ليلة وداع قرن وبداية قرن، امتدت وتمتد بطيئة من ظهر أمس الى ظهر اليوم، فيعاينها البشر ويفرحون بها ويتأملون في معناها، من أقصى الشرق الى أقصى الغرب. ولبست الاحتفالات أثواب حضارات مختلفة وإيقاعات شعوب متنوعة ولغات على كوكب الأرض. شعوب اعطاها القرن المنقضي انجازات في المعرفة والصحة ووسائل النقل وأساليب الترفيه والرفاهية ومصادر جديدة للغذاء، كما أعطاها حروباً مدمرة وأسلحة تعد بمزيد من الدمار إذا لم توقفها يقظة تجمع عليها الأمم. من جزر كيريباتي وتونغا شرق استراليا، دورة حول الأرض تعود الى هونولولو في المحيط الهادي، وبين المكانين بلاد وشعوب أخذت حصصها من ليلة القرن الطويلة فرحاً وأضواء وشعارات ورقصاً وغناء، كل شعب يحتفل بطريقته ويعلي من شأن تراثه. الاحتفالات تتم لحظة الغروب لوداع آخر أيام الألفية، وفي أكثرها كانت الشمس تسقط في أفق البحر مخلفة حمرتها على صفحة الماء النابضة. البيت الأبيض الأميركي أعلن بدء الاحتفالات ظهر أمس، وجرس وزنه 50 طناً كان يقرع في منتصف الليل في بكين، والصينيون يتذكرون سورهم العظيم ينصبون عليه علم التنين. وجزر في الشرق الأقصى يهددها علو منسوب المحيط بالانقراض، حيث شعوب بدائية ترقص وتهجس بمغادرة أرض عاشت عليها من آلاف السنين. وحاكم متجول هو الدالاي لاما يتأمل في مملكة الكلام بعدما طرد من مملكة الواقع. والمصريون يقدمون آثارهم الفرعونية اطاراً لاستقبال قرن جديد على قاعدة تراث مشترك للبشرية. والأوروبيون الغربيون يختزلون الاحتفال بعدما حطمت العواصف ما أعدوا لها وقتلت ودمرت لكن الشانزيليزيه في باريس غصّ بالمحتفلين الى جانب حطام الشجر. والقدس تلخص ذاتها في رجال دين من الأديان السماوية الثلاثة يطلقون حمام السلام. وثمة في ليلة الوداع والولادة ساهرون مميزون، هم اولئك الذين يرعون الكومبيوترات من بقة الألفين، وقبلهم خبراء يرعون المحطات النووية والقواعد العسكرية الكبرى، كي تمرّ الليلة بسلام، وأول مفاعل نووي روسي في أقصى الشرق عَبَرَ العام 2000 من دون مشكلة، وتلاحقت أخبار السلامة. ليلة للتاريخ، واليوم يبدأ العام 2000 ومعه تتمنى "الحياة" للبشرية سلاماً ورخاء، وخصوصاً للعالمين العربي والإسلامي حيث الجروح القديمة والجديدة في حال الرجاء بالشفاء.