دخل تنظيم "جماعة الجهاد" المصري مرحلة جديدة اثر اعلان تخلي زعيمه الدكتور أيمن الظواهري عن موقعه بعد تفاعلات داخل التنظيم منذ تفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام في آب اغسطس 1998. وأفادت مصادر قريبة من التنظيم أن الظواهري تنازل طواعية عن "إمارته"، تجنباً للدخول في خلافات أو صراعات مع زملائه، وأنه فضل البقاء في جوار اسامة بن لادن والعمل معه ضمن "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين"، التي أسسها الاثنان في شباط فبراير 1998، مع جماعتين من باكستان وأخرى من بنغلاديش. ورفضت المصادر كشف اسم زعيم التنظيم الجديد "لأسباب أمنية"، مشيرة إلى أن اتصالات مازالت تجري بين قادته لترتيب أوضاعه الداخلية. لكن مراقبين رجحوا أن يكون القائد الجديد أحد أعضاء "مجلس شورى التنظيم" ممن وردت اسماؤهم في لائحة الاتهام في قضية "العائدون من ألبانيا" وحوكموا فيها غيابياً وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام. وظلت "جماعة الجهاد" تعتمد سرية شديدة في تعاطيها مع الأطراف الأخرى، ثم بدأت ممارسة نشاط إعلامي منذ 1993 الذي شهد اثنتين من أكبر عملياتها داخل مصر، أولها محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق السيد حسن الألفي، والثانية محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف صدقي. ووفقاً للترتيب التنظيمي داخل الجماعة يرجح أن يخلف الظواهري المحامي ثروت صلاح شحاتة المحكوم غيابياً بالإعدام مرتين في قضيتي صدقي و"العائدون من ألبانيا". إذ تضمنت أوراق القضية الثانية معلومات عن أدوار مهمة قام بها خلال السنوات العشر الماضية، خصوصاً بعد القبض على قيادي آخر في التنظيم في أذربيجان هو أحمد سلامة مبروك الذي كان يعد الساعد اليمنى للظواهري. ورُحِّل مبروك إلى مصر اثناء النظر في القضية، وحكم عليه حضورياً فيها مع أكثر من عشرة من قادة التنظيم وعناصره تسلمتهم مصر من دول أخرى. وحملت عودة زوجة شقيق الظواهري المهندس محمد الظواهري الذي تولى خلال السنوات الماضية مسؤولية قيادة العمل العسكري للتنظيم إلى مصر بعدما سلمت نفسها في أيلول سبتمبر الماضي مع ابنائها الى السفارة المصرية في اليمن بعدما انقطعت أخبار زوجها عنها، وفشل عناصر التنظيم هناك في توفير مأوى لها أو الانفاق عليها، بعض المراقبين على الاعتقاد بأن المهندس الظواهري تولى قيادة التنظيم خلفاً لشقيقه، وعلى الأرجح أن يكون فضّل البقاء داخل الأراضي الافغانية والعمل ضمن "الجبهة الإسلامية لقتال اليهود والصليبيين". ووفقاً لمعلومات السلطات المصرية فإنه قبل التطور الأخير كان مجلس شورى التنظيم يتكون من الظواهري أميراً وثمانية أعضاء هم شقيقه محمد الذي يعرف باسمي "الاستاذ سمير" و"المهندس"، والمحامي ثروت شحاتة ويستخدم اسماء "محمد علي" و"أبو السماح" و"أبو محمد"، وعبدالله محمد رجب عبدالرحمن واسمه الحركي "أحمد حسن أبو الخير"، وعادل عبدالقدوس ويعرف بثلاثة اسماء حركية هي "حازم" و"علاء" و"عثمان"، وأحمد سلامة مبروك المعروف باسم "ابو الفرج المصري"، ونصر فهمي نصر ويستخدم اسمين حركيين هما "محمد صلاح" و"أبو إبراهيم"، ومرجان مصطفى سالم الجوهري ويستخدم ثلاثة اسماء حركية هي "عيسى" و"سامي" و"محمود"، وابراهيم العيدروسي. أما "المجلس التأسيسي" للتنظيم فيتكون من لجان تُشرف على العمل التنظيمي كل في اختصاصه. ويتكون من اللجان الآتية: - لجنة التنظيم المدني الداخلي: وتختص بمتابعة اعضاء الجماعة داخل مصر من العاملين في مجال الدعوة وليس العمل العسكري، وكان المسؤول عنها أحمد سلامة مبروك. - اللجنة الأمنية: وكان المسؤول عنها ثروت شحاتة وتختص بإعداد المعلومات عن أعضاء التنظيم وكيفية الاتصال بهم والمقومات الفقهية والشرعية والجسمانية والنفسية عن كل عضو، وتحديد الأعمال التي يمكن لهم القيام بها. ويتم ذلك بعد أن تتلقى اللجنة ترشيحات بأسماء الأعضاء من مسؤولي المجموعات داخل مصر. - لجنة العمل الخاص اللجنة العسكرية: وكان المسؤول عنها محمد الظواهري وتتولى كل النواحي العسكرية للتنظيم، ومتابعة نشاط الأفراد التابعين لها سواء داخل البلاد أو خارجها، وتوجيههم وإعطاء التكليفات لهم على كل المستويات وتحديد اسلوب تنقلاتهم وتحركاتهم وأهداف العمليات العسكرية وكيفية التنفيذ. - اللجنة الأمنية: مهمتها مساعدة أعضاء لجنة العمل الخاص داخل مصر وتوفير المأوى لهم وإعاشاتهم، وتوفير ما يلزمهم من وثائق للتنقل والتخفي وتضليل أجهزة الأمن وتدبير الأسلحة والمتفجرات. - لجنة الوثائق: كان المسؤول عنها شوقي سلامة الذي سلم لمصر من ألبانيا، وتتولى إعداد مستلزمات قادة التنظيم وأعضائه من أوراق رسمية وبطاقات هوية وجوازات سفر وشهادات تأدية الخدمة العسكرية وتأشيرات الدول التي ينوي أعضاء التنظيم أو قادته السفر إليها. - اللجنة المالية: كان المسؤول عنها نصر فهمي نصر وتختص بتوفير الدعم المالي للتنظيم الذي يتم عبر قنوات عدة أهمها اسامة بن لادن وتبرعات المتعاملين مع الجماعة والأموال التي تجمع من بعض المساجد في دول مختلفة، وكذلك نسبة عشرة في المئة من دخل اعضاء الجماعة. - لجنة أسر المعتقلين داخل مصر: تتولى جمع المعلومات عن أسر أعضاء التنظيم ممن يقضون فترات العقوبة أو المعتقلين على ذمة القضايا، وتدبير الوسائل المناسبة لإرسال مبالغ لذويهم. - اللجنة الشرعية: المسؤول عنها مرجان مصطفى سالم وتختص بالعمل على إعداد الأبحاث الشرعية للتنظيم والتي تتناول رأي الجماعة في الأمور الشرعية والخلافية والفقهية التي تعترض التنظيم والرد على ما يوجه له من نقد. - اللجنة الإعلامية: وتتولى طباعة الأبحاث والكتب والبيانات الخاصة بالتنظيم وتوزيعها داخل مصر وخارجها. لكن احتمال اختيار قائد جديد للتنظيم غير مرصود أمنياً من المقيمين في اليمن يظل قائماً، ويشير أصوليون إلى أن الظواهري تولى إمارة الجماعة في بداية التسعينات خلفاً للدكتور سيد امام الذي ظل اسمه الحقيقي غير معروف لسنوات بين عناصر التنظيم الذين كانوا يعرفونه باسم "فضل"، ولم ينتشر اسمه إلا بعدما تنازل عن إمارة الجماعة للظواهري.