تتجه دول الخليج إلى اجراء مزيد من خفض انتاجها النفطي لدعم الأسعار، لكنها تفضل الانتظار لاعطاء السوق فرصة كافية لاستيعاب قرارات الخفض السابقة. وقال الخبير السعودي إحسان أبو حليقة إن المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المنتجة الرئيسية دخلت في "جولات خفض لرفع أسعار النفط ومن الواضح أنها على استعداد لدخول جولة ثالثة ورابعة إذا ما بقيت الأسعار ضعيفة". وأضاف في اتصال مع "الحياة" ان تلك الدول، خصوصاً في الخليج، "تحبذ الانتظار لإعطاء وقت كافٍ للمستهلك في السوق الدولية لاستيعاب قرارات الخفض، لأن اجراء خفض آخر يعني زيادة حصة الدول المنتجة الأخرى على حساب منظمة أوبك، خصوصاً دول الخليج". وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط قررت خفض انتاجها مرتين السنة الجارية بمقدار 6،2 مليون برميل يومياً لإزالة الفائض من السوق بعد وصول الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ نحو 10 أعوام. لكن الأسعار لم تشهد تحسناً كبيراً، إذ ظلت تراوح بين 12 و14 دولاراً للبرميل، وهو مستوى أقل بكثير من سعر 21 دولار المستهدف من "أوبك". وأعلن وزير النفط الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح السبت الماضي ان على "أوبك" اجراء خفض جديد في انتاجها، قدره بنحو مليون برميل يومياً، في اجتماعها في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، إذا لم ترتفع الأسعار إلى 17 دولاراً للبرميل. وقال السيد أبو حليقة "يبقى الخفض احتمالاً وارداً في حال عدم استجابة السوق للقرارات السابقة وبقاء الأسعار على مستوياتها الحالية". وتوقع خبير آخر تأييد دول الخليج لعملية خفض جديدة إذا لم ترتفع أسعار النفط في الربع الأخير من السنة عندما يبدأ الطلب الموسمي بالارتفاع. لكن رئيس الدائرة الاقتصادية في "مجموعة الشرق الأوسط للاستثمار" هنري غرام شدد على ضرورة "التزام الدول المنتجة الاتفاقات الأخيرة ولو نسبياً لخفض الفائض من السوق". وتحملت الدول المنتجة الرئيسية في الخليج، وهي السعودية والإمارات والكويت، العبء الأكبر في عملية الخفض، نظراً لضخامة انتاجها وسياستها المعلنة بالدفاع عن الأسعار لضمان ايرادات معقولة في مواجهة الاحتياجات التنموية المتزايدة على رغم ان ذلك يعني انكماش حصتها في السوق النفطية. وتوقع تقرير لدار الوساطة "درسدند كليبورت بنسون" في لندن أن تتحسن أسعار خام القياس برنت قليلاً في الربع الأخير من السنة، لكن المتوسط السنوي للأسعار لن يزيد على 5،14 دولار للبرميل، وهو أدنى معدل منذ انهيار الأسعار عام 1988. وقال بول سبرلينغ من دار الوساطة ل "الحياة": "افترضت على أساس التزام نسبي من الدول المنتجة قرارات خفض الانتاج"، مشيراً إلى أنه لم تظهر حتى الآن "بوادر على خفض كبير في الانتاج". وتوقع غرام تباطؤاً شديداً في اقتصادات دول الخليج السنة الجارية بسبب ضعف اسعار النفط، لكنه قال: "إن ذلك لن يكون كارثة لتلك الدول لأن أداء القطاع الخاص كان جيداً نسبياً في النصف الأول من السنة وهناك اجراءات لخفض الانفاق لإبقاء عجز الموازنة تحت السيطرة". وأضاف: "قد يكون الوضع في سوق النفط الآن جيداً من جهة أنه سيؤدي إلى تسريع عمليات إعادة هيكلة الاقتصاد في دول الخليج، وحضها على تخفيف الاعتماد على صادرات النفط". وتكهن غرام بأن يراوح متوسط سعر "سلة أوبك" بين 12 و13 دولاراً للبرميل، ما يعني ان ايرادات دول مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والكويت وقطر وعُمان والبحرين ستنخفض بأكثر من 30 بليون دولار إلى نحو 52 بليون دولار.