عهد ووعد ووفاء    النمو الاقتصادي في الذكرى الثامنة لبيعة ولي العهد    النفط بقرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    البديوي: عدوان إسرائيل على بلدة كويا السورية استمرار لزعزعتها الاستقرار بالمنطقة    «الإبادة الجماعية» في يومها التاسع.. مجزرة دامية في جباليا ومجاعة وشيكة بغزة    القيادة تهنئ رئيس بنغلاديش بذكرى استقلال بلاده    العقيدي: حققنا نتيجة إيجابية    إحالة طبيب للجهات الأمنية لمخالفته الأنظمة الصحية    ضبط شخصين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر    ساحة العدل.. قلب الرياض النابض    فن الدراما.. بين الانعكاس الاجتماعي والتأثير في التغيير    في الذكرى الثامنة لمبايعة ولي العهد    نائب أمير مكة المكرمة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    نعيم بن مسعود.. رائد الحرب النفسية في الإسلام    السعودية تدين انتهاكات إسرائيل وتدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته    الدبلوماسية السعودية تنجح في وقف النزاعات المسلحة    790 مليون ريال لمستحقي الزكاة عبر خدمة "زكاتي" للأفراد    أخضر الشاطئية يصل لنصف نهائي كأس آسيا    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا    وكيل ألفونسو ديفيز يتهم مدرب كندا في التورط بإصابته    مصر تستضيف البطولة العربية للجولف للناشئين والسيدات في مايو المقبل    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ ما يزيد عن 14 ألف جولة خلال النصف الأول من رمضان المبارك    مساجد الدرب تنفذ مبادرة "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" بمساجدها    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. دولة إيران    من الصحابة.. رملة بنت أبي سفيان رضي اللهُ عنها    "سعود الطبية" تعتمد أحدث تقنيات التصنيع الرقمي لتركيبات الأسنان    نجاح أول علاج بيولوجي لمريض يعاني من مرض جريفز    "عيد إثراء" 25 فعالية تجمع بين الإبداع والثقافة والبهجة    قطار الحرمين يسجل رقمًا قياسيًا بنقل 48 ألف راكب في يوم واحد خلال شهر رمضان المبارك    نجاة طفل سقط من سيارة تحت عجلات مركبة أخرى    تحليل استخباراتي: الصين أكبر تهديد عسكري وإلكتروني لأمريكا    المرأة السعودية.. تمكين وريادة    ولي العهد.. بيعة ورؤية ونماء    زعيم الشرق الأوسط    العمارة السعودية.. تنوع ثقافي وجغرافي    الكوميديا السعودية تكتسح شاشات رمضان    الذكرى الثامنة لبيعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    إنجازات طموحة وبيئة محفزة للابتكار.. 412 مليار ريال مساهمة الصناعة في الناتج المحلي    في حفل جوائز الأبطال في لندن.. زياد المعيوف يتوج بلقب أكثر ملاكم ملهم لعام 2025    رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين    ملف الترشيح نال أعلى تقييم في تاريخ الفيفا.. مونديال 2034.. السعودية تحتضن العالم بإرث عريق ومنشآت عصرية    محمد بن سلمان.. قائد الرؤية وصانع التأثير    لجنة تقصي الحقائق تدرس إنشاء محكمة خاصة لمحاسبة الجناة.. سوريا.. «كويا» تدفع ضريبة التصدي لانتهاكات الاحتلال    564 سلة غذائية لمحتاجين في "دير عمار"    القاضي الخرجي رمز من رموز العدالة    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    شغف لا ينتهي    تعطيل المفاوضات نهج إسرائيلي ممتد    مسيرة الوطن وعز الأمّة    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    حماية الطفل تبدأ باحترام رأيه    محمد بن سلمان وسنوات التجديد    سيكولوجية الصوم    الوعي الذاتي وتأثير الأفكار    رمضان يجمعنا.. مبادرة إنسانية تُنير قلوب الأيتام وتوحد أطياف المجتمع ..    بيعة تصنع التاريخ    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    «شارع الأعشى» كتلة مشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تكذب ولا تتجمّل!
نشر في عكاظ يوم 31 - 10 - 2024

ظلّ وزير الدعاية النازية الشهير «غوبلز» يكذب ثم يكذب ثم يكذب حتى صدّق أكاذيبه وصدّقها الناس، محققاً فلسفته في الحرب النفسية والخداع والتضليل، لكن النتيجة في نهاية المطاف كانت كارثية على نفسه وعلى من صدّقوه، فكانوا جميعاً ضحية هذا الكذب، قبل أي شيء آخر.
ورغم أن الزمن والتجارب المريرة، كشفت زيف هذه المقولة مراراً وتكراراً؛ إلا أن واقع الأمر يدل على أن «الكذب» كآفة سلوكية ولا أخلاقية والمنبوذة -ولو نظرياً- مجتمعياً ودينياً، آخذة بالتطور والتمدد، وآخذ أتباعها ومعتنقوها بالتزايد والتكاثر.
إذ تكشف دراسات علم النفس أن الإنسان يمارس فعل الكذب خلال اليوم الواحد بين مرتين إلى ثماني مرات، فيما يتّخذ أصحابها قائمة لا حصر لها من المبررات التي تدفعهم للجوء إلى الكذب، وأحياناً ومن باب «راحة الضمير» إلباسه اللون «الأبيض» للتخفيف من حدّته أو منح سلوكهم صك غفران وشهادة براءة! وتحت هذا الغطاء، استشرت ظاهرة الكذب لتصبح بقصد أو بدون، الوصفة الثابتة في علاقاتنا، وأحاديثنا، وكلماتنا، ومجاملاتنا، وتواصلنا، وفي شرائنا وبيعنا وعملنا، وحتى في إرشاداتنا وتربيتنا لأطفالنا التي يتصدّرها دوماً حثّهم على «عدم الكذب!»
يرى «مايكل لويس» أستاذ الطب النفسي بجامعة «راتجرز»، أن الكذب على مدار التاريخ البشري كان «ضرورة تطورية نحمي بها أنفسنا من الأذى». لكن في أثناء ذلك نحن لا ندرك أننا من خلال اللجوء إلى الكذب كل ما نفعله تأجيل ذلك «الأذى» وربمّا مضاعفة أثره، وأن «الصدق» بما يترتب عليه من مكاشفة ومصارحة وأحياناً انطباعات وآراء صادمة، فإنه يبقى أقصر الطرق لكسب احترام الذات قبل الآخرين، ولبناء علاقات رصينة خالية من الشوائب ومن المخاطر، وسيبقى السبيل الأكثر نجاعة لتطوير الذات وتحسين الأداء.
فتحت شعار «أنا لا أكذب ولكن أتجمّل»، وتحت وطأة «حماية النفس والآخرين» من الحرج والإيذاء، تتدفّق في أجوائنا وسلوكياتنا اليومية كميات هائلة لا حصر لها من الأكاذيب والعبارات المعسولة والمدسوسة، التي نظنّ أحياناً أنها طوق النجاة لإنقاذنا من موقف صعب أو إخفاق ما، وأحياناً أخرى أنها وسيلة لكسب ود الآخر واحترامه وقبوله وإرضائه ولو مؤقتاً، فالإنسان بطبعه مسكون دوماً بعقدة «القبول» ولا يمانع في سبيل تحقيق ذلك إلى بذل جهود استثنائية فسيولوجية وفيزيائية للوصول إلى مبتغاه. فعلى عكس ما هو متوقع فإن «الكذب» يستنزف من صاحبه جهوداً مضاعفة من أجل إقناع الطرف المقابل بتصديقه، لذلك فليس من المستغرب أن يصدّق «الكاذب» هو نفسه كذبته لتكون مصدّقة لدى الآخرين!
وفي خضم حلقات الكذب التي تتوالد تلقائياً بمرور الوقت، يترسّخ هذا السلوك في ذاتنا، ويصبح سمة أصيلة تسيطر على كافة تفاصيلنا الحياتية وتتغلّب على ضمائرنا وأخلاقنا، ويمسي -فيما نتوّهم- أنه المسار الأيسر لتحقيق المصلحة، والطريق الآمن لحماية أنفسنا، والوسيلة الأجدى لكسب الغنائم، فيما نحن نؤطّر لحالة نفاق ذاتي ومجتمعي سرعان ما ستتساقط أوراقها وينكشف زيفها.
انظر اليوم وتابع بشكل مكثّف وتحليلي ما يدور على منصّات التواصل الاجتماعي من محتوى، تأمّل كم الشائعات والأكاذيب، بل ومحاولات التضليل و«التجمّل» التي يلجأ إليها «فرسان» هذه المنصّات، لحصاد الإعجابات وإشباع شهوة الشهرة ولفت الانتباه. بل كم من السيناريوهات والحكايا والمواقف «الكاذبة» التي حاكها بعض هؤلاء المشاهير ليكونوا حديث الساعة والشارع حيناً بقصد كسب التعاطف، وحيناً آخر لتشويه سمعة منافسيهم واغتيال شخصياتهم، وحيناً لتضخيم ثرواتهم، وحيناً لحماية بريق نجوميتهم من الأفول!
ومع اتساع رقعة تلك «الأكاذيب» وتكاثر ميادينها وأصنافها، ستكتشف أننا بتنا نعيش في بيئة كاذبة، وستبدأ بتحسّس كل ما حولك، وهنا تكمن إشكاليتنا في تمدد ظاهرة وطغيانها على مبادئنا الإنسانية السامية، إشكالية لا يردعها قانون أو نظام، بل مراجعة للذات والبدء منها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.