وافقت الحكومة السودانية وممثلو "الجيش الشعبي لتحرير السودان" في نيروبي أمس على تشكيل أمانة عامة متفرغة لادارة جولات التفاوض بين طرفي النزاع السوداني، في غضون ذلك استمر الجدل في شأن اقرار وقف شامل لاطلاق النار. وتحدثت مصادر عسكرية في الخرطوم عن مخطط أميركي ينطلق من أوغندا ويهدف الى احتلال بلدات جنوبية. عقد المشاركون في المفاوضات بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين في نيروبي أمس جلسات مغلقة ركزت على تشكيل أمانة عامة للمفاوضات السودانية منفصلة عن سكرتاريا الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف ايغاد التي ترعى المفاوضات الحالية. وحظي الاقتراح الذي تقدم به الوسطاء بقبول الطرفين السودانيين. وتعقد جلسات المفاوضات في حضور وزراء خارجية لجنة وساطة "ايغاد" وممثلي دول اوروبية أعضاء في المجموعة. وكان ممثل المجموعة الاوروبية دعا اول من أمس الى وقف شامل وعام لاطلاق النار. وعلمت "الحياة" أن جلسات أمس نظرت في الاتفاق على العمل لتشكيل هيئة لجان متخصصة تناقش قضايا محددة هي الاوضاع الامنية والشؤون الادارية وضمان نقل الاغاثة. ويتجنب وسطاء "ايغاد" عادة الخوض في بداية الجلسات في مواضيع الخلاف الرئيسية. ولمح مشاركون الى أن الجولة الحالية ستركز على التحضير لاخرى مقبلة على أن يتم بين الجولتين، توسيع نطاق وقف النار وضمان وصول المساعدات، وهما عنصران يساعدان على تهيئة أجواء افضل. ولوحظ ان عسكريين رفيعي المستوى من الجانبين شاركا في هذه الجولة من المفاوضات. واعتبر مراقبون أن ذلك قد يعني استعداداً لمناقشة الترتيبات الامنية المتعلقة بوقف النار. وكان قائد وفد "الجيش الشعبي" الكوماندور سيلفا كير رد على دعوة المجموعة الاوربية بقوله إن وقف النار الشامل هو "نتيجة لاتفاق السلام وليس سابقا له"، فيما رحب وفد الحكومة بالوقف الشامل لاطلاق النار. يذكر أن نقاط الخلاف الرئيسية التي توقفت عندها الجولة السابقة من المفاوضات هي اعلان وقف شامل لاطلاق النار، والعلاقة بين الدولة والدين، وترسيم حدود الجنوب. في غضون ذلك، انتقد وزير الخارجية رئيس الوفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل بشدة أمس وقف النار الجزئي الذي عرضه وفد "الجيش الشعبي"، وكرر دعوة الخرطوم الى وقف شامل لاطلاق النار. واعتبر ان تمديد الهدنة لثلاثة اشهر الذي اعلن عنه "الجيش الشعبي" "يظهر انعدام الصدق". وتساءل اسماعيل عن "الاسباب التي حملت الجيش الشعبي على رفض اقتراح الحكومة إعلان وقف شامل للنار". واعتبر ان استثناء المتمردين الولاية الاستوائية التي تقع في اقصى جنوب السودان يشير الى ان "الجيش الشعبي" "يعد لهجوم على الاستوائية انطلاقاً من الاراضي الاوغندية" المتاخمة. "المخطط الاميركي" وفي الخرطوم، تحدثت مصادر عسكرية سودانية عن كشف "مخطط أميركي لاجتياح ولايات جنوب السودان في عملية عسكرية جديدة اطلق عليها اسم السلاحف وتعرف اختصاراً باسم تورا". وأوضحت المصادر ان من المقرر أن ينطلق الهجوم من اوغندا بجيش مزود أحدث الأسلحة والتقنيات الإدارية والقتالية المتطورة ويعمل تحت الاشراف المباشر لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أي. وأفادت المصادر العسكرية في تصريحات نشرت في الخرطوم أمس ان الخطة، التي لم تحدد كيف حصلت على تفاصيلها، تنفذ في يوم واحد وتهدف إلى احتلال مدينة جوبا عاصمة الجنوب وتوريت. وأضافت ان هجوماً ثانياً سيتزامن مع العملية ويستهدف من واو في الجنوب والمجلد في الغرب وبورتسودان في الشرق، وصولاً إلى المواقع الاستراتيجية ذات الصلة بمشروع النفط السوداني. وأفادت أن القوة التي تنفذ الهجوم تتألف من 5311 مقاتلاً مزودين أسلحة تشمل نحو 15 مروحية و69 صاروخاً مضاداً للدبابات و167 صاروخ أرض - جو و19 دبابة و219 مقاتلة مدرعة. الى ذلك رويترز، أكد ناطق باسم فصيل جنوبي في الخرطوم تجدد القتال بين فصيلين جنوبيين مواليين للحكومة في ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط الأسبوع الماضي وأسفر عن مقتل 4 أشخاص واصابة ستة. ودارت الاشتباكات بين "قوة الدفاع عن جنوب السودان" بقيادة رئيس مجلس الجنوب رياك مشار وفصيل منشق عنها هو "قوة الدفاع عن جنوب السودان المتحدة". غير ان قائداً كبيراً في قوات مشار هو ماكواك يوك الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدولة للتنمية الوطنية في الحكومة السودانية نفى حدوث أي اشتباكات. الترابي من جهة اخرى، سخر رئيس البرلمان السوداني الأمين العام ل"المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان من أنباء عن خلافات بينه وبين الرئيس عمر البشير، قائلاً ان "علاقتي مع البشير سمن على عسل". وأوضح الترابي في كلمة أمام حشد طلابي في الخرطوم امس ان "الدول الغربية صدّقت آمالها في انفجار خلاف بين الحركة الاسلامية والمؤسسة العسكرية لاسقاط النظام". وأضاف ان "هذه الجهات ظلت تنتظر حدوث الوهم الذي كنا نرسخه حين يسألنا سفراؤها، الأمر الذي أطال عمر حكومة الانقاذ". ووصف الترابي علاقته مع البشير بأنها "سمن على عسل"، وأكد ان "حكومة الانقاذ" "لن تُضرب من ثغرة الشورى ومقتضياتها". وأضاف انه سيستمر في الأمانة العامة ل"المؤتمر الوطني" الحاكم "لسنوات قلائل". وتحدث الترابي عن لقائه الأخير مع رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الأمة المعارض السيد الصادق المهدي في جنيف وجهود المصالحة قائلاً ان الحكومة السودانية "ماضية في اتجاه لم الشمل الوطني وتحقيق الوحدة". ودعا القوى السياسية السودانية كافة الى "ممارسة حقوقها كاملة في التنظيم والتعبير والديموقراطية وفقاً لما كفله الدستور" الذي وصفه بأنه "أتاح قدراً كبيراً من الحريات". وقال الترابي ان الحكومة "باتت تنظر الى وحدة البلاد الوطنية كأمر مفروغ منه في ضوء خطواتها التي بدأتها من دون اقصاء لفئة أو عزل لأحد". وحض مستمعيه على "تجاوز ما يثار عن لقاء جنيف والتفكير في الخطوة المقبلة". من جهة أخرى، إجتمع وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى مساء اول من امس مع ثلاثة من قادة المعارضة السودانية اعضاء في اللجنة الخماسية للمعارضة المكلفة البحث في الحل السياسي للمشكلة السودانية. وشارك في الاجتماع رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" زعيم الحزب الاتحادي السيد محمد عثمان الميرغني والناطق باسم "التجمع" المحامي فاروق ابو عيسى ورئيس "التحالف الفيديرالي" السيد احمد ابراهيم دريج. وغاب عن اللقاء عضوا اللجنة رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الامة السيد الصادق المهدي ورئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق. وعلمت "الحياة" ان وفد المعارضة السودانية ابلغ موسى ان وفده الى مؤتمر الحل السياسي في القاهرة سيقتصر على اللجنة الخماسية التي فوضتها هيئة القيادة لإدارة الحوار، وطالبوا وزير الخارجية المصري بإجراء اتصالات مع الخرطوم لتسمية وفدها وتحديد موعد عقد المؤتمر. لكن الاجواء المتفائلة بإمكان ايجاد حل مصري للمشكلة السودانية لم تنعكس على العلاقات بين القاهرةوالخرطوم، اذ جدد المستشار السياسي للرئيس المصري الدكتور اسامة الباز، في تصريحات بثها التلفزيون المصري صباح امس، دعوته الحكومة السودانية الى التعاون مع مصر لجهة تسليم المطلوبين في حوادث ارهابية.