تواصل الصراع السياسي في موسكو رغم انتهاء الحملة الانتخابية الساخنة. وتلقى يوري لوجكوف محافظ موسكو الذي احرز نجاحاً باهراً في معركة تجديد ولايته على العاصمة الروسية، ضربة مؤلمة من المحكمة العليا الموالية عادة للكرملين والتي رفضت امس النظر في الدعوى التي رفعها لوجكوف ضد مرسوم الرئيس بوريس يلتسن بشأن عزل مدير الداخلية في موسكو. وكان اقصاء مدير الداخلية الذي يجري تعيينه او اقالته بموافقة محافظ موسكو ويتبعه جيش من 130 الف عنصر شرطة، خطوة في سياق الحرب السياسية الضروس التي تدور بين الكرملين وكتلة "الوطن - كل روسيا" بقيادة لوجكوف ويفغيني بريماكوف. وتمكن بريماكوف ولوجكوف من تفادي نكسة اخرى جاءت نتيجة قرار "المجلس التنسيقي" لحركة روسيا وهي احد جناحي كتلة "الوطن - كل روسيا" التي جاءت في المرتبة الثالثة في الانتخابات الاخيرة، تشكيل كتلتها النيابية المستقلة في مجلس الدوما النواب الجديد والاكتفاء ب"تنسيق تكتيكي" مع النواب التابعين لحركة "الوطن" بزعامة بريماكوف ولوجكوف. وتمكن الزعيمان من التوصل الى تفاهم مع المنشقين يبقي على وحدة الكتلة النيابية مع الاعتراف بوجود مجموعتين داخلها. ومن شأن انقسام نواب كتلة "الوطن كل روسيا" ان يضعف مواقع بريماكوف كمرشح للرئاسة. وعزا مراقبون هذا القرار الى ضغوط قوية من قبل عدد من محافظي الاقاليم الروسية الذين يسيطرون على حركته "كل روسيا". ويتعرض هؤلاء بدورهم لضغوط من الحكومة الروسية التي اقدمت على حرمان بعض الاقاليم من امتيازات عقاباً لها على انتخاب مرشحين موالين لبريماكوف ولوجكوف. وبدأت الجهود من اجل اختيار رئيس جديد للدوما تواجه المأزق عندما وقفت كتلتا "اتحاد قوى اليمين" بزعامة سيرغي كيريينكو و"يابكوكو" بزعامة غريغوري يافلينكس ومعها مجموعة النواب التابعين لليميني المتطرف فلاديمير جيرينوفسكي، ضد اعطاء منصب رئيس المجلس الى مرشح للكتلة الشيوعية، فيما رفض الحزب الشيوعي ترشيح سيرغي ستيباشين رئيس الوزراء السابق المتحالف حالياً مع كتلة "يابلوكو" الليبيرالية، لشغل هذا المنصب. وقال غينادي زيدغانوف زعيم الحزب انه يرفض المشاورات مع "اتحاد قوى اليمين" حول نشاط المجلس النيابي. وقال قيادي شيوعي ل"الحياة" ان الحزب قد يقرر تشكيل مجموعتين "حليفتين" من النواب، لأغراض تكتيكية، نظراً الى العدد الكبير من المقاعد التي فاز بها حوالى 150 مقعداً. وتدل معطيات لتوزيع القوى في الدوما على تعثر توفير "الاكثرية الموالية للحكومة" في المجلس الجديد، مما يعني اضطرار الكرملين والحكومة للتفاهم مع الكتل اليسارية وكتلة "الوطن كل روسيا".