تحولت قرية الكشح في محافظة سوهاج في صعيد مصر الى ثكنة عسكرية بعدما تصاعدت المواجهات بشكل خطير بين المسلمين والاقباط وباتت فتنة طائفية تذكّر بأحداث "الزاوية الحمراء" في نهاية السبعينات. وامتدت المصادمات بين الطرفين الى قرى اخرى قريبة من الكشح، لتسفر حتى مساء امس عن مقتل نحو 20 شخصا وجرح 33 آخرين. راجع ص 5 وقال اهالي في القرية ان الشرطة فرضت حظر التجول على مدينة دار السلام، وقرية الكشح. فيما تحدث بيان لوزارة الداخلية عن "اعمال نهب وسرقة طاولت بعض المحال التجارية قام بها مخربون حاولوا استغلال الاحداث". واستنفرت الاجهزة الحكومية والشعبية في الصعيد، في محاولة لتجاوز الازمة التي فرضت نفسها على المصريين، وكان لافتاً ان جميع القتلى من الاقباط، في حين ضمت لائحة الجرحى مواطنين من الديانتين، وقال الانبا ويصا، وهو اسقف مدينة البلْيَنَة القريبة من القرية، إن عدد القتلى ارتفع مساء امس الى 25 شخصاً جميعهم من الاقباط، وان هناك نحو عشرة اشخاص لا يزالون مفقودين. وأوضح، في اتصال هاتفي اجراه مع "الحياة" في القاهرة، ان البابا شنودة الثالث ارسل لجنة لمعالجة الوضع وحصر الخسائر. لكن بيان اصدرته وزارة الداخلية اكد ان الاحداث التي جرت في الايام الثلاثة الماضية اسفرت عن مقتل 20 شخصا فقط واصابة 33 بجروح تم نقلهم الى المستشفيات، وأن 11 مصاباً عادوا الى منازلهم بعدما قدم لهم العلاج اللازم. وعزا البيان ارتفاع عدد القتلى الى قيام ذوي المصابين باصطحابهم الى منازلهم من دون الابلاغ وكذلك الى العثور على قتلى داخل المناطق الزراعية بعدما اصيبوا اصابات مميتة. ولفت البيان الى ان قوات الامن حصرت اضراراً في 33 محلاً تجارياً واحتراق سيارتين، واتهم "عناصر اجرامية مثيرة للشغب" ب"تعمد تصعيد تداعيات ردود الفعل بين المسلمين والاقباط في الكشح مؤكداً ان الازمة "بدأت من دون اي دوافع سياسية وانما لخلاف في معاملات مالية بين مواطن مسلم وآخر قبطي". وتحدث البيان عن "عناصر عمدت الى النهب واشعال الحرائق في بعض المحال التجارية" وذكر ان المواجهات والاحداث حدثت على نطاق القرية وامتدت الى مدينة السلام التي تقع الكشح في نطاقها. وحاولت شخصيات حكومية وشعبية امس عقد "مجالس صلح" بين العائلات المقتتلة لكن المحاولة لم تنجح حين موعد آذان المغرب، حيث انصرف المسلمون الى الصلاة والافطار. وبدا الوجود الأمني داخل شوارع دار السلام والكشح كثيفاً للغاية، ووجد الراغبون في دخول الكشح صعوبة كبيرة بعدما أوقفتهم حواجز نصبتها الشرطة. ونفى اهالي في القرية ان يكون القتال استمر منذ مساء اول من امس وحتى ظهر امس، وأوضحوا ان المعارك كانت تندلع فجأة وتنتقل من مكان الى آخر وتتوقف حينما تفرض قوات الامن وجودها في المكان، ثم تبدأ في وقت لاحق في مكان آخر. ونظم مسلمون من اهالي القرية تظاهرات طافت بعض الشوارع وهم يرددون "الله اكبر" وقذفهم مواطنون اقباط من على سطوح المنازل بالحجارة. ويسود اعتقاد بوجود "مؤامرة" لإثارة الفتنة الطائفية وتحركها اياد خفية، اذ أعرب الأنبا ويصا عن اعتقاده بأن "مخططاً" أعد حتى يقتل بعضهم البعض الآخر، في حين ربطت مصادر مصرية بين الاحداث واجتماع عُقد في اميركا لمنظمة "بيت الحرية" تم خلاله منح مصريين جوائز لكونهم من مناصري حقوق الاقباط في مصر، وتساءل شهود في الكشح: "كيف يحمل اطفال مشاعل ويلقونها على غيرهم إلا اذا كان الأمر مخططاً؟".