صدر العدد الثالث والسبعون لمجلة نزوى الثقافية المهتمة بالحقول الأدبية المتنوعة وأجناسه المختلفة، وقد تضمن هذا العدد حوارات ودراسات متخصصة وكتابات نقدية لأبرز الشخصيات السردية الأدبية أمثال جبرا إبراهيم جبرا بالإضافة إلى قراءات في عروض المسرح الخليجي مقرونة بقصائد شعرية ذات اختيارات فريدة، كما عرضت المجلة في الصفحات الأولى إلى قراءات معرفية في العلاقة الإنسانية والأدبية العمانية، ونوعية الخطاب الأدبي العماني وخصوصيته الثقافية والحضارية التي تحتفي بالإنسان وتقبل صيرورة التاريخ وتعدد التجارب البشرية والركائز الكتابية التي يعتمد عليها ذلك الخطاب الأدبي العماني والمتكون من ركيزتين أساسيتين هما العروبة والإسلام، دون إقصاء للتسامح والتفاهم الذي شكل رافد إثراء للمكان العماني بثقافة متشاركة الأركان والهوية كما أنها تعد عالمية من حيث تنوع الأعراق وإنسانية من حيث تعدد التجارب البشرية، كما عرضت المجلة عدة مقالات لأكاديميين متخصصين في العلوم الإنسانية متناولة تلك المقالات مأزق الثقافة والأدب في زمن العولمة وتقنية الاتصالات الحديثة حيث أصبحت القصيدة غريبة في سياق هذا الزمن الحالي، غريبة حتى على نفسها فقد أصبحت القصيدة وإن خرجت للضوء لا أحد يعرفها ولا تعرف أحداً، ليس فقط القصيدة بل الأدب الجاد كله وأصبح الواقع يكشف الوجه الآخر للفن في الوقت الراهن حيث إن ما يحدد نجاح الكتاب وشهرته هو قيمته الشرائية لا الجمالية والفنية. كما تطرقت المجلة الشخصية الشعرية "عروة بن الورد" وتجليات الصعلكة في شعره حيث نجد أن أغلب قصائده كان يتمازج فيها البعد الذاتي والموضوعي ويتداخل كذلك فيها الحس الاجتماعي مع الفني والجمالي كمذهب في الحياة، بجانب العوالم الروائية وأسمائها كجبرا إبراهيم جبرا وتأثره في روايته "شارع الأميرات" بالشعراء الرومانسيين حيث إن شخصية جبرا الإبداعية في كتاباته السردية أكثر من أي حقل فني ومعرفي آخر وهذا لا يعني من الانتقاص من قيمة مساهماته في تلك الحقول وأهمها الترجمة بقدر ما يعني إيمانه بأهمية التخصص وإتقانه. كما صدر تزامناً مع المجلة مختارات شعرية بعنوان"حداثة الأسلاف"وهي مختارات تهدف لكشف الشعر العماني القديم كمحاولة لإبراز هذا الكم الجمالي والشعري لدى الأرض العمانية وأصواتها الإنسانية وفق اختيارات شعرية من مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية، بالإضافة إلى هدف تاريخي يطمح إليه هذا الكتاب وهو استمرارية الذاكرة الإبداعية العمانية للأجيال القادمة حفاظاً على هوية مكانهم وشعر أسلافهم وإبداعاتهم.