غادر الرئيس بوريس يلتسن موسكو فجأة، قبل ان يصادق على تشكيلة الحكومة، وتناقلت الأوساط السياسية في العاصمة الروسية، أخباراً كثيرة عن تدهور حالته الصحية، خصوصاً ان رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان ألغى زيارته لروسيا قبل يومين من موعدها، وألغي اللقاء بين يلتسن ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه أنار، ولم يظهر على شاشة التلفزيون خلال الأيام القليلة الماضية، فوصفته احدى الصحف بأنه "الملك الأخرس". أثيرت مجدداً تساؤلات عن صحة الرئيس الروسي بوريس يلتسن بعد مغادرته العاصمة فجأة أمس قبل المصادقة على تشكيلة الحكومة الجديدة، فيما تعرض الرئيس الى انتقادات من محافظ موسكو يوري لوجكوف الذي حذر السلطة من "خرق الدستور". وكان الكرملين أعلن صباح الجمعة ان يلتسن باشر أعماله في مكتبه، وانه ينظر في "وثائق"، ويجري مشاورات في شأن توزيع الحقائب الوزارية. إلا ان المكتب الاعلامي للرئيس أعلن لاحقاً انه غادر موسكو جواً. وقال السكرتير الصحافي ليلتسن ديمتري ياكوشكين انه سيمضي زهاء اسبوعين على شاطئ البحر الاسود، وانه لم يلغ موعده مع الرئيس الكوري كيم دي تشون الذي يصل الى موسكو في 27 الجاري. ولاحظ المراقبون ان رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان ألغى زيارته للعاصمة الروسية قبل يومين من موعدها الاثنين المقبل. والى ذلك، لم يستقبل يلتسن نظيره الفنلندي مارتي اهتيساري الذي قام بزيارة سريعة الى موسكو في اطار مساعي التسوية في البلقان. وكادت أزمة ديبلوماسية ان تحصل بين موسكو ومدريد بسبب تصريحات متناقضة عن أسباب إلغاء المقابلة بين يلتسن ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه انسار. فقد أعلن رسمياً ان الرئيس الروسي اعتذر هاتفياً الى ضيفه، وأبلغه انه مصاب بذبحة صدرية. الا ان الناطق الرسمي باسم الكرملين نفى هذا النبأ وأعرب عن "استغرابه" ما يشاع عن صحة الرئيس الروسي. وغياب يلتسن عن شاشات التلفزيون في الأيام الأخيرة، بعدما ظهر متعباً وكاد يسقط عند وضعه إكليلاً من الزهور عند قبر الجندي المجهول، واثر ادلائه بتصريحات "غريبة" اثناء منح أوسمة لعدد من رجال الدولة. فقد هدد ب"كيل ضربات" الى حلف الاطلسي اذا لم يكف عن قصف يوغوسلافيا، ولكن هذه العبارة "اسقطت" من المشاهد التي عرضتها محطات التلفزيون الروسية بطلب من الدائرة الاعلامية للكرملين. وذكرت صحيفة "موسكوفسكي كمسمولتس" ان امتناع يلتسن عن الإدلاء بأحاديث تلفزيونية يجعل منه "ملكاً أخرس". وأضافت ان مدير الديوان الرئاسي يترجم آراء يلتسن ويلعب دوراً أساسياً بدفع وتحريك من البليونير بوريس بيريزوفسكي. وتزايدت التساؤلات عن حقيقة الوضع الصحي للرئيس بعدما غادر موسكو قبل اكتمال تشكيل الحكومة الجديدة، وذكر ان رئيسها سيرغي ستيباشين يواجه مصاعد كبيرة بسبب إصرار الكرملين على اسناد حقائب وزارية "من وراء ظهره". واشارت اذاعة "صدى موسكو" امس الى ان دور الديوان سيتعزز بتعيين رئيس الوزراء الاسبق فيكتور تشيرنوميردين مديراً له، ما يجعله "الرقم الأول" في حال تغيب يلتسن فترة طويلة. وبسبب غياب الاستقرار حذر يوري لوجكوف الذي يعد الرجل القوي في العاصمة وأحد أبرز المرشحين للرئاسة من احتمال انتهاك الدستور، واكد انه "سيتصدى" لمثل هذه المحاولات. وذكر خلال لقائه امس مع ضباط سابقين في اجهزة الشرطة والاستخبارات يعملون حالياً في هيئات الحماية الأهلية ان يلتسن لم يقدم "تبريراً واضحاً" لإقالة حكومة يفغيني بريماكوف. وتساءل: هل كان الديوان الرئاسي "يعمل لتهدئة المجتمع وتحقيق الاستقرار ام ان له وظائف اخرى؟". واعتبر المحافظ اقتراح 284 نائباً على حجب الثقة عن يلتسن "تقويماً فادحاً" لما تقوم به القيادة السياسية، وقال ان المجتمع الروسي يؤيد البرلمان في موقفه.