يُتوقع ان يؤدي تحسن اسعار النفط بعد قرار "اوبك" خفض الانتاج الى تخفيف الضغط على اقتصادات دول الخليج العربية السنة الجارية، ما يحتم عليها مواصلة برامج التصحيح الاقتصادي لتنويع مصادر دخلها وموازنة حالة عدم الاستقرار المزمنة في سوق النفط. وقال الخبير السعودي احسان ابو حليقة ان اسعار النفط ستواصل ارتفاعها في اعقاب الاتفاق الاخير بين اعضاء "اوبك" ودول منتجة اخرى لخفض الانتاج 1.2 مليون برميل يوميا لامتصاص الفائض من السوق. وتوقع السيد ابو حليقة في اتصال مع "الحياة" ان تلتزم معظم دول "اوبك" الاتفاق الاخير ما سيدعم اسعار النفط بشكل كبير. وقال: "بالتأكيد سيدعم ذلك اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ويخفف الضغط على اقتصاداتها وموازناتها وموازين مدفوعاتها لأن اكثرية هذه الدول افترضت اسعار نفط منخفضة للسنة المالية الجارية". واضاف ابو حليقة: "لكن السؤال هو: هل هذا هو الحل وهل سيخرجها من ازمتها المالية والاقتصادية...اعتقد ان الجواب هو كلا لأن معظم هذه الدول يعاني من مشاكل اقتصادية حادة ويرزح تحت وطأة الديون الداخلية والخارجية ما يتطلب تكثيف الاصلاحات الاقتصادية وليس انتظار تحسن موقت في اسعار النفط". وافترضت دول مجلس التعاون الخليجي اسعار نفط منخفضة للسنة الجارية راوحت بين ثمانية و 12 دولاراً للبرميل. وجاءت هذه التوقعات بعد ان استمرت اسعار النفط بالانخفاض في الربع الاخير من العام الماضي لتصل الى ادنى مستوى لها منذ 20 عاماً بالاسعار الحقيقية بسبب تراكم الفائض النفطي بعد ارتفاع انتاج "اوبك" والدول النفطية الاخرى. ودفعت هذه التطورات بدول المجلس الى تقليص الانفاق لمنع تفاقم العجز في الموازنة بعد تجربتها المؤلمة العام الماضي عندما وصل متوسط اسعار النفط الى نحو 12.8 دولار للبرميل مقابل اكثر من 18 دولاراً عام 1997 و20 دولاراً عام 1996. وعانت السعودية اكثر من غيرها بسبب ارتفاع حاجات التنمية والنمو السريع في سكانها اذ تضاعف العجز في موازنتها بنحو ثلاث مرات ليصل الى 12.7 بليون دولار اي نحو تسعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وتوقعت مجلة "ميد" ان يرتفع العجز في الحساب الجاري للمملكة الى نحو 14 بليون دولار السنة الجارية من 13 بليون دولار العام الماضي الا ان السيد ابو حليقة تكهن بانخفاضه بعد اتفاق "اوبك" الاخير. وقال: "على رغم خفض الانتاج في السعودية سيؤدي ارتفاع الاسعار الى تقليل العجز الداخلي والخارجي اي الموازنة والحساب الجاري". وعن معدل النمو في الاقتصاد السعودي رأت "ميد" انه "سيعتمد على التطورات في اسعار النفط اذ تتوقع مصادر مستقلة ان ينخفض اجمالي الناتج المحلي بنحو 3.5 في المئة بالقيمة الحقيقية في حال بقاء اسعار النفط ضعيفة". وكانت هناك توقعات قبل اتفاق "اوبك" بانخفاض عائدات دول مجلس التعاون الخليجي السنة الجارية الى ما دون 60 بليون دولار على اساس سعر 12 دولاراً للبرميل ومعدل انتاج مواز للعام الماضي. لكن ابو حليقة قال: "ان الصورة تغيرت الان اذ ان ارتفاع الاسعار المتوقع سيُعوض انخفاض الانتاج في دول المجلس ما سيرفع الايرادات المتوقعة...لكن اعود واقول ان هذا ليس حلاً لان المشكلة التي تواجهها دول المجلس حقيقية وتحتاج الى حل حقيقي وليس حلاً موقتاً".