مشاهد الحرب مستمرة في كوسوفو: الجنود الصرب يحرقون منازل الألبان اثناء عملية الانسحاب، والألبان الهائمون في الجبال "يظهرون" فجأة وقد اعياهم الجوع، والاشتباكات المتقطعة تنتقل من منطقة الى اخرى، وعناصر "جيش تحرير كوسوفو" يصرون على الظهور المسلح ويصطدمون، احياناً، بقوات حلف شمال الاطلسي. واكتشاف المقابر الجماعية مستمر، وعقدة مطار برشتينا على حالها تضع وحدة روسية في مواجهة وحدات اطلسية بانتظار حل سياسي قد يتم التوصل اليه عشية قمة مجموعة الثماني في كولونيا بين 18 و20 من الشهر الجاري، وربما في اجتماع اليوم في هلسنكي بين وزيري الدفاع الروسي والاميركي ايغور سيرغييف ووليام كوهين. وفي مقابل هذه المشاهد ثمة اخرى عن السلم الحذر. فالقوات الدولية توالي انتشارها، والمهجرون الألبان يبدأون عودة خجولة الى بيوتهم لتفقدها واستكشاف ما اذا كان في امكانهم الاستقرار فيها من جديد، والرئيس بيل كلينتون يبدأ جولة أوروبية لبحث اعادة اعمار البلقان. ولكن التطور الأهم، امس، كان سياسياً. فلقد خرجت الكنيسة الارثوذكسية الراسخة النفوذ عن صمتها لتطالب الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش بالاستقالة، داعية الى "حكومة انقاذ وطني مقبولة داخلياً وخارجياً". ويعني ذلك انها مالت الى تأييد خط اعتدال يعارض ذلك الذي يدعو اليه الحزب الراديكالي الذي غادر وزراؤه الحكومة اول من امس بحجة انها "استسلمت امام الغزاة الاجانب" وتخلت عن الدفاع عن "المناطق المقدسة". ويحاول ميلوشيفيتش تطويق تيارات الاعتراض عبر الاكثار من الظهور العلني وتدشين حملة سياسية مضادة. وقد اكد في تصريحات له امس "ان صربيا سوف تتصالح مع العالم" وان على الصرب بناء بلدهم وتعزيز انفتاحه ومشاركته في مشاريع الاندماج الاقليمية والأوروبية. ويصر الحلف الأطلسي المنتصر في الحرب على عدم تقديم اي مساعدة الى صربيا طالما بقي ميلوشيفيتش رئيساً. وبدأ الرئيس بيل كلينتون أمس جولة أوروبية يزور خلالها معظم عواصم القارة عشية قمة الدول الصناعية التي ستعقد في المانيا الجمعة، ومن المتوقع ان يناقش الرئيس الاميركي مع الزعماء الأوروبيين خطة لإعادة اعمار البلقان، وذلك خلال القمة الأوروبية - الاميركية في بون الاثنين المقبل، وسيكون شعارها: "بناء سلام جديد في جنوب شرقي أوروبا".