على رغم من عدم توافر معلومات وإحصاءات أكيدة حتى لحظة كتابة هذه السطور تتعلق بمعدلات الإنتاج الإجمالية للصانعين في عام 2010، إلا أنه من دون شك، يمكن القول إن العام المنصرم شهد انتعاشاً حقيقياً لصناعة السيارات، مع تأكيد المراقبين على أن حجم الإنتاج العالمي سيبلغ معدلات عام 2008، أي أكثر من 53 مليون وحدة، في مقابل تراجع العام الماضي بنسبة 13.5 في ( بيع نحو 48 مليون وحدة)، والسبب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها أواخر عام 2008. وفي أسواق كبيرة شأن الأميركية، زاد حجم الإنتاج الأميركي بنسبة 38.7 في المئة، ليبلغ 7,168,855 وحدة في الفترة الممتدة بين كانون الثاني (يناير) وتشرين الثاني (نوفمبر). في المقابل، بلغت المبيعات 10,444,044 سيارة (حتى 30 تشرين الثاني)، ما يعني زيادة مقدارها 15 ألف سيارة مقارنة بإجمالي عدد السيارات المباعة في عام 2009 بكامله! وفي أوروبا، شهدت مبيعات الصانعين تراجعاً طفيفاً مقارنة بعام 2009، والسبب عائد لإلغاء السياسات التحفيزية التي تنتهجها الحكومات لتسريع وتيرة المبيعات. أما في الصين، بوصفها السوق الأكبر للسيارات في العالم لجهة حجم الإنتاج والمبيعات، فتؤكد المؤشرات ارتفاع مبيعاتها 17 في المئة ( بيع 16 مليون وحدة)... تنامت حصص صُنّاع ديترويت في سوقهم المحلية أخيراً، ما يدل على تعافي الصانعين الأميركيين. وفي هذا الإطار، وخلال الربع الأول من عام 2010، بلغت الحصة السوقية لجنرال موتورز 19,2 في المئة في السوق الأميركية، يليها فورد بنسبة 17,3 في المئة، في حين حلت تويوتا في المركز الثالث بنسبة 15,1 في المئة. ولكن بعد انقضاء 11 شهراً، أكدت الإحصاءات بيع الماركات الأجنبية 5,7 مليون وحدة، أي بزيادة مقدارها 8,9 في المئة مقارنة بعام 2009، علماً أنه في تشرين الثاني وحده، زادت حصة الماركات الأجنبية في السوق المحلية لتبلغ 55,3 في المئة، مقارنة ب 54,6 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر). جنرال موتورز ارتفعت مبيعات جنرال موتورز، تحديداً الماركات الأربع: شيفروليه وبويك وجي إم سي وكاديلاك، بنسبة 22 في المئة حتى شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، كما استعادت المجموعة ذاكرة الأرباح في الربع الأول من عام 2010، وذلك للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام، من خلال تسجيل أرباح صافية تُقدّر ب 865 مليون دولار، قبل أن تسجل أرباحاً مماثلة في الربع الثاني مقدارها 1,6 بليون دولار، وأيضاً في الربع الثالث مقدارها 2,1 بليون دولار. وفي شأن آخر، قامت الحكومة الأميركية، بوصفها تمتلك حصة الغالبية في أسهم جنرال موتورز، بأكبر طرح عام أولي في تاريخ البلاد اعتباراً من 17 تشرين الثاني، بعدما جمعت 20,1 بليون دولار من جراء بيع 478 مليون سهم عادي بسعر 33 دولاراً للسهم الواحد، علماً أن الحكومة الأميركية باعت نحو نصف حصتها في صانع ديترويت الأكبر في ذلك الطرح العام الأوّلي، وإن ظلّت أكبر حامل للأسهم في جنرال موتورز بحيازتها 33 في المئة منها. ووفقاً ل «كريس ليدل»، المدير المالي للمجموعة، فإن المستثمرين الأميركيين اشتروا نحو 90 في المئة من الأسهم المطروحة في الطرح العام الأوّلي، وذلك على رغم اهتمام صناديق وهيئات استثمارية عالمية ثرية، إلا أن الأسهم المخصصة لها كانت محدودة للغاية. وفي هذا السياق، اشترى شريك جنرال موتورز في الصين، شركة شنغهاي لصناعة السيارات SAIC، نسبة تقل عن واحد في المئة من أسهم جنرال موتورز، في حين اشترى الأمير السعودي الوليد بن طلال ما مقداره 1 في المئة أيضاً، في استثمار مقداره 500 مليون دولار. كما أغلقت جنرال موتورز في مطلع عام 2010 عمليات إنتاج علامتها المتخصصة في تصنيع السيارات الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدامات «هامر»، لتلحق ببونتياك وساتورن التي كانت أغلقت عملياتهما عام 2009. كرايسلر قلّصت مجموعة كرايسلر خسائرها الصافية بمقدار النصف في الربع الثالث من عام 2010، كما استعادت جزءاً من حصتها السوقية، وذلك بفضل إطلاق موديلها الجديد جيب غراند شيروكي. وكانت كرايسلر أفادت بأنها سجّلت خسائر صافية مقدارها 84 مليون دولار في الفصل الثالث من العام، مقارنة بخسائر كبيرة تبلغ 172 مليوناً في الفصل الثاني، كما أن العوائد الصافية زادت بمقدار 5,2 في المئة مقارنة بالربع الثاني من العام، لتبلغ 11 بليون دولار. يُذكر أن كرايسلر أشهرت إفلاسها عام 2009 قبل أن تدخل في تحالف مع الصانع الإيطالي فيات، الذي اشترى 20 في المئة من أسهمها، على أن يزيد حصته إلى 35 في المئة ثم إلى 51 في المئة، أي حصة الأغلبية لاحقاً. فورد في الربع الأول من عام 2010، سجّلت فورد أرباحاً قياسية مقدارها 2,1 بليون دولار، ضاربة بتوقّعات أكثر المراقبين المتفائلين بأوضاعها عرض الحائط. كما حققت 2,6 بليون دولار أرباحاً أخرى في الربع الثاني من 2010، ما يُعد خامس فصل على التوالي تُسجّل فيه الشركة أرباحاً. لذا، يتوقع المراقبون أن تنهي فورد عام 2011 وفي حوزتها سيولة نقدية تفوق ديونها. وكانت فورد سجلت خسائر صافية في عام 2008 قُدرت بنحو 6,9 بليون دولار. لكن، على رغم التحسن في الأداء التشغيلي، لا تزال ترزح تحت عبء الديون، حيث إنها الوحيدة بين صُنّاع ديترويت التي لم تطرق أبواب الحكومة الأميركية طلباً للمساعدة المالية، أو حتى تضطر للجوء إلى خيار الإفلاس لإعادة هيكلة أعمالها. وبناء عليه، تمثل الخيار الوحيد في تقليص علاماتها المنضوية تحت جناحها، حيث باعت أخيراً فولفو السويدية للصانع الصيني جيلي، مكمّلة عملية انفراط عقد مجموعتها النخبوية المترفة التي كانت تضم أستون مارتن وجاغوار وأيضاً لاندروفر، كما أنها أغلقت رسمياً عمليات فرعها ميركوري في أواخر عام 2010. الأوربيون... بين بين شهدت السوق الأوروبية بيع نحو 4,370,816 وحدة في الربع الأول من عام 2010، أي بزيادة مقدارها 34 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2009. ولا تزال ألمانيا السوق الأوروبية الأكبر من خلال إنتاج 1,4 مليون سيارة في الفترة السابقة ذاتها، بزيادة مقدارها 33 في المئة مقارنة. كما سجلت السوق البريطانية ارتفاعاً كبيراً في حجم الإنتاج بلغ 72,7 في المئة. وبخلاف بلدان أوروبية، شأن فنلندا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا، سجلت باقي الأسواق نمواً في الإنتاج في الفصل الأول مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2009. وتفصيلاً، قاربت مبيعات فولكسفاغن نحو 7 ملايين وحدة في مقابل 6,29 مليون وحدة تقريباً عام 2009. واشترت فولكسفاغن مطلع العام المنصرم نسبة 19.6 في المئة من أسهم الصانع الياباني سوزوكي، لتُصبح تحت جناحيها العلامات التالية: سيات، أودي، سكودا، بينتلي، لامبورغيني، بوغاتي، سكانيا، وأخيراً بورشه وسوزوكي. كما استحوذت فولكسفاغن على 90,1 في المئة من حصة أسهم مكتب التصميم الإيطالي «إيتال ديزاين جيوجيارو» الشهير، بما في ذلك اسم المكتب والحقوق المتعلقة به وكذلك براءات الاختراع، كما حاولت أن تٌقيم تحالفاً مع بروتون الماليزية لكن المحادثات باءت بالفشل. واللافت أن الصانعين الألمان يسجلون تراجعاً في سوقهم المحلية حيث بيعت تقريباً 2,9 مليون وحدة في عام 2010. ويحققون في المقابل مبيعات قياسية في أسواق ناشئة شأن البرازيل والصين والهند. وكانت أودي نجحت في تسليم 983,453 وحدة عالمياً في الشهور التسعة الأولى من عام 2010، ما جعلها تسجّل زيادة مقدارها 17,6 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2009. أما الصانع البافاري «بي إم في»، والذي يُرجِّح المراقبون أن تتزايد مبيعاته بنهاية عام 2010 بنسبة 10 في المئة، فقد نجح في تسليم 315,614 وحدة عالمياً في الربع الأول من عام 2010، مقارنة بتسليم 277,654 وحدة في الربع الأول من عام 2009. وفي عام 2010 ايضاً، أعلن كل من تحالف «نيسان- رينو» من جانب، و «دايملر» الألمانية من جانب آخر، عن شراكة جديدة تجمع الشركات الثلاث، على أن تستحوذ كل واحدة منها على أسهم متبادلة بقيمة 3,1 في المئة، مع العمل معاً على تطوير سيارات مدمجة، ومحركات وشاحنات خفيفة. كما تدرس الشركات حالياً مجالات أخرى للتعاون المستقبلي، تتضمن مشاركة المكوّنات بين مرسيدس- بنز وإنفينيتي، مع العمل سوياً في الولاياتالمتحدة والصين واليابان. ووفقاً للاتفاق المبرم، تحصل دايملر على 3,1 في المئة من أسهم رينو ونيسان، بينما تحصل كل من رينو ونيسان على حصة مقدارها 1,55 في المئة من أسهم دايملر، في حين تتراجع حصة رينو في نيسان من 44,3 إلى 43,2 في المئة. وبالانتقال إلى تحالف «بيجو-سيتروين»، والذي يُعد ثاني أكبر صانع أوروبي للسيارات، فقد رفع سقف توقعاته أخيراً في شأن أرباحه التشغيلية بعدما فاقت حاجز ال 1,5 بليون يورو المستهدف، كما سجّل ارتفاعاً في المبيعات في الربع الثالث من عام 2010 يقدّر ب 10,3 في المئة، بقيمة 13 بليون يورو، متفوقاً على معدل المبيعات المستهدفة الذي كان يُقدّر ب 12,13 بليون يورو. الآسيويون في ازدهار بالنسبة لصناعة السيارات في آسيا، وتحديداً في الصين، يتوقّع المراقبون ارتفاع إجمالي المبيعات في الصين بمقدار 17 في المئة متخطية حاجز ال 16 مليون وحدة. وعلى صعيد آخر، شهد عام 2010 حدثاً هاماً يتعلق بالسوق الصينية، حيث أُجبرت هوندا اليابانية على تعليق عمليات الإنتاج بمصانعها الصينية بسبب إضراب للعمال في أحد مصانع مورّديها، الأمر الذي انتشر كالنار في الهشيم في سلسة إنتاج الصانع الياباني ككل. وكان أكثر من 1800 عامل في مصنع هوندا «فوسهان» المتخصص في علب التروس بمقاطعة غوانغدونغ، أعلنوا الإضراب منتصف عام 2010 مطالبين برواتب أعلى، ما أدى إلى توقف العمل التصنيعية في وحدات الانتاج في غوانغدونغ وووهان (وسط). واضطرت هوندا بالتالي إلى رفع أجور العمال بنسبة 24 في المئة. في المقابل، يعيش تحالف هيونداي-كيا أفضل عصوره، إذ استحوذ بفضل موديلاته ذات عروض الكفالة الكبيرة والفئات السعرية المغرية، على حصة كبيرة في السوق الأميركية، حيث زادت مبيعات هيونداي بنسبة 6 في المئة، وكذلك كيا بنسبة 8 في المئة. وبالتالي قفز هذا التحالف إلى المركز الرابع عالمياً في قائمة أكبر صانعي السيارات، متفوقاً على فورد، وخلف كل من تويوتا وجنرال موتورز وفولكسفاغن. وأعلن الصانعان اليابانيان نيسان وميتسوبيشي في أواخر عام 2010 عزمهما تعميق الروابط التجارية بعضهما مع بعض، عبر إنشاء مشروع مشترك لسيارة مُدُنية مُدمجة في اليابان، من أجل ترشيد الإنفاق وتعزيز التنافس في صناعة السيارات العالمية. وفي هذا السياق، ستوفر نيسان فان واغن لميتسوبيشي في السوق اليابانية المحلية، بينما ستوفر ميتسوبيشي لنيسان سيارة ترفيهية رياضية متعددة الاستخدامات SUV في أسواق الشرق الأوسط. كما يبحث الجانبان إمكان توفير نيسان لميتسوبيشي موديلات في قطاع السيارات الكبيرة في السوق اليابانية أيضاً. وفي السوق الهندية، لم تحقق نتائج تاتا الآمال المرجوة. فقد شهد عام 2010 طرح أرخص طراز تجاري في العالم، وهو الموديل تاتا نانو في السوق المحلية. ولكن، بسبب تأخير في الإنتاج وشكوك تحوم حول سلامة الركاب، انخفضت مبيعات نانو، على رغم البداية الواعدة للغاية، لاسيما مع تلقي حجوزات مسبقة تقدر ب 200 ألف حجز، قبل إطلاق السيارة المُدُنية رسمياً في عام 2009. فقد تراجعت المبيعات في الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2010. فمثلاً بيعت 509 سيارات نانو في تشرين الثاني الماضي مقارنة ب9000 آلاف وحدة في تموز (يوليو) 2010. www.carsandspeed.com