تفتقد الجزائر كثيراً المنابر الثقافية والأدبية المتخصصة التي ينبغي لها عادة أن تحتضن حركية النص، والنقد والنقاش الأدبي. وقليلة جداً هي المجلات والدوريات الأدبية التي استطاعت أن تحقق استمراراً في الصدور، سواء تلك التي قامت بمبادرات مستقلة أو تلك التابعة للدولة، فكل المجلات التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة توقفت نهائياً في السنوات الأخيرة كالثقافة وآمال. أما المجلات المستقلة فلم يبق منها على قيد الحياة إلا تلك الصادرة عن جمعية الجاحظية، التي يرأسها الطاهر وطّار وهي التبيين، القصيدة والقصة. وفي ظل هذا القحط الكبير، صدرت مجلة أدبية في الجزائز "العميقة"، جزائر الهامش البعيدة عن مركزية العاصمة. ففي مدينة سكيكدة الساحلية 550 كلم شرق الجزائر وبمبادرة من مديرية الثقافة لهذه الولاية هيئة حكومية وتحت اشراف الشاعر الشاب "علي بوزوالغ" وبمساعدة من مجموعة من أدباء المنطقة، صدرت مجلة "الكتابة وهي الآن في عددها الثاني 1999. في هذا العدد مقالات، دراسات وإبداعات. ويستهل العدد رئيس التحرير الشاعر علي بوزوالغ بمقال عن "موجهات الكتابة الشعرية الجزائرية" وقد تطرق خصوصاً الى ثلاثة متغيرات معرفية وجهت الكتابة الشعرية الجزائرية، أولها المتغير المعرفي الذي وجه الكتابة الشعرية في السبعينات وقد أخضع مفهوم القصيدة في هذه الفترة الى الإيديولوجية الاشتراكية السائدة آنذاك. ثم المتغير الذي وجه الكتابة الشعرية الجزائرية في الثمانينات. وقد تميز بالظهور البارز لكتابة إسلاموية موازية لمد سياسي واجتماعي إسلاموي، ليختتم مقاله بالحديث عن المتغير المعرفي الذي وجه الكتابة الشعرية الحداثية. في باب الدراسات، يكتب عبدالحميد شكيل عن "الكتابة: الجسد / الهشاشة / الابتهاج". ثم "شعراء الفجيعة... جيل المأساة" وهي قراءة في قصائد لشعراء شباب من الجزائر قدمها مالك بوديبة. وقدم الناقد يوسف وعليسي قراءة نقدية في ديوان "كسور الوجه" للشاعرة الجزائرية المقيمة بالقاهرة حبيبة محمدي والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وتناول عبدالحميد هيمة "الرمز الأسطوري في قصيدة أناشيد لإدريس بوديبة". أما يوسف الأطرش فعالج صورة مدينة تلمسان في ثلاثية الكاتب الجزائري الكبير محمد ديب عبر دراسة دلالية المكان. وتطرق شريبط أحمد شريبط الى "النص النقدي الجزائري... من الانطباعية الى التفكيكية". ليقدم قلولي بن ساعد "المثقف الجزائري وإشكالية المرجع، محاولة توصيف". وفي الباب الأخير للمجلة "إبداعات"، نقرأ قصائد وقصصاً لمجموعة من الكتاب الجزائريين: عاشور بوكلوة، ياسين أفريد، جمال بن عمار، جميلة زنير وسميرة بولمية.