لم يفلح الكرملين في ضرب "حصار اعلامي" داخلي على الفضائح المالية التي طاولت الرئيس بوريس يلتسن، وانضمت مصادر روسية الى الصحف الغربية في كشف اسرار "تنظيف" الأموال. وذكر احد اكبر المحققين الروس ان لديه وثائق تثبت "الغالية الساحقة" من الحقائق المنشورة، فيما نفى مدير اعمال الكرملين بافل بورودين ان تكون لدى التحقيق "براهين دامغة". أثارت ضجة واسعة في موسكو امس الثلثاء تصريحات المحقق غيورغي تشوغلازوف الذي أعلن انه أُبعد عن التحقيق في قضايا لها صلة بشركة "سابيتيكس" السويسرية التي ذكر ان رئيسها الالباني الأصل بهجت باكولي فتح حسابات وبطاقات ائتمان للرئيس بوريس يلتسن وابنتيه تاتيانا ويلينا. وأكد تشوغلازوف ان هواتفه قطعت وأبعد عن التحقيق "في ذروته". وأضاف ان لديه "اثباتات تبرهن 90 في المئة" مما نشر عن الفضائح المالية. وأضاف ان "وجود حسابات للرئيس وعائلته ليس جريمة ولكن الوضع كان سيختلف لو برهنا ان الأموال لم تأت عن طريق شرعي". محاور الفضائح وثمة ثلاثة محاور أساسية للفضائح المالية: الاول يرتبط بحسابات "العائلة الرئاسية" وشركة "سابيتيكس". والثاني له صلة ب"تنظيف" اموال قدرت بما يراوح بين 10 و15 بليون دولار بينها 4.2 بليون خلال خمسة اشهر فقط مرت عبر "بنك نيويورك". اما القضية الثالثة فتتعلق ب"تسرب" مئات الملايين من الدولارات من قروض صندوق النقد الدولي إلى حسابات مسؤولين روس كبار. وأشارت مصادر في النيابة العامة الى وجود "ترابط" بين القضايا الثلاث، رغم ان المضاعفات السياسية للأولى قد تكون لها عواقب وخيمة على يلتسن. ونقلت صحيفة "كومسمولسكايا برافدا" عن فيليبي كوروفير رئيس فرع "بانكو دل غوتاردو" السويسري في موسكو، انه سيقدم شهادات تثبت ما ذكره تشوغلازوف،. وأكد ان "سابيتيكس" كانت "قناة" تمر عبرها الأموال، إما كرشوات مباشرة او عن طريق "تضخيم" قيمة الأعمال. وأورد مثالاً انه عند ترميم الكرملين، تعاقد المسؤولون فيه على شراء كراس قيمة الواحدة منها 500 ألف دولار. ورد مدير اعمال الرئاسة بافل بورودين بأن كل العقود مع "سابيتيكس" شرعية. وذكر انه طلب من تشوغلازف ان يعرض عليه نسخاً من حسابات رئيس الدولة لكنه رفض. وتابع ان المرافقين ليلتسن كانوا "يدفعون كل النفقات، لذا فان الرئيس لم تكن له علاقة مباشرة بصرف الأموال". واتهم النائبة العامة السويسرية كارلا دل بونتي بأنها تريد ان "يعرف اسمها عبر تلطيح اسماء المشاهير". ومعروف ان دل بونتي كانت سلمت لائحة من 23 اسماً الى نظيرها الروسي يوري سكوراتوف الذي سرعان ما اقصي عن منصبه. وذكرت الصحف الروسية ان المحقق قسطنطين فولكوف وصل الى جنيف للاطلاع على "غرفة بوريس بيريزوفسكي" حيث جمعت كل الوثائق المتعلقة بشركة "اندافا" التي يملكها المليونير اليهودي ومرت عبرها اموال شركة "ارفلوت" الروسية بادارة صهر الرئيس فاليري اوكولوف. ويعد مدير جهاز الحماية الرئاسي السابق الكسندر كورجاكوف الرجل الأوسع اطلاعاً على اسرار الكرملين. الا انه اكد امس انه لن يكشف معلوماته الا للهيئات المختصة. غير انه اضاف: "اذا ظهرت دلائل على ارتكاب يلتسن جريمة فالقانون لا يعفي الرئيس من المسؤولية". والى جانب رئيس الدولة فان عدداً من اكبر مساعديه وأقطاب الحكومة متهمون في قضية "تنظيف" الأموال عبر "بنك نيويورك" الذي اضطر الى طرد مديرة فرعه في لندن ليوسي لودسيلا ادواردس التي حملت مسؤولية "الاشراف" على تهريب الاموال من روسيا الى جانب ناتاشا غورفينكل التي تزوجت من ممثل روسيا في صندوق النقد الدولي كاغالوفسكي، نائب رئيس شركة "يوكوس" النفطية الكبرى حالياً. ونفى رئيس هذه الشركة ميخائيل خودوركوفسكي ان تكون ل"يوكوس" علاقة بالفضائح. لكنه طلب من الحكومة الروسية ان "تكف عن الصمت" وتفتح تحقيقاً شاملاً لمنع احتجاز ودائع روسيا في الخارج. ولم يستبعد تهريب كميات كبيرة من الأموال عشية خفض قيمة الروبل وتجميد التعامل بالسندات الحكومية صيف العام الماضي. وكانت صحف روسية اشارت الى ان "العشرة الكبار" الذين كانت لهم صلة باتخاذ القرارات الاقتصادية حققوا "ارباحاً" هائلة مستغلين اطلاعهم على المعلومات والمضاربة بالعملة الصعبة والسندات قبل الكارثة المالية في 17 آب اغسطس 1998. ويزور روسيا حالياً وفد من صندوق النقد الدولي للنظر في احتمال منحها دفعة جديدة من قروض متفق عليها. الا ان مدير الصندوق ميشال كامديسيو ذكر في حديث الى صحيفة "ليبراسيون" ان الفضائح "طعنة" للعلاقات بين هذه المؤسسة المالية وموسكو. وتابع ان سرقة القروض السابقة "لم تثبت حتى الآن. ولكن تسرب الأموال من روسيا أصبح أمراً بديهياً".