تمتاز الأنساق التاريخية والثقافية للمملكة عن غيرها من دول العالم وذلك بحكم عوامل متعددة قد يكون من أبرزها أنها لم تستعمر من قبل، واستتباعا لذلك يجعلها تتقدم مراتب عن غيرها ولكون ثقافتها على السليقة بميل فطري وطبع لا يتغير وهي لا تزال تنهل من معينها الأول ونبعها الصافي الأمر الذي جعل الفارق والرغبة في التعرف عليها وقد لمسنا الفرق للوافدين إلى المملكة طوال السنوات الماضية بهدف السياحة الثقافية والتاريخية. إن ما جعل المملكة تستمر على سياقها السابق سواء كان في اللغة وألفاظها أو التمظهرات الأخرى في الأزياء والحرف وغيرها من الفنون المختلفة يعود ذلك رمزيا إلى مراحل تاريخية مقنعة للسائح وغائرة في أعماق الماضي، ما يجعل الآخر المختلف يعيش تلك المراحل البعيدة في ألوان الحياة ضمن الفعاليات المختلفة في كل مناطق المملكة وهذا ما يثير لدى الكثير حالة من الدهشة والإحساس بشعور مختلف ويشعر بنسق ثقافي بارز ذات طابع تاريخي يستحق المشاهدة والوصول إليه، وامتداداً لهذه المعطيات وهذه الذاكرة التاريخية الحية فإن هناك المزيد من العمل الفاعل ليتحقق من وراءه جوانب مختلفة اقتصادية وكذا الوصول إلى العالمية وذلك وفقا لتطلعات الرؤية الوطنية. 2030؛ فالأنساق التاريخية والثقافية آخذة في الامتداد وتكثيف الجهود لتكون أكثر إشراقا وأعمق فاعلية ضمن ما يقام لدينا من برامج سياحية مختلفة ومتعددة في كل أرجاء المملكة. ويأتي هذا التلاقي بين بعدي الزمن الماضي المشرق والحاضر المتوثب في ظل قيادة طموحة نحو تطلعات لا حدود لها، تلك التطلعات التي بدورها تغني جيل الشباب وتعزز قيم الموروثات الثقافية والتاريخية وبكل أبعادها وهذا سيحقق من بعده أبعادا اقتصادية ومنافع متعدية إلى جانب ما يتحقق من قيم ثقافية في الأنساق المختلفة التي تجعلنا على صلة مستمرة بالجذور التاريخية التي تشع بفتائل من نور من إرث حضاري كبير يعد بريادة عالمية لمستقبل وطننا مع عرّاب رؤيتنا الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- وخصوصا أن هناك حضورا حافلا من قبل جميع الشرائح من الأوساط النخبوية في الأروقة الثقافية والفكرية بالمملكة وغيرها؛ وتساهم بشكل فاعل وفي جوانب مختلفة. وهنا تحضرني أحد أشكال الحضور النخبوي المتفاعل مع هذا الحراك المذهل لوطننا؛ فعبر الرواية لفتني تفاعل جميل من الروائي عبدالجبار الخليوي عندما زار محافظة العلا أحد المعالم التاريخية والأثرية القديمة طنطورة ولدت رواية (طنطورة) التي شكلت البعد المعرفي للأنساق الثقافية والتاريخية في محافظة العلاء ولا يزال هناك أنساق ثقافية وتاريخية متعددة راكزة في الوجود كفيلة بأن تضع المملكة في الصف الأول معرفيا وفكريا وكذا سياحيا واقتصاديا عبر هذه الوثبات والقفزات اللافتة في شتى المناحي، مستصحبة معها الخطة المستقبلية للسياحة ومستهدفات الرؤية وبرامجها التي جذبت العالم وجعلته يعيش واقعاً ملامح هذه الحقبة التاريخية والأنساق الثقافية التي تزخر بها بلادنا.