من المبادرات الجميلة في مجتمعنا -وهي كثيرة- تلك المبادرات الإنسانية والاجتماعية الخيرية التي تعبر عن قيم التكافل والترشيد وحفظ النعم، في هذا المجال تأسست بجهود تطوعية مخلصة جمعيات كثيرة في مدن المملكة المختلفة هدفها إضافة إلى التوعية والتثقيف بأهمية حفظ النعم وتجنب الهدر والإسراف، فهي تقوم بحفظ الفائض من النعم لتوزيعه على المحتاجين. بعض الجمعيات لا تكتفي بذلك وإنما تتوسع في أنشطتها، فتقوم بتدوير الفائض من الطعام والأثاث والأجهزة والملابس وتعقد الشراكات المجتمعية للمشاركة في برامجها ومشاريعها الخيرية وبهذا يتحقق التكافل الاجتماعي بمفهومه الشامل. لا تكتفي الجمعيات الخيرية بذلك حيث تصل مساعدات بعضها إلى خارج المملكة. دور هذه الجمعيات الخيرية يتعدى حدود التوعية والتثقيف فيصل إلى التشجيع على العمل الخيري وإجراء الدراسات حول التعامل مع النعم، وتنفيذ برامج تدريبية في مجال التغذية وفي مجالات أخرى مثل ترشيد استخدام الماء والكهرباء. إنه التكافل الاجتماعي وهو ثقافة راسخة في مملكة الإنسانية، ويتطلب تفاعل الجميع مع ما تقوم به الجمعيات الخيرية التي تستحق الشكر والتقدير على جهودها وإنجازاتها التي تتحدث عن نفسها ويعمل خلفها متطوعون بصمت. ما ينتظره القائمون على هذه الجمعيات من أفراد المجتمع هو الابتعاد عن الإسراف امتثالا لقوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين". الترشيد سلوك جميل يخدم مصلحة الفرد ويخدم المصلحة العامة، ترشيد استهلاك الطعام على سبيل المثال يقلل من النفايات وأخطارها الصحية كما أن إهدار كميات من الطعام يحرم غير القادرين على توفيرها. جمعيات حفظ النعم حاضرة ونشطة وتقوم بمسؤوليتها بكل إخلاص، التوعية مستمرة من خلال هذه الجمعيات ومن خلال المنابر المختلفة، لم يبق إلا التعاون والتجاوب مع الجمعيات حتى تتكامل الجهود ولنتذكر أن مفهوم الكرم لا يرتبط بكمية الطعام وإنما في الأخلاق. أختم هذا المقال وأشعر أنني لم أعط هذه الجمعيات ما تستحقه من احترام وتقدير، ورغم أن العاملين فيها لا يسعون للأضواء فإن طبيعة هذا النشاط وأهميته الاجتماعية والجهود المبذولة في تحقيق الأهداف تجعل من واجب المجتمع ومؤسساته تكريم العاملين بهذا المجال ضمن فعاليات اجتماعية تبرز ما يقومون به لأغراض توعوية تعزز أهداف هذه الجمعيات وتحفز الآخرين على المشاركة فيها ودعم نشاطاتها.