انخفضت الايرادات النفطية لدول الخليج العربية بأكثر من سبعة بلايين دولار في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية لكن ذلك لم يؤثر على القطاعات غير النفطية التي استمرت بالنمو نتيجة التوسع الكبير في استثمارات القطاع الخاص. وقدرت مصادر اقتصادية خليجية انخفاض الدخل النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي بنحو 7.4 بليون دولار على أساس صادرات نفطية بلغت نحو 12.4 مليون برميل يومياً وفرق سعري بلغ نحو 5 دولارات اذ قُدر معدل سعر سلة "اوبك" في الأشهر الأربعة الأولى من 1998 بنحو 12.5 دولار في مقابل 17.5 دولار خلال الفترة نفسها من عام 1997. وقال خبير اقتصادي "يمكن أن تزداد الخسائر في الفترة المقبلة إذا لم يطرأ تحسن على أسعار النفط وهذا بالطبع سيؤثر على النمو لأن حكومات دول المجلس قد تضطر الى إبقاء المصاريف تحت مستوى المعدل المقدر". ولا تزال أسعار النفط تراوح مكانها منذ أن فقدت أكثر من 40 في المئة في الأشهر الستة الماضية بسبب الفائض الكبير في السوق على رغم قرار منظمة "أوبك" والدول المنتجة الأخرى خفض الانتاج بأكثر من 1.5 مليون برميل يومياً. وأشار وزراء نفط خليجيون في الفترة الأخيرة الى امكانات اجراء مزيد من الخفض في الانتاج لدعم الأسعار التي قد تشهد مزيداً من التدهور في الفترة المقبلة بسبب تراجع الطلب على النفط في فترة الصيف. وخلافاً للسنة الجارية بلغت أسعار النفط في العامين الماضيين أعلى مستوى لها منذ انتهاء الفورة النفطية بداية الثمانينات حين وصل معدلها الى 20.2 دولار عام 1996 و18.9 دولار عام 1997 مما رفع ايرادات دول المجلس بأكثر من 15 بليون دولار ودفع باقتصادها الى واحد من أعلى المستويات في تاريخها. وأكد خبراء اقتصاديون ان السعودية والكويتوالاماراتوعمانوقطر والبحرين لم تلجأ حتى الآن الى السحب من احتياطها النقدي لأن مستواه لم يتغير منذ بداية 1998 مما يدل على أن هذه الدول لجأت الى ضبط الانفاق تحسباً لمزيد من الانخفاض بأسعار النفط ولمنع تفاقم العجز في موازناتها. لكن الخبراء أكدوا بأن ذلك لم يؤثر بشكل كبير على نمو القطاعات غير النفطية مشيرين الى أنها نمت خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة وستواصل نموها خلال السنة بسبب التوسع في القطاع الخاص وقطاعات التجارة والتشييد والصناعات الخفيفة والخدمات خصوصاً قطاع الكهرباء والاتصالات. وفي دراسة أعدها رئيس القسم الاقتصادي مساعد المدير العام للبنك الأهلي السعودي هنري عزام توقع انخفاض اجمالي الناتج المحلي لدول المجلس بشكل طفيف ليصل الى 251.8 بليون دولار سنة 1998 من 255.2 بليون دولار العام الماضي. لكنه أوضح بأن هذا الانكماش يعتبر أسمياً نظراً لتراجع الأسعار النفطية مشيراً الى أن الوضع سيختلف إذا ما أخذت معدلات النمو الحقيقي في عين الاعتبار. وقدرت الدراسة الانخفاض الاسمي في الناتج السعودي الى نحو 142.6 بليون دولار من 145.6 بليون دولار في حين سيتراجع في الامارات من 48 بليون دولار الى 47.3 بليون دولار وفي الكويت من 31.8 بليون دولار الى 31.4 بليون دولار. وفي قطر من المتوقع ان يرتفع الناتج من 9.4 بليون دولار الى 9.6 بليون دولار وفي عمان من 14.8 بليون دولار الى 15.1 بليون دولار والبحرين من 5.52 بليون دولار الى 5.57 بليون دولار. وأشار الخبير الاقتصادي السعودي احسان أبو حليقة الى ان التوسع في القطاعات الأخرى في دول المجلس سيكون كافياً لتعويض تدهور الايرادات النفطية التي لا تزال تشكل أكثر من ثلثي الدخل الاجمالي لاقطار المجلس. وقال: "طبعاً هناك مشكلة انخفاض أسعار النفط لكنها ليست كارثة". وتوقع ان يكون هناك تباطؤ في النمو بشكل عام لكنه رفض مقولة ان يحدث انكماش لأن هناك قطاعات تسجل نمواً مرتفعاً. وكانت دول المجلس توقعت أسعار نفط مرتفعة بداية السنة مما دفعها الى زيادة الانفاق مع ضمان السيطرة على العجز الذي قدر بنحو 11.3 بليون دولار. وأدى ارتفاع الأسعار العام الماضي وجهود دول المجلس لاحتواء العجز ضمن اصلاحات اقتصادية شاملة الى انخفاض حاد في العجز الفعلي الى نحو 309 ملايين دولار في مقابل عجز مقدر بلغ أكثر من تسعة بلايين دولار. ووصل العجز الى ذروته عام 1991 حيث بلغ 57.8 بليون دولار بسبب المبالغ الطائلة التي انفقتها الدول الأعضاء خلال أزمة الخليج.