في 31 كانون الأوّل ديسمبر الجاري، تنطلق من باريس، وسع جادة الشانزيليزيه الشهيرة، الاحتفالات والتظاهرات المختلفة التي ستشمل كل فرنسا من أجل استقبال الألفية الجديدة. "أبواب العام 2000"، عنوان الإحتفال الضخم الذي يشارك في تنظيمه عدد كبير من الفنانين، من مهندسين معماريين ومسرحيين ولاعبي سيرك وموسيقيين ورسامين تشكيليين ومخرجين سينمائيين ومصمّمي مناظر... وقد أنفقت الدولة الفرنسية، حسب تقديرات "لجنة سنة 2000" التابعة لوزارة الثقافة 400 مليون فرنك فرنسي استعدادا لإحتفالات تبدأ ليلة 31 كانون الاول وتستمر حتى نهاية الصيف المقبل. وعندما ستشير الروزنامة المضيئة المرفوعة على برج ايفيل وهي بدأت تحسب منذ سنة الأيام المتبقيّة من العام 1999 الى الرقم 2000 معلنة بداية سنة جديدة وبداية قرن جديد، سيشتعل برج ايفيل بثمانية أطنان من الألعاب النارية في حين ستدور نحو 15 عجلة عملاقة مضاءة ومزيّنة تمثّل أبواب العام 2000 التي ستُمّد من ساحة متحف اللوفر الى ساحة الكونكورد ومنها الى جادة الشانزيليزيه وقوس النصر انتهاء بقوس الديفانس. وستضّم هذه البوابات الرمزية أمكنة للعروض الفنيّة والموسيقية والثقافية. وسيخصّص العرض عند قاعدة قوس النصر لتذكير الإنسانية بمآسي الحربين العالميتين. وتقول وزيرة الثقافة، كاترين تروتمان في الملّف الذي اعدّته "لجنة سنة 2000" ان الاحتفال يهدف الى: "إزالة الحدود التي دفعت الدول الى محاربة بعضها. أصبحت أوروبا حدودنا المشتركة، ولكن السلام لا يزال غامضاً في العالم. المدى الدولي الذي أردناه لهذا البرنامج يستجيب مع هذا الإنشغال، خلق تفاهم أفضل بين جميع البشر....". وسيشمل استقبال العام 2000 في فرنسا نشاطات عدّة، من أبرزها ما سُمّي ب"الخط الأخضر" الذي ينصّ على زرع خطّ من الأشجار طوله ألف كيلومتر يبدأ في ميناء دانكرك على ساحل النورماندي في الشمال ويقطع فرنسا حتى جبال البيرينيه في الجنوب ومن ثم يعبر الحدود الإسبانية ليصل الى مدريد. وأما "جامعة المعارف"، فستقدّم على مدى 366 يوما 366 درسا أو محاضرة يشارك فيها أبرز العلماء والمثقفين من العالم الفرنكوفوني لتعالج كل أوجه المعرفة، من الفيزياء الى الرياضيات الى الأمراض والثروات والتلوّث والعائلة والمدينة وأوروبا... مع تركيز على التساؤلات الرئيسية للمستقبل. وهذه المحاضرات ستنعقد كل يوم في باريس، في "المعهد الوطني للفنون والمهن"، وستُبّث وتنشر في وسائل إعلام عدّة كي تصل الى أكبر عدد من الناس. ومن المشاركين في هذا المشروع صحيفة "لوموند" ومجلة "تيليراما" وإذاعات "فرانس كولتور" و"فرانس انفو" و"فرانس انتير". وأوجد كذلك موقع إنترنت خصّيصا لهذه الجامعة التي لن تشبه غيرها من الجامعات. وبين الأول من حزيران يونيو و17 تموز يوليو 2000، سيلتقي أكثر من مئة كاتب جاؤوا من كل أنحاء أوروبا ، من أجل إعادة إحياء مسار القطار "اكسبرس شمال - جنوب" الذي اشتهر في مطلع القرن والذي سينقلهم في رحلة فريدة من لشبونة الى برلين مرورا بالبرتغال واسبانيا وفرنسا وبلجيكا والمانيا وليتوانيا وروسيا وبولونيا. وفي 21 مدينة سيتوقّف القطار وينزل الكتّاب ليشاركوا في ندوات تتمحور حول العصر الجديد ودور الكاتب والأدب في مقاومة ومواجهة العولمة. وهذا المشروع الذي سمّيّ ب "قطار الأدب - اوروبا 2000" شاركت في تنظيمه دول اوروبا الثماني والاربعين. ومن النشاطات المهمّة في برنامج غنّي يضمّ كل المدن الفرنسية "نزهة القرن" التي ستأتي في مناسبة العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز 2000 وستكون عبارة عن حلقة متواصلة من موائد الطعام والشراب على إمتداد ألف كيلومتر وعبر 337 بلدة وقرية فرنسية... ولكن بإنتظار كل ذلك، يتهيأ الجميع في باريس هذه الأيام، في شوارع رائعة في زينتها الأنيقة والجميلة، لإستقبال الألفية الجديدة ولا سيما القوات الضاربة التابعة للشرطة الفرنسية من أجل الحفاظ على أمن المواطنين المحتفلين ببداية القرن الجديد والذين سينتشرون من دون شك بأعداد ضخمة في محوري "الشانزيليزيه" و"برج ايفيل" لمشاهدة "جنون" الأنوار والأضواء والرقص والموسيقى... الصور لطوني الحاج.