في ظل الاستقطاب السياسي الشديد، أصبح من الصعب إيجاد أرضية مشتركة حول العديد من القضايا الخلافية، لكن هل يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تقليل هذا الانقسام؟ هذا ما يحاول الباحثون من (Google DeepMind) وجامعة أكسفورد اختباره من خلال «آلة هابرماس»، وهي نظام ذكاء اصطناعي مصمم للمساعدة في تسهيل النقاشات الجماعية والوصول إلى توافق جماعي، بديلاً عن الوسطاء التقليديين. حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات مثل مفاوضات العقود، حل النزاعات، المناقشات التشريعية، وتيسير الاتفاقات العامة، ويشدد الباحثون على أهمية تمثيل وجهات النظر المختلفة لضمان نزاهة وشفافية الذكاء الاصطناعي. نتائج واعدة وأجرى الباحثون تجارب شملت أكثر من 5000 مشارك من المملكة المتحدة، وقارنت هذه التجارب بين أداء آلة هابرماس وأداء الوسطاء البشريين، وفحصت كيف تغيرت آراء المشاركين أثناء عملية المداولة. وكانت النتائج التي نُشرت في مجلة ساينس واعدة بالتأكيد، فقد فضل المشاركون باستمرار البيانات الجماعية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي على تلك التي كتبها وسطاء بشريون، وصنفوها على أنها أكثر وضوحًا وأكثر إفادة وأقل تحيزًا، ولعل الأهم من ذلك، أنه بعد التعامل مع وسيط الذكاء الاصطناعي، أصبحت المجموعات غالبًا أقل انقسامًا بشأن القضايا التي ناقشوها، وكانت آراء المشاركين تميل إلى التقارب نحو منظور مشترك -وهي خطوة أساسية في بناء الإجماع. ومن المثير للاهتمام أيضا أن آلة هابرماس لم تكتف بإرضاء رأي الأغلبية، فمن خلال تحليل اللغة المستخدمة في بيانات المجموعة، وجد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي تعلم احترام آراء الأغلبية مع تعزيز الأصوات المعارضة في الوقت نفسه، وساعد هذا النهج المتوازن في منع «استبداد الأغلبية»، الذي قد يحدث أحيانًا في عملية صنع القرار الجماعي. تحليل الآراء وتقوم الدراسة على افتراضية؛ تصور مجموعة صغيرة تناقش موضوعًا حيويًا مثل سياسة الهجرة، حيث يقوم كل فرد بكتابة رأيه بشكل مستقل. ويقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل الآراء وصياغة «بيان جماعي» يعكس مجالات الاتفاق، المشاركون يقيّمون البيان ويقدمون انتقاداتهم، ليقوم الذكاء الاصطناعي بإنتاج نسخة محدثة، من خلال عدة جولات، يتم الوصول إلى بيان نهائي يعكس توافق المجموعة. إمكانات مستقبلية وبجانب تطبيقات الذكاء الاصطناعي في النقاشات الرسمية، قد تساعد هذه التقنية في مجالات متنوعة مثل مفاوضات العقود، حل النزاعات، وحتى الاتفاقات السياسية، ومع ذلك، يشير الباحثون إلى ضرورة التمثيل المتنوع للمشاركين لضمان شفافية هذه التكنولوجيا. تجمع افتراضي ولضمان عدم حصر هذه النتائج في فئة سكانية ضيقة، اختبر الباحثون أيضًا آلة هابرماس في «تجمع افتراضي للمواطنين» يضم عينة تمثيلية من سكان المملكة المتحدة، وهنا أيضًا، ساعد الوسيط الذكي المشاركين في إيجاد أرضية مشتركة بشأن قضايا مثيرة للانقسام مثل الهجرة وتغير المناخ وسياسة الرعاية الصحية. وقد يخشى المرء أن يتمكن نظام الذكاء الاصطناعي من التلاعب بالمناقشة أو فرض تحيزاته الخاصة، ومع ذلك، لم يجد الباحثون أي دليل على أن آلة هابرماس كانت توجه المحادثات في اتجاهات محددة مسبقًا، وبدلاً من ذلك، بدا أنها تسهل حقًا ظهور وجهات نظر مشتركة بين المشاركين من البشر. أهمية البحث ويُظهِر هذا البحث إمكانات الذكاء الاصطناعي في تعزيز المداولات الجماعية من خلال إيجاد أرضية مشتركة بين المشاركين ذوي وجهات النظر المختلفة، إن النهج الذي يتوسطه الذكاء الاصطناعي موفر للوقت وعادل وقابل للتطوير ويتفوق على الوسطاء البشريين في أبعاد رئيسية«، كما كتب المؤلفون في تقريرهم. أماكن الاستفادة وبعيدًا عن البيئات الرسمية مثل جمعيات المواطنين، فإن المداولات التي تتم بوساطة الذكاء الاصطناعي قد تعمل على تحسين عملية اتخاذ القرار الجماعي في مجالات مختلفة من مفاوضات العقود وحل النزاعات إلى المناقشات التشريعية والاتفاقيات الدستورية. ومع تصارع المجتمعات مع تحديات متزايدة التعقيد، فإن الأدوات التي تساعدنا في التوصل إلى اتفاق وتعزيز العمل الجماعي قد تكون ذات قيمة لا تقدر بثمن. مخاطر الخوارزميات وبطبيعة الحال، لا تخلو المداولات بمساعدة الذكاء الاصطناعي من المخاطر. ويؤكد الباحثون على أهمية ضمان التمثيل المتنوع والمشاركة بحسن نية من جانب جميع الأطراف المعنية. وهناك مجال للنقاش حول الدور الذي ينبغي أن تلعبه الخوارزميات في العمليات السياسية. ولكن في عالم حيث يبدو أن غرف الصدى والاستقطاب هي القاعدة، تقدم آلة هابرماس بصيصا من الأمل.من خلال المساعدة في العثور على أرضية مشتركة موجودة تحت الخلافات. الغرض من آلة هابرماس تهدف «آلة هابرماس»، نظام الذكاء الاصطناعي، إلى تسهيل النقاشات الجماعية وتكوين توافق بين المشاركين حول القضايا الخلافية. آلية عمل النظام يقوم كل مشارك بكتابة رأيه بشكل مستقل، ثم يقوم الذكاء الاصطناعي بصياغة بيان جماعي يعكس نقاط الاتفاق، مع إمكانية تعديل البيان بناءً على ملاحظات المشاركين في عدة جولات. نتائج الدراسة أظهرت الدراسة أن البيانات التي أنتجها الذكاء الاصطناعي كانت مفضلة لدى المشاركين، حيث صنفت بأنها أكثر وضوحًا وأقل تحيزًا، كما ساعدت على تقليل الانقسامات وتعزيز التوافق توازن في الآراء استطاع الذكاء الاصطناعي احترام آراء الأغلبية والأقلية على حد سواء، مما منعه من التحيز لصالح رأي الأغلبية وحدها