بعد تردد اشاعات عن استقالته، عاد الرئيس الروسي بوريس يلتسن الى الكرملين امس الجمعة وعقد سلسلة اجتماعات للبحث في الأزمة التي يواجهها البلد فيما ذكر رئيس الوزراء المعيّن فيكتور تشيرنوميردين ان الوضع "صعب للغاية .. لكنه تحت السيطرة". ولم يسمح بدخول مصوري محطات التلفزيون الى الكرملين ولكن الديوان الرئاسي وزع لقطات من لقاءات الرئيس الذي بدا شاحباً ومتعباً. وكان الناطق الرسمي باسم الرئيس سيرغي ياسترجيمبسكي فند شائعات عن مرض يلتسن أو استقالته، وقال ان الرئيس "رفض بكلمات لا استطيع تكرارها" طلب البرلمان تنحيه عن السلطة، طوعاً. والتقى يلتسن امس تشيرنوميردين ورئيس مجلس الفيديرالية يغور سترويف ومحافظ موسكو يوري لوجكوف. وكان الأخيران طرحا كمرشحين لرئاسة الحكومة بدلاً من تشيرنوميردين. واكد الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف امس ان سترويف هو "الرجل المناسب" للمنصب. الا ان الثلاثة أعلنوا بعد الاجتماع اتفاقهم على "نبذ الطموحات الشخصية". وقال تشيرنوميردين ان هناك اجماعاً على ضرورة "العمل في قارب واحد ... لإزالة التوتر الذي بلغ نقطة حرجة". واضاف ان الوضع رغم صعوبته "تحت سيطرة مطلقة". وذكر انه اتخذ قرارات لوقف انهيار الروبل ومنع الخراب الاقتصادي وتقليص خسائر المواطنين بسبب الهزات المالية. ورداً على سؤال عن موعد انتهاء الأزمة قال ان ذلك مرهون بوجود "سلطة قوية". ورفض أي مواجهة مع البرلمان، لكنه دعا الى المصادقة بسرعة على تشكيل الحكومة. وقررت قيادة المجلس النيابي دعوته الى الانعقاد يوم الاثنين المقبل في أول جلسة مساءلة لتشيرنوميردين، وتوقع المحللون ان تكون نتيجتها مرتبطة بالمفاوضات الجارية حالياً مع الكتل البرلمانية على برنامج الوزارة وتشكيلها. وانجزت لجنة ثلاثية تضم ممثلين عن مجلسي النواب والشيوخ وعن السلطة التنفيذية اعداد "وثيقة الوفاق السياسي" وتضمنت بنوداً بترحيل جزء من صلاحيات رئيس الدولة الى البرلمان والوزارة. وبموجب الوثيقة يمنع الرئيس من إقالة الحكومة من دون موافقة البرلمان ويلتزم بطرح تعديلات دستورية يتنازل بموجبها طوعاً عن بعض صلاحياته. واعتبر الديوان الرئاسي هذه الوثيقة "مخالفة لمبدأ الوفاق وتعني فرضاً للآراء". ومن جانبها أكدت الاحزاب اليسارية انها تعتبر الوثيقة التي يفترض ان يوقعها يلتسن وتشيرنوميردين ورئيسا هيئتي البرلمان "مجرد اعلان". وطالب زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف بصوغ قانون بدلاً من الوثيقة، وذكر ان المعارضة ترفض طلب الكرملين في شأن تضمين "لائحة الوفاق" نصاً يمنع البرلمان من طرح حجب الثقة عن رئيس الدولة. وصيغت وثيقة ثانية تضمنت الخطوط العامة للبرنامج الاقتصادي للحكومة ولم تثر اعتراضات من الطرفين. ونصت على زيادة السيولة النقدية ووضع النظام المصرفي تحت رقابة الدولة وفرض قيود على تداول الدولار. ولاسترضاء المعارضة أعلن يلتسن امس عن إقالة عدوها اللدود اناتولي تشوبايس من منصب ممثل رئيس الدولة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية، كما قبل استقالة نائب رئيس الوزراء بوريس نيمتسوف الذي يعد من أكبر حلفاء تشوبايس. ولتأكيد عودته الى المسرح السياسي التقى يلتسن أمس نظيره البلغاري بيوتر ستويانوف وعقد اجتماعاً مطولاً مع وزير الخارجية يفغيني بريماكوف الذي قال انه اطلع يلتسن على مسودة اعلان روسي - اميركي مشترك سيوقع اثناء زيارة الرئيس بيل كلينتون الى موسكو ويتعلق بمواجهة "التحديات المشتركة للأمن في القرن 21". واكد الناطق الرسمي باسم الكرملين ان لبريماكوف "حظاً قوياً" في الاستمرار في منصبه. ولكن عودة يلتسن لم تبدد الاشاعات عن عجزه. وذكر حاكم اقليم كراسنويارسك الجنرال الكسندر ليبيد ان رئيس الدولة "تخلى عن ادارة البلد"، وأضاف ان يلتسن "يجب ان يستقيل".