رفضت وزارة الخارجية البريطانية أمس التعليق على تقرير يفيد أن السلطات البريطانية تملك دليلاً على ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمر شخصياً بتفجير الطائرة الأميركية فوق لوكربي عام 1988 انتقاماً للغارات الأميركية على بلاده عام 1986. ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" في عددها أمس ان الحكومة البريطانية أصدرت ليل السبت قراراً بمنعها من نشر المعلومات عن التورط المزعوم للقذافي في تفجير الرحلة الرقم 103 لشركة "بان أميركان" مما أسفر عن مقتل 270 شخصاً. وكتبت ان الحكومة أصدرت "في اللحظة الأخيرة" قراراً بمنعها من نشر تفاصيل عن "عملية استخباراتية أثمرت الحصول على دليل واضح على تورط القذافي شخصياً" في قضية تفجير الطائرة. وتابعت ان بريطانيا والولايات المتحدة اتمتا تحقيقاً مشتركاً استمر ثلاث سنوات في القضية. ولفتت الى ان التكهنات بإمكان تورط ايران أو سورية في التفجير مردها، بين أمور أخرى، إبقاء "الدليل" الذي أسفر عنه التحقيق "سرياً". وأكدت ان الأجهزة الأمنية البريطانية تعتقد "ان ليبيا هي المسؤولة بالكامل عن التفجير، وان القذافي أمر به رداً على الغارات على طرابلس" عام 1986. ونشرت الصحيفة مقتطفات من رسالة تلقتها من محامي وزارة المال رونالد فيليبس يُحذّر فيها "صنداي تايمز" من ان معلوماتها "مصدرها عضو سابق في أجهزة الاستخبارات" وان نشرها يمكن ان يؤدي الى "أضرار بالغة". وتابعت رسالة المحامي: "تقول صنداي تايمز انه في وقت تتجه الحكومة نحو علاقات أفضل مع ليبيا، فإنها تملك معلومات استخباراتية سرّية بأن الزعيم الليبي نفسه أمر بتفجير الطائرة وهو تالياً متورط. ويذهب تقرير الصحيفة الى الزعم ان المعلومات الاستخباراتية السرية تأتي من مصدرين. إن موكلي أجهزة الإستخبارات البريطانية متأكدون ان هذه المعلومات لا يمكن ان تكون معروفة سوى ضمن دائرة ضيقة جداً داخل أجهزة الاستخبارات". وحذّرت الرسالة الصحيفة من ان الحكومة ستحيلها فوراً على القضاء إذا لم تتلق تعهدات منها بأنها لن تلجأ الى نشر هذه المعلومات الاستخباراتية، وما لم تُفصح عن الطريقة التي حصلت بها عليها. كتبت صحيفة "صنداي تليغراف" ملخصاً لما ورد في "صنداي تايمز"، مشيرة الى ان مصدر المعلومات عميل الاستخبارات السابق ديفيد شايلر المقيم حالياً في فرنسا. وتابعت ان أمر الحكومة بحظر النشر كان صدر أساساً عام 1997 وأُرسل الى صحيفة "ميل أون صنداي" التي كانت تعتزم نشر هذه المعلومات، نقلاً عن شايلر في ما يبدو. ونشرت "صنداي تايمز" مقابلات مع نواب بريطانيين استنكروا قرار منع النشر ودعوا الحكومة الى توضيح موقفها. وحذّر بعض النواب الحكومة من الاستمرار في محاولات تطبيع العلاقات مع ليبيا إذا كانت تملك فعلاً دليلاً على تورط الزعيم الليبي في قضية "بان أميركان". وكتبت الصحيفة ان أجهزة الأمن البريطانية خلُصت الى ان القذافي نفسه هو من أمر جهاز الأمن الخارجي الليبي بتفجير الطائرة الأميركية انتقاماً لقرار الرئيس السابق رونالد ريغان شن غارات على طرابلس وبنغازي عام 1986. وشُنّت الغارات في ذلك الوقت بعدما اعتبر الأميركيون ان ليبيا تقف وراء تفجير ملهى ليلي يرتاده جنود أميركيون في برلين الغربية. وتابعت "صنداي تايمز" ان المعلومات التي وصلت الى أجهزة الأمن البريطانية عن تورط القذافي في القضية "جاءت من مصدرين استخباريين مختلفين" بين عامين 1990 و1995، وان هذه المعلومات كانت محصورة في نطاق ضيق جداً من ضباط جهاز الأمن البريطاني "أم. آي. 5"، المسؤول عن الأمن الداخلي. وقالت ان هذه المعلومات تفيد ان القذافي أمر قريبه عبدالله السنوسي، مسؤول جهاز الأمن الخارجي وقتها، بترتيب العملية. وقالت ان السنوسي هو المسؤول عن عبدالباسط المقرحي أحد المتهمين في قضية لوكربي والموجود حالياً في عهدة القضاء الاسكتلندي في هولندا. وتابعت ان السنوسي استخدم في تفجير "بان أميركان" الطريقة نفسها التي استخدمها في تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية فوق صحراء النيجر عام 1989. وأصدرت محكمة فرنسية حكماً بسجن السنوسي، في آذار مارس الماضي، بعد ادانته مع آخرين غيابياً بتفجير "يوتا". وقالت وزارة الخارجية البريطانية أمس انها "لا تعلّق أبداً" على معلومات استخباراتية. وقال ناطق باسم الوزارة ان قضية لوكربي أمام القضاء حالياً وبالتالي فإن الأفضل عدم التدخل في سير العدالة.