في الوقت الذي تستعد جنرال موتورز لمنح فرعها "ديلفي" Delphi المتخصص في صناعة قطع السيارات وأنظمتها إستقلاليته Spinoff بتوزيع بقية أسهمها منه نحو 80 في المئة، وقيمتها 8.7 بليون دولار/ 2.7 بليون يورو على حملة إسهمها في 28 أيار مايو الجاري، أعلنت فورد موتور كومباني الثلثاء الماضي نية فرعها المتخصص في القطاع ذاته، فيستيون Visteon، شراء القسم المغذّي لصناعة السيارات في شركة بلاستيك أومنيوم Plastic Omnium الفرنسية المعروفة في صناعة البلاستيكيات المتطورة. وعند إتمام شراء فرع الشركة الفرنسية لقاء نحو 491 مليون دولار 458 مليون يورو أواخر حزيران يونيو المقبل، تحصل فيستيون على أحد أهم منتجي لوحات القيادة والبلاستيكيات المتطوّرة في أوروبا. فليست بلاستيكيات المصدّات هي الأهم في إنتاج بلاستيك أومنيوم، بل تحديداً رغوات وبلاستيكيات لوحات القيادة ذات هوامش الربح المتزايدة بفضل هجمة العناصر الإلكترونية إليها وقيمتها الزائدة أعلى من هوامش البلاستيكيات البسيطة. ومع فرع بلاستيك أومنيوم الذي بلغت مبيعاته العام الماضي من فروعه في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا نحو 450 مليون دولار 419 مليون يورو، تحصل فيستيون أيضاً على زبائن الشركة الفرنسية الذين يشملون فولكسفاغن وبيجو/سيتروان ورينو ونيسان وهوندا وفيات، كما تنمو مبيعات فيستيون الأوروبية 17 في المئة لتبلغ قيمتها السنوية، حسب أرقام 1998، نحو 1.3 بليون دولار 89.2 بليون يورو. بذلك تقترب فورد خطوة إضافية من هدفها المعلن منذ حوّلت هوية فرعها المختص بإنتاج قطع السيارات وأنظمتها، من "عمليات فورد لمنتوجات صناعة السيارات" Ford Automotive Products Operations الى "فيستيون" في 8 أيلول سبتمبر 1997. فالهدف المُعلن آنذاك كان إخراج فيستيون من تبعيته التامة لفورد، وإيصال حجم أعماله مع صانعي السيارات الآخرين الى 20 في المئة على الأقل... قبل إطلاقه من مجموعة ليصبح مستقلاً عنها. وهنا يلعب فرع بلاستيك أومنيوم دوراً مهماً إذ يرفع نسبة أعمال فيستيون خارج مجموعة فورد الى 21 في المئة في أوروبا، والى 11 في المئة عالمياً بقيمة 9.1 بليون دولار، أو 77.1 بليون يورو، ما يقوّي فرص نمو الشركة مستقلة فور إنفصالها. طبعاً، ليست صفقة بلاستيك أومنيوم أولى خطوات فورد في تمتين فيستيون تحضيراً لإطلاقها، إذ إشترت لها أيضاً "زكسل إنوفايشن" Zexel Innovation الأميركية المتخصصة بأنظمة الملاحة الإلكترونية، و"بابا" PABA المتخصصة في إنتاج وتوزيع أجهزة التكييف والتدفئة، إضافة الى إقامة عدد من المشاريع المشتركة مع مايكروسوفت وإنتل لإنتاج أنظمة ضبط وإتصالات وشرائح إلكترونية للسيارات ضمن شبكة إتصالات وتنقل أشمل من السيارة في حد ذاتها، ومع نينتندو لتطوير وسائل تسلية لركاب المقاعد الخلفية في السيارة وغيرها. ديلفي وفيستيون وبينما ستحتاج ديلفي، أكبر مورّد قطع في العالم، الى بعض الوقت للتحوّل من "مورّد جنرال موتورز"، الى صانع الأنظمة الميكانيكية والإلكترونية المستقل، تمنح فورد فرعَها فيستيون ثاني مورّدي القطع عالمياً، أمام جونسون كونترول الأميركية أيضاً فرص نجاح أكبر تظهر من اليوم في عمليات لا تهدف الى تكبير حجم الشركة الأم، بل الى تغذية فيستيون بالخبرات وحصص الأسواق العالمية عبر شراء الشركات المتخصصة في كل من المجالات التي تهمها. دواعي الإطلاق ويعكس مشروعا جنرال موتورز وفورد في إطلاق فرعيهما المورّدين للقطع، فكرة واحدة ولو إختلفت الأساليب. ففوائد إطلاق ديلفي وفيستيون تبدأ من إيلاء قسم متزايد من مسؤوليات تصميم أنظمة السيارة وقطعها الى المورّدين الخارجيين. وعدا عن تصريحات حرص جنرال موتورز على تحرير ديلفي لمنحها فرص إنتزاع العقود من صانعين آخرين، تعكس خطوة الجنرال قبل أي شيء آخر بحثه عن حميّة تخفف سمنته المزمنة. فإخراج ديلفي يمنح جنرال موتورز أوراقاً تفاوضية قوية على أسعار القطع والأنظمة، مع ديلفي وغيرها، كما يخفف في الوقت ذاتها أعباء نقابات العمّال عنها. وفي النظر الى خسارة ديلفي وحدها 450 مليون دولار في إضراب عمّال جنرال موتورز الصيف الماضي، يمكن فهم تفاني الجنرال في الإسراع ب"تحرير" ديلفي. وليست جنرال موتورز وفورد الشركتين الوحيدتين الراغبتين في زيادة حصة المورّدين في تصميم القطع والأنظمة من البداية حتى إشراكهم في عملية التجميع بعمّالهم هم عمّال الموردين لدى صانع السيارات، بل هو توجّه عام ظاهره ديناميكي ويرمي الى زيادة توزيع حصص العمل على السيارة بين الإختصاصات المختلفة، وتسريع تطوير الموديلات وخفض كلفتها، ومضمونه إقتصادي لأن رواتب عمّال المورّدين أدنى من رواتب عمّال الصانعين، وزيادة حصة المورّد تعني عملياً خفض كمية عمل ذوي الرواتب العالية، وزيادتها لدى المورّدين. ومع حملات الدمج السائرة في الصناعات المغذّية، يتوقّع تزايد حجم أعمال المجموعات المتبقية واستمرار هبوط كلفة القطع والأنظمة. بل هناك أيضاً بُعدٌ سياسي وإجتماعي في إخراج المورّد من مجموعة الصانع. فبينما يثير عادة تسريح صانعي السيارات لعمّالهم ضجّة سياسية كبيرة في أي بلد، وينال من صورة الصانع لدى الجمهور مع أنه يقوّي قيمة أسهمه في البورصات أحياناً، لا يحظى تسريح عمّال المورّدين بالشعبية ذاتها لدى وكالات الأنباء والصحف ووسائل الإعلام وحتى في ذاكرة الجمهور عموماً. مشروع فورد وتبدو فورد مرتاحة جداً في تنفيذ مشروع إطلاق فيستيون. فبينما بلغت أرباح ديلفي العام الماضي 370 مليون دولار، أو 3.1 في المئة من مبيعات ب 4.28 بليون دولار، ربحت فيستيون 712 مليون دولار، أو 4 في المئة من مبيعات بلغت 8.17 بليون دولار. وفي الوقت ذاته، تواصل فورد تنفيذ الخطة التي أعلنها رئيسها جاك نصر، والرامية الى التحوّل من صانع سيارات الى منتج لوسائل التنقل الإستهلاكية وخدماتها. فقبل شراء فرع بلاستيك أومنيوم، أعلنت فورد أيضاً شراء كويك فيت البريطانية، وهي شبكة خدمات صيانة سريعة ورخيصة للسيارات المستعملة، وتضم 1900 مركز منتشرة في بريطانيا وفي عدد من دول أوروبا القارية تحت أسماء مختلفة، لقاء 6.1 بليون دولار 49.1 بليون يورو. وقبل كويك فيت إشترى الصانع الأميركي قسم السيارات السياحية لدى فولفو لقاء 45.6 بليون دولار 6 بلايين يورو لتشمل ماركات المجموعة الأميركية اليوم كلاً من فورد وميركوري ولنكولن وجاغوار وأستون مارتن، إضافة الى 34 في المئة من مازدا. وتندرج خطوات فورد بالتالي ضمن إستراتيجية تحويلها فعلاً الى مجموعة منتجة لوسائل التنقل والخدمات المرفقة بها، لبلوغ المستهلك شراء وإستئجاراً، صيانة وإقتراضاً، عملاً وتسلية، وإن كانت سيارته جديدة أو مستعملة عمرها عشر سنوات عبر خدمات الصيانة السريعة. صانعو القطع والأنظمة الثلاثة الأوائل في العالم 1998 * ديلفي: مبيعات 4.28 بليون دولار، أرباح 370 مليون دولار 3.1 في المئة من المبيعات. عدد عمّالها وموظّفيها 198 ألفاً في 36 بلداً، منهم 46 ألف نقابي في الولاياتالمتحدة. * فيستيون: مبيعات 8.17 بليون دولار، أرباح 712 مليون دولار 4 في المئة من المبيعات. عدد عمّالها وموظّفيها في العالم: 77 ألفاً في 21 بلداً. * جونسون كونترولز: مبيعات 58.12 بليون دولار، أرباح 7.302 مليون دولار 4.2 في المئة من المبيعات. عدد عمّالها وموظّفيها في العالم: 90 ألفاً.