يتوقع ان ترتفع ايرادات صادرات النفط لدول الخليج العربية السنة الجارية الى اكثر من 68 بليون دولار نتيجة اتفاق خفض الانتاج، إلا أن على الحكومات ان تكثف برامج التصحيح وتقلص دورها في عملية التنمية وتحرير الاقتصاد. وقال محللون اقتصاديون ونفطيون إن دخل دول مجلس التعاون الخليجي سينمو اكثر من 23 في المئة الى 68.5 بليون دولار السنة الجارية من نحو 55 بليون دولار العام الماضي، على رغم موافقتها على خفض اكثر من 900 ألف برميل يومياً بموجب اتفاق الخفض الذي توصلت اليه "اوبك" ودول منتجة اخرى في آذار مارس الماضي لامتصاص الفائض من السوق. أشار جوليان لي من "مركز دراسات الطاقة الدولي" في لندن الى ان متوسط سعر سلة نفوط "اوبك" سيرتفع نحو 20 في المئة الى 14.7 دولار للبرميل سنة 1999 من 12.3 دولار العام الماضي بسبب تقلص العرض النفطي في السوق. وذكر ان توقعات المركز تشير الى ارتفاع دخل جميع دول الخليج العربية اذ ستصل العائدات النفطية للمملكة العربية السعودية الى نحو 40.7 بليون دولار في حين ستبلغ 11 بليون دولار في الامارات العربية المتحدة ونحو 10.1 بليون دولار في الكويت و3.6 بليون دولار في قطر ونحو اربعة بلايين دولار في سلطنة عُمان غير العضو في "اوبك". وتوقع الخبراء ان يؤدي هذا الارتفاع الى انخفاض العجز في الموازنات الحكومية وموازين المدفوعات وتسارع معدلات النمو الاقتصادي، وشددوا على انه مجرد حل موقت لان الاسعار قد تعاود انخفاضها مستقبلاً. وقال الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون: "ان التحسن الأخير لأسعار النفط يتيح لدول المجلس ان تلتقط أنفاسها بعد الانخفاض الحاد في الاسعار... لكن نكرر القول إن عليها عدم المراهنة على هذا التحسن". وأضاف في اتصال مع "الحياة" انه "ينبغي على دول المجلس ان تتحرك بشكل جدي وعملي لتنمية ايراداتها وخفض الاعتماد على صادرات النفط من اجل تحقيق معدلات نمو اقتصادي قابلة للاستمرار لا تتأثر بعوامل خارجية... واعتقد ان عليها ان تنفتح أكثر على الاقتصادات الاخرى وتعطي فرصة اكبر للقطاع الخاص". وشدد الاقتصادي السعودي احسان أبو حليقة على ان من حق دول المجلس الحصول على سعر عادل ومقبول لنفطها "لأنه ثروة وطنية لكن لا بد من اتخاذ اجراءات عملية حتى لا تظل الدول تعتمد اعتماداً كلياً على النفط". وأشار ابو حليقة الى ما سماه ب"التغييرات الجذرية" في صناعة النفط الدولية وعمليات الدمج واجراءات اخرى تتخذها شركات النفط الدولية لدعم مركزها على الساحة الدولية ومواجهة المنافسة المتصاعدة. واعتبر ان هذه الاجراءات ستزيد من قوة تلك الشركات وتمكنها من توسيع سيطرتها على قطاع النفط الدولي ما "يجعلها تتحمل انخفاض اسعار النفط وتستمر في ضخ الاستثمارات في تنمية طاقات انتاجها". وقال ابو حليقة: "آمل ان تدرك دول الخليج هذه الحقيقة وتفعل شيئاً في هذا الصدد، خصوصاً ايجاد صيغة لتعاون اكبر بين شركات النفط الوطنية". واضاف: "وبالنسبة للاقتصاد، اعتقد ان هناك توجهاً في دول المجلس لتنمية الايرادات غير النفطية، لكن الأمر الأكثر أهمية هو كيفية الاستفادة من القوى العاملة الوطنية وجذب الاستثمارات. واشدد على ضرورة انفتاح الاقتصادات الخليجية وتحرير القطاعات المختلفة خصوصا قطاع الخدمات ...وعلى دول المجلس عدم الانتظار ليتم اجبارها من قبل منظمة التجارة الدولية وغيرها بل اتخاذ هذه الاجراءات كضرورة استراتيجية". وأشار ابو حليقة الى ان قطاعات عدة في دول المجلس لا تزال مغلقة امام الاستثمار في حين تفرض الحكومات قيوداً على قطاعات أخرى. وذكر ان هناك حاجة ماسة الى "تحسين قوانين الاستثمار ضمن سياسة الانفتاح الاقتصادي لان النظام الاقتصادي تغير ولا يجوز ان نبقي ابوابنا موصدة... وفي غياب هذه الاجراءات، لا يمكن استغلال امكانات القطاع الخاص الهائلة واقناع المستثمرين الاجانب بالمجيء". وتُقدر مصادر مالية مستقلة موجودات القطاع الخاص الخليجي في الخارج باكثر من 500 بليون دولار مُعظمها مستثمر في الدول الغربية على شكل ودائع مصرفية وعقارات واسهم وسندات. وجاء في تقرير غربي اخير ان الدول العربية كانت اقل جذباً للاستثمار في الاعوام الاخيرة اذ لم تتجاوز حصتها واحداً في المئة من اجمالي رؤوس الاموال التي تدفقت الى الدول النامية في الاعوام الخمسة الماضية.