنعها وجودتها، وجميعها معروضة في متحف الرقة. 2- تل خويرة: متاخم للحدود السورية التركية ويبعد عن الرقة 140 كم، يعود الى الألف الثالث قبل الميلاد، بدأت التنقيبات فيه سنة 1950 من قبل بعثة سورية - المانية مشتركة بإشراف معهد غوته للآثار. كشفت التنقيبات عن شارع المعابد وهو عبارة عن مجموعة من المعابد القديمة التي تمثل تراكماً لحضارات الشرق الادنى القديم ومن اهمها تمثال ربة العطاء، وعن كؤوس وجرر فخارية ونماذج تقليدية لرقم فخارية كتب عليها بخطوط آشورية وحثية وميتانية تشكل وثائق هامة تنظم العلاقات التجارية بين الممالك. 3- تل مريبط: يبعد 100 كم باتجاه غرب الرقة، فيه خرج الانسان من الكهف وبنى أقدم بيت في العالم منتصف الألف التاسع قبل الميلاد وانتقل الى الاستقرار. يقول باحث الآثار محمد مكطش ان "تنظيم حياة الانسان واستقراره ترافق مع ظهور وتطور منظومة من الافكار الاجتماعية مثل تنظيم التبادل التجاري، وانعكست هذه الافكار بصناعة نوع من الدمى التي جسدت حالة الانوثة التي تمثلها المرأة كآلهة للخصب". وغمرت بحيرة الأسد التل بعد نقل محتوياته الى المتاحف. 4- ابو هريرة: وهو اول ظهور للقرية الزراعية المنظمة في العالم منذ تسعة آلاف عام وعثر فيه على اقدم سنبلة. كشفت اللقى عن نقلة متميزة في وضوح الجانب الاجتماعي لدى الانسان فبدأ بصناعة الفخار تلبية لحاجاته اليومية كما بدأ بتنظيم الصيد. 5- تل ممباقة: يقع قرب تل مريبط على ضفاف بحيرة الأسد، يعود تاريخه الى الألف الثاني قبل الميلاد، تعتبر لقاه الاثرية نماذج متطورة مثل ماكيتات للمنازل وأوانٍ فخارية على شكل سلحفاة وتماثيل كبيرة للثور، منازله منظمة لا تختلف كثيراً عن البيوت العصرية ومقسمة الى غرف للنوم وغرف للضيوف وساحة كبيرة وتنور. تذكر مجموعاته الفخارية اسماء تجار اقاموا علاقات تجارية واقتصادية متميزة مع المدن الاخرى. وتحكي احدى الوثائق التي ترجع الى الألف الثاني قبل الميلاد عن نموذج اقتصادي متطور من خلال تنظيم العلاقة بين تجار من مدينة ايمار مسكنة حالياً استدانوا مجموعة خراف مقابل قوارير من النبيذ الاحمر وحال الحول دون تسديد الثمن المقابل المتفق عليه. 6- تل صبي أبيض: يقع الى الشمال من الرقة ويبعد عنها 50 كم على ضفاف نهر البليخ، عثر فيه على جرار فخارية تعود الى حقب مختلفة وهي عبارة عن تراكمات حضارية مرت على التل من دون انقطاع اقدمها تعود الى الألف السادس قبل الميلاد وتمتد حتى الألف الثاني. 7- تل حمام التركمان: يبعد عن الرقة 50 كم الى الشمال، ترجع آثاره الى الألف الرابع مرافقة لعصر الأورك في العراق وتشمل عصر البرونز الوسيط والحديث وعصر الحديد. وهناك الكثير من التلال التي لم يكشف بعد عن حضاراتها، وكل يوم تطالعنا الاخبار عن مكتشفات جديدة تغني حضارة المنطقة. الزوار والمواقع الأثرية داخل مدينة الرقة 1- باب بغداد: سمي كذلك لأنه يقع في جهة العراق وهو احد الأبواب الثلاثة لسور الرافقة القديمة، يتوضع في الزاوية الجنوبية الشرقية ويعاصر بناء السور الرئيسي للمدينة. وأكد آخر التنقيبات ان زمن بنائه يعود الى منتصف القرن الهجري الثاني، ثم اضيف بعض الزخارف في عصور لاحقة كما في الفترة الحمدانية. يوضح المجسم الهندسي للباب الموجود في المتحف وظيفته العسكرية البحتة، اذ يعلو البوابة برج مراقبة يتلوه مدخل تكسر على شكل متعارض وفي الاعلى فتحات لصب النار في حال تجاوز المدخل الأول من البوابة. 2- الجامع القديم الكبير: ويدعى جامع المنصور. وهو يقوم في الزاوية الشمالية من المدينة. بني في مرحلة اسلامية مبكرة في القرن الثامن الميلادي، وعثر فيه على مجموعة من الثريات الزجاجية الفخمة وأوان خزفية عباسية فائقة الصنعة تميز الرقة منذ عهود قديمة. يعتبر النموذج المعماري للجامع فريداً من نوعه لأنه يجمع بين مدرستين معماريتين مختلفتين وهما المدرسة السورية والرافدية، يتمثل ذلك في طريقة بناء الاسقف وفي شكل سور الجامع وحجارته الآجرية الوردية اللون الذي رمم أخيراً. 3- قصر البنات: يقع بين باب بغداد والجامع الكبير. وتحوي سورية الكثير من المواقع التي تحمل الاسم نفسه. واكدت التنقيبات ان المنشأة ليست قصراً بل مجمعاً طبياً وربما كان احدى البيمارستانات التي تعود الى الفترة الايوبية، اما تاريخ البناء فيعود الى فترة مبكرة. 4- المتحف: يحتل مبنى السرايا الحكومية القديمة ويعتبر من المتاحف الهامة في العالم، يتوسط المدينة ويتألف من طابقين، يقسم الأول الى قسم الآثار القديمة وقسم الآثار الكلاسيكية والى جناح تعرض فيه اعمال فنية تشكيلية حديثة. اما الطابق الثاني فيتألف من قسم الآثار الاسلامية وقسم للتقاليد الشعبية المميزة لمحافظة الرقة. بإمكان السائح التجوال في المتحف عبر التاريخ من الألف الثالث عندما كانت المدينة تتبع لماري باسم توتول وحتى الآن، ولا بد سيدهش لو علم ان "قطع الموزاييك الكلاسيكية الرومانية والبيزنطية التي تم العثور عليها في كنيسة موقع حلاوة الواقعة على ضفاف بحيرة الأسد عرض القليل منها في المتحف" تزيد مساحتها عن أربعة آلاف متر مربع، كما يقول مدير المتحف، الذي يضيف أن "الآثار الكلاسيكية المعروضة تقليدية ذات دلالات ورموز وليست ذات قيمة مادية". لدى دخول الطابق الثاني من المتحف سيعترض الزائر درع من الحديد يزيد وزنه عن عشرين كيلوغراماً كتب عليه "الضحاك"، وجرر وأوانٍ فخارية كثيرة وأدوات زجاجية كأواني الطبخ يعود معظمها الى الفترة العباسية، كذلك مكتشفات داخل القصور مثل ملاقط وإبر برونزية وأدوات حلي وتجميل. وتقسم اجنحته الى غرف تضم مكتشفات التلال الاثرية وتبرز قيمتها من خلال لوحات صغيرة وضعت بجانب اللقى، مثل مكتشفات تل اسود الذي يقع ضمن المدينة ويحوي احجاراً اسلامية مزخرفة وأدوات فخارية مزركشة بآيات قرآنية ترجع لفترة اسلامية مبكرة وتلال ممباقة وعبد ومريبط... وغيرها. ويعرض المتحف الاطر الجصية التي كانت تزين مداخل قصر هارون الرشيد. ويقول باحث الآثار محمد مكطش ان "زخارف الاطر تحاكي الطبيعة وتمثل في شكلها الأساسي تطوراً فنياً راقياً عن الفن السوري القديم في القرنين الخامس والسابع الميلاديين" وعلى رغم هذا التأثر يبقى هذا النوع من التجديد "اسلامياً مبتكراً وفي الوقت نفسه امتداداً للأول". مهرجان جديد لتراث وثقافة الفرات تقرر ان تقيم وزارة الثقافة مهرجاناً سنوياً جديداً في مدينة الرقة اسوة ببقية المحافظات السورية في الپ20 - 25 من ايلول سبتمبر المقبل باسم "مهرجان الفرات للتراث والثقافة". ويرأس اللجنة العليا للمهرجان محافظ الرقة محمد نفاخ وتتفرع عنها لجان كثيرة تتولى تنظيم المهرجان وسير فاعلياته التي ستتناول تقديم تراث الجزيرة الفراتية من رقصات فولوكلورية وشعبية ومعارض للمهن اليدوية التي تميز مدينة الرقة مثل صناعة الحليّ ومختلف الصناعات التقليدية من بسط وسجاد وعباءات فراتية وجلابيات وعقال عربي وبيوت الشعر ومعارض لآثار حوض الفرات المكتشفة حديثاً. كما ستنظم معارض اخرى للفنون التشكيلية التي تستلهم اعمالها من تراث المدينة، تعرض فيها صور ضوئية ولوحات زيتية لفناني الرقة والجزيرة الفراتية بالاضافة الى تقديم عروض ازياء شعبية. ويقول مدير سياحة الرقة وعضو اللجنة التنظيمية للمهرجان ابراهيم الاحمد أنه "سترافق المهرجان حفلات فنية وأمسيات ثقافية شعرية وأدبية وسباق للخيول" الا ان الاجراءات النهائية لتقرير الفاعليات ما زالت "في اطار البحث والدراسة". وتحوي الرقة "منشأة الأسد للفروسية" وهي من المنشآت الضخمة التي تربى فيها الخيول العربية الاصيلة، وتتوزع وجود اعداد كبيرة من الخيول التي تشتهر بها المحافظة بين الريف والمدينة. كما تضم "فرقة الرقة للفنون الشعبية" التي زاد عمرها عن ربع قرن وذاع صيتها من خلال مشاركاتها الخارجية الكثيرة وفوزها بجوائز عدة والتي لحن لها الفنان زكي ناصيف اغاني عدة لاقت نجاحاً كبيراً. وساهمت اقامة سد الفرات على نهر الفرات في استصلاح وري اراضي الجزيرة السورية التي تبلغ مساحتها ضعفي مساحة الأراضي السورية المروية. وشيدت مدينة الثورة على الطراز العصري لتخدم العاملين في السد الذي يبلغ ارتفاعه 60م وطوله 4.5 كلم وعرضه عند القاعدة 57م. ويشكل السد خلفه بحيرة تدعى "بحيرة الأسد" بطول 80 كم ومساحة 630 كيلومتراً مربعاً وتتسع ل 12 بليون متر مكعب من الماء وتولد طاقة كهربائية أجماليها 800 الف كيلو وات". الا ان قيام تركيا بإنشاء سدود اضافية على نهر الفرات ادى الى شحّ المياه مما انعكس على توليد الطاقة والريّ. والداخل الى مدينة الرقة سيلفت انتباهه انخفاض منسوب مياه النهر.