حرائق الغابات غدت السبب المعلن لعودة الرئيس الروسي بوريس يلتسن الى ضواحي موسكو. ولكن مراقبين لم يستبعدوا ان يكون السبب الفعلي للعودة "حرائق المال" التي نشبت بعد شروع السلطات السويسرية في تحقيقات لمعرفة صلات مدير اعمال الرئيس بافل بورودين بحسابات في مصارف سويسرية. افاد بيان اصدره المكتب الصحافي للرئيس الروسي بوريس يلتسن ان الاخير قطع اجازته التي بدأت الاثنين الماضي في قصر "روس" على بعد اكثر من 100 كيلومتر من العاصمة، واضطر الى العودة امس الى مقره في ضاحية "غوركي - 2" القريبة من موسكو، بسبب "الوضع الايكولوجي المعقد" الناجم عن حرائق الغابات في مقاطعة كفير غرب موسكو. الا ان فلاديمير ريجكوف رئيس كتلة "روسيا بيتنا" المتحالفة مع يلتسن حذر من ان عودة الرئيس الى العاصمة "لا تبشر بخير". وكانت مصادر عديدة توقعت ان تقدم السلطة على نقل جثمان مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين من ضريحه المقام في الساحة الحمراء، ما سيثير حركة احتجاج واسعة بين الشيوعيين، الامر الذي يمكن ان يستخدم ذريعة لمنع نشاط حزبهم. ولم يستبعد محللون ان تكون لعودة الرئيس صلة بتحقيقات تجريها النيابة العامة السويسرية في حسابات بورودين الذي يعد من كبار المتنفذين في الكرملين. وذكرت صحيفة "سيفودنيا" الروسية ان السلطات السويسرية جمدت حسابات مدير اعمال الرئيس وزوجته و22 شخصية روسية مهمة. وألمحت الى ان عدداً من افراد عائلة الرئيس قد تظهر اسماؤهم اثناء التحقيق. ووصفت صحيفة "تان" السويسرية تجميد الحسابات بأنه جزء من "معركة مع الحيتان … توفر فرصة نادرة لفهم آليات الفساد" في روسيا. واشارت الى ان بورودين ربما كانت له صلة ب"تنظيف" اموال نقلت في صورة غير شرعية من روسيا. ولبورودين صلة مع بهجت باكولي وهو من ألبان كوسوفو واسس في سويسرا شركة باسم "مابيتيكس" تولت بناء وترميم مواقع "رئاسية" في موسكو بدعم من مدير اعمال يلتسن. ونفى بورودين امس ان تكون له او لزوجته علاقة بالحسابات المجمدة. وذكر انه لم يمارس نشاطاً تجارياً في سويسرا. ورجح ان يكون الهجوم عليه "بناء على طلب سياسي"، ملمحاً الى ان النائبة العامة السويسرية كارلا ديل بونتي كانت لها صلة وثيقة بنظيرها الروسي يوري سكوراتوف الذي عطل يلتسن صلاحياته. لكن مجلس الفيديرالية رفض الموافقة على اقصائه من منصبه. سويسرا وفي اطار الحملة التي تقوم بها ديل بونتي ضد الاموال غير الشرعية الروسية جرى في سويسرا ضبط وثائق في شركة "اندافا" التي اسسها البليونير المعروف بوريس بيريزوفسكي. وذكر احد كبار المحققين الروس ويدعى نيكولاس فولكوف، ان الحصول على النسخ الاصلية من الوثائق "سيضع النقاط على الحروف" في قضايا كثيرة ولم يستبعد ان يستأنف التحقيق مع بيريزوفسكي بعدما توقف اثر اقالة يفغيني بريماكوف من رئاسة الحكومة. وذكرت صحيفة "ازفيستيا" ان "اندافا" استحصلت موافقة على ان تمر كل عوائد شركة "ايرفلوت" الحكومية للطيران عبرها. وذكرت ان هذه العمليات ادت الى "انتقال" 250 مليون دولار من الخزانة الى جيوب المنتفعين. ومعروف ان منصب المدير العام ل"ايرفلوت" يشغله صهر رئيس الدولة فاليري اوكولوف. ولذا لن يكون مستغرباً اذا ظهرت اثناء التحقيق اسماء افراد من عائلة الرئيس خاصة وان كلاً من بورودين وبيريزوفسكي يعتبر ذا صلة وثيقة ب"الشؤون المالية" للعائلة.