اختارت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية كتاب المحامي اللبناني نبيل صالح لتصنفه بين الكتب المثيرة للجدل والفضول، تماماً مثل الرواية التاريخية التي كتبها طارق علي عن صلاح الدين الايوبي وعصره. وعلى نمط قصته التاريخية السابقة "القاضي والراوي الثري"، أكمل نبيل صالح ممارسته للنمط الادبي ذاته في روايته الثانية وعنوانها "ما وراء البحار". وهو عنوان يعود بالقارئ الى نظرة اهل الغرب الى اهل الشرق عندما كانت البحار تمثل كل ما هو وراءها من ألغاز وأساطير. احداث الرواية تقع في القرن الثالث عشر، اي في مرحلة المخاض التي سبقت سقوط دول الشرق الصليبية المنكفئة امام حملات المماليك. وفي ظل تلك البيئة الملتهبة بالصراعات، راح المؤلف يحرّك ابطال قصته ضمن حبكة ادبية تراعي اصول التتابع والتسلسل والترابط ليستخرج منها ما يعتقده ثوابت تاريخية مكررة، وانما بواسطة اسماء جديدة وتيارات جديدة وافكار سياسية وعقائد جديدة. وينتقل المؤلف من مدينة عكا التي كانت تمثل في ذلك الزمان ما تمثله بيروت اليوم من اختلاط حضارات وتنافس اقوام ونزاع على الحكم، كما تمثل في الوقت ذاته خليطاً من جاليات اجنبية دائمة الاحتكاك بأبناء البلاد من مسلمين ومسيحيين ومذاهب اخرى. ومع هذه التحولات الاجتماعية العميقة، كان الابطال يتحركون مع الاحداث تحرك الاحداث التي طبعت المنطقة طوال الحقبة الممتدة من حكم الصليبيين الى حكم المماليك… ومن عكا، الى صور، الى بيبلوس. وكما يخلط الكاتب جرجي زيدان والمؤلف امين معلوف حكايات ابطال قصصهما بحقب تاريخية معينة يتشابك فيها الخيال بالحقيقة، هكذا يفعل نبيل صالح الذي يعزز فضول القراء بسرد شيّق يعرض فيه مفاهيم القوانين القديمة، واجواء البلاط، وكيفية ادارة الدولة، اضافة الى الانقسامات الدينية والفكرية التي صدّعت النظام المتّبع وأدت الى التغيير الذي قاده رجال السياسة وزعماء الطوائف. والكتاب بسرده وأحداثه المثيرة يستحق ان يكون مادة صالحة لسيناريو سينمائي يبحث عن منتج!